شهدت الساحة السياسية في الأيام القليلة الماضية بروزا لبيانات مشتركة حملت إمضاء أكثر من حزب، كما شهدت حراكا كثيفا تحضيرا لخوض أول محطة انتخابية ديمقراطية تعول عليها مختلف قوى البلاد حتى تفرض لونها وتوجهها.. ورغم الحديث الدائر حول أن هذه التكتلات قد تفرز تحالفات انتخابية، خاصة أنها تشكلت قبل الموعد الانتخابي غير أن عددا من المؤشرات تنفي ذلك، وتؤكد أن مختلف الأحزاب تسعى إلى دخول هذه المحطة ضمن قائمات خاصة بها. فرز
وبعد أخذ ورد ومفاوضات متعددة، تمكنت عدد من الأحزاب إضافة إلى جمعيات من عقد ما أطلق عليه بالقطب الديمقراطي، وهو يجمع كلا من حركة التجديد والحزب الاشتراكي اليساري ويؤكد مختلف مكونات هذا القطب أن التقاءهم ليس بانتخابي وليس على شاكلة التحالفات السياسية وإنما هو التفاف حول جملة من المبادئ وقد تفرقهم المحطة الانتخابية وتجعلهم متنافسين في هذا الاستحقاق. ويعتبر المتابعون أن هذا القطب إنما هو تعبير عن حالة فرز شهدتها الساحة السياسية في الأسابيع القليلة الماضية، خاصة أنه يعتبر نفسه مدافعا عن الحريات وقيم الديمقراطية والجمهورية ويعلن عدد من الهياكل المنتمية لها تناقضها صراحة مع المشروع الذي تحمله الأحزاب الإسلامية، ويدعوا بالأساس إلى الفصل بين الدين والسياسة، وضمان حرية المعتقد، ومنع استغلال الفضاءات الدينية للدعاية والممارسات السياسية، إلى جانب الدعوة لنبذ العنف والتعصب وكل أشكال الانغلاق.
تآلف
من ناحية أخرى انتهت عدد من الأحزاب إلى الدخول في تالف ضم 45 حزبا، عدد منها يعد قريبا من السلطة السياسية السابقة أي من "أحزاب الديكور" كما يطلق عليها البعض، وأخرى تعد وريثة للتجمع الدستوري الديمقراطي وأخرى حديثة المنشأ أحدثت بعد 14 جانفي.. وتدعوا مختلف هذه الأحزاب إلى تأسيس مجلس أعلى للأحزاب وذلك ردة فعل منها على ما تعتبره إقصاء تتعرض له من قبل الحكومة المؤقتة والهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، كما ترمي إلى إجراء استفتاء على طبيعة النظام السياسي المنتظر حتى لا يحيد المجلس التأسيسي عن مهمة التحول الديمقراطي، ويعقد في نفس يوم الاقتراع من أجل انتخاب أعضاء المجلس التأسيسي.. ويعتبرعدد من المتابعين أن هذه الأحزاب التقت حتى تعوض عدم امتداد أغلبها الجماهيري، وتسعى إلى خلق موطئ قدم لها في الساحة السياسية، وحتى تضمن تمثيلية في المجلس التأسيسي.
ائتلاف
من ناحية أخرى تمكنت حركة النهضة من عقد ائتلاف جمع عددا من الأحزاب التي عبرت عن تسجيل تقاربها في تحليل الوضع والمشتركات العديدة التي تجمع هذه الأطراف والحاجة إلى تأسيس ائتلاف سياسي. وشكلت لجنة تضم ممثلا عن كل حزب لصياغة مسودة أرضية مشتركة لهذا الائتلاف تعرض للتداول والإقرار ورغم أن البشير الصيد نشر بلاغا أكد من خلاله أن حركة الشعب الوحدوية التقدمية ليست معنية بهذه النقاشات، إلا أن الناطق الرسمي باسم الحركة خالد الكريشي أكد من جهته أن حركة الشعب الوحدوية تعمل في صلب هذا الائتلاف بل ترمي إلى إنجاحه. ومن جهته نفى محمد عبو القيادي بالمؤتمر من أجل الجمهورية دخول حزبه في أي تحالف مع حركة النهضة، واعتبر التقاء المؤتمر مع النهضة لا يعد سوى بحث في صيغ العمل المشترك بين الأحزاب وتطويرها.. من ناحيته واصل التكتل من أجل العمل والحريات الثبات على نفس الموقف من مسألة التحالف الانتخابي، حيث طرح وثيقة ضمنها 100 نقطة عبرت عن برنامجه وأكد إبراهيم بالربيحة القيادي بالحزب أن أي التقاء في هذه المرحلة لن يكون سوى على أرضية برنامج التكتل، كما نفى الأخبار الشائعة حول تقارب التكتل وحزب العمل التونسي لعبد الجليل البدوي.. كما أكد عصام الشابي القيادي بحزب الديمقراطي التقدمي من جهته أن حزبه لا ينوي عقد أي تحالف في هذه المرحلة، مؤكدا أن الإقدام على مثل هذا العمل قد يكلف الأحزاب غاليا في المجلس التأسيسي، فنظام الاقتراع المعتمد " النسبية مع أكبر البقايا" لا يشجع على ذلك البتة.
جبهة 14
ومن ناحيته أكد محمد براهمي المنسق العام لحركة الشعب "الناصرية التوجه"أنه "و رغم بعض الخلل الذي اعترى نشاط جبهة 14 جانفي اليسارية، بسبب موقف بعض مكوناتها الذين التحقوا بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة"، إلا أنها بقيت تعمل وهي تحالف سياسي ولم تخض مكوناتها في مسألة التحالف الانتخابي.. وحسب براهمي فان القانون الانتخابي "النسبية مع أكبر البقايا" لا يشجع على الدخول في هذا الاستحقاق تحت سقف قائمات جبهوية، اذ يمكن أن تدخل مكونات الجبهة بقائمات منفردة ولكنها ستعمل على تقوية جبهتها السياسية ومردودها في هذا الجانب، سوى تحصلت على مقاعد أوبقت في المعارضة.. من ناحية أخرى فان برود التونسيين أمام عملية التسجيل في القائمات الانتخابية الذي يتواصل إلى الآن، يعكس عدم تحمسهم وعدم أخذهم لقرارالتصويت، فليس التسجيل في حد ذاته هوإشكال التونسييين بل التصويت هو ما يحيرهم، فلمن سيعطي التونسيون أصواتهم؟.... جميع استطلاعات الرأي شهدت نزولا وصعودا لأحزاب مختلفة ولكنها لم تشهد أي تطور في ما يخص التونسيين الذين مازالوا لم يقرروا لمن سيدلون بأصواتهم،،، فهل أن المواطن بصدد معاقبة الأحزاب حقا على مردودها السيء الموجه أولا وأخيرا إلى صندوق الاقتراع دون غيره كما وصف ذلك العديدون؟