محسن الزغلامي طبعا، لا جدال في أن الدعوة الى ضرورة توحيد الصف الوطني وتظافر الجهود من أجل الوقوف في وجه كل محاولات المساس بالسلم الأهلي والاجتماعي والتصدي لجميع مظاهر الفوضى والعنف وتعكير صفو الأمن العام ومحاولات ارباك السير العادي لمؤسسات الانتاج والمصالح الادارية وعرقلة أو تعطيل مسار الانتقال الديمقراطي هي دعوة - لافقط - مشروعة بل وتمثل - اليوم - حاجة ملحة وضرورة وطنية تاريخية يجب على الجميع العمل على توفيرها... ولكن يبقى مطلوبا أيضا - وبالمقابل - التحلي بأقصى درجات الوعي الوطني حتى لا تتحول هذه الدعوة - كما قد تريد لها بعض جيوب الردة ربما - الى "مدخل" للنكوص أو للالتفاف على الثورة أو لضرب بعض المكاسب الحاصلة وبخاصة منها الحقوق الأساسية للمواطن وأصناف الحريات الفردية والعامة التي استرجعها الشعب لنفسه بفعل ثورته الشجاعة على دولة الفساد والقمع والاستبداد ولم يتكرم بها ( الحقوق ) عليه أحد.. نقول هذا - لافقط - اعتبارا لأهمية وضرورة العمل على الابقاء على جذوة الحماس الثوري متقدة في صدور عموم التونسيين حتى تحقق ثورة 14 جانفي الشجاعة والتاريخية أهدافها كاملة بل وأيضا حتى تبقى صورة "تونس الثورة" على هيئتها الأصلية الأولى في عيون العالم... صورة نقية وحضارية لا تشوبها شائبة عنف أو تطرف أو ردة... صورة تعكس بجلاء ارادة شعب متحضر حر وأبي وشجاع انتفض - ذات 14 جانفي 2011 - عازما على القطع جذريا مع الفساد والتخلف السياسي ومعلنا بذلك - وفي نفس الوقت - عن انطلاق موجة "عجيبة" وتاريخية من التغيير الديمقراطي في المنطقة وفي العالم العربي... "تونس الثورة" هذه هي التي لا يجب أن تتحول اطلاقا الى "تونس الفوضى" كما تريد لها - ربّما - بعض الأطراف في الداخل والخارج... وما من شك أن السبيل الى ذلك انما يتمثل - خاصة - في ضرورة وعي الجميع بأهمية الحفاظ على السلم الأهلي والأمن الاجتماعي ومقومات استمرار عمل مؤسسات الدولة ومؤسسات الانتاج على امتداد الفترة الانتقالية... وكذلك في اجتماع كل الأطراف الاجتماعية والقوى السياسية على تأمين عملية الانتقال الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة بروح وطنية بعيدا عن كل الحسابات الايديولوجية والسياسوية الضيقة...