بداية، لا بد من الإشارة إلى أنني لم أختر -أمس الأول- وبمحض إرادتي متابعة الحلقة الأولى من سلسلة «نسيبتي العزيزة» في جزئها الثاني على قناة «نسمة» وإنما أبنائي الثلاثة هم من «أجبرني» على ذلك... فقد ألحوا كثيرا على ألا نتحول عن هذه القناة إلى أية قناة أخرى -مهما كانت تونسية أو عربية أو أجنبية- إلا بعد أن نكون قد تفرجنا على هذه الحلقة الأولى من السلسلة في جزئها الثاني... وهذا يعني طبعا -من بين ما يعني- أن الجزء الأول من هذا السيتكوم الهزلي الذي بثته قناة «نسمة» لأول مرة في رمضان الماضي (2010) قد حقق نجاحا جماهيريا لافتا -ربما فقط لدى شريحة معينة من المشاهدين ولكنه بالتأكيد نجاح حقيقي-. إذن، من جديد تعود قناة «نسمة» إلى مشاهديها بهذه السلسلة الهزلية الّتي تبث في ساعة الذروة بحسب التوقيت الرمضاني (مباشرة بعد الإفطار)... لتؤكد أنها اختارت خوض «معركة» استقطاب المشاهد بهذا الإنتاج الدرامي الهزلي القديم الجديد الذي يعد باكورة إنتاجاتها الدرامية الخاصة. السلسلة -كما هو معلوم- من تأليف يونس الفارحي وفرحات هنانة وإخراج صلاح الدين الصيد، ويتقمص أدوار البطولة فيها كل من منى نورالدين وسفيان الشعري ويونس الفارحي وكوثر الباردي وممثلة جزائرية تدعى بيونة وآخرين غيرهم... الحلقة الأولى من سلسلة «نسيبتي العزيزة» في جزئها الثاني بدت -من حيث الشكل- وكأنها لا تختلف في شيء عن أية حلقة سابقة من حلقات الجزء الأول... فالأجواء العائلية نفسها والطقس الدرامي نفسه والوجوه في أغلبها هي هي وكذلك الأسماء والأداء التمثيلي وحتى الحكاية هي نفسها: عائلة تونسية تتركب من زوجين شابين (حسونة وحياة) تقيم بأحد المنازل الجميلة بالمدينة العتيقة تفاجأ ودون سابق إعلام بمجيء مجموعة أشخاص لينزلوا ضيوفا عليها وللإقامة عندها. اللافت في هؤلاء الضيوف أنهم شخصيات لها خصوصياتها وطرافتها التي ميزتها في حلقات الجزء الأول من السلسلة... فالمرأة «فاطمة» (منى نورالدين) الحماة الصفاقسية التي تأتي مصحوبة بابنها «المنجي» تبدو ساخرة ودكاكة وذكية بنسبة كبيرة... بعكس الضيفة الثانية العجوز الجزائرية «باريزة» (بيونة) القادمة من الجزائر والتي تبدو «جلطامة» -بشكل من الأشكال- بمعنى صريحة وتلقائية و«عنيفة» في كل شيء... ما نريد أن ننتهي إليه -هنا- وذلك حتى لا نكون كمن يطلق أحكاما وتقييمات قبل أوانها هو أن الحلقة الأولى (ونقول الأولى) من سلسلة «نسيبتي العزيزة» في جزئها الثاني لم تكن طريفة ومرحة و«جديدة» بما من شأنه أن يوحي للمتفرج بأنه موعود -فعلا- بحلقات أخرى لاحقة ضمن نفس السلسلة تكون متجاوزة من حيث طرافتها وكوميديتها ما سبقها من حلقات في الجزء الأول... نقول هذا اعتبارا لواقع المنافسة القائم بين مختلف القنوات التلفزية على استقطاب المشاهد في سهرات الشهر الكريم... وهو التنافس الذي يقتضي الاشتغال جيدا دراميا وفرجويا خاصة على الحلقات الثلاث الأولى من أي إنتاج برامجي تلفزيوني درامي أو منوعاتي لأن السلسلة الهزلية أو المسلسل الدرامي -في المطلق- الذي لا يشد إليه المتفرج منذ حلقاته الثلاث الأولى، سوف يخسر بالتأكيد جمهوره الذي سيتحول عنه إلى إنتاج آخر تبثة قناة أخرى... صحيح، هناك في الحلقة الأولى من سلسلة «نسيبتي العزيزة» في جزئها الثاني مسحة من الفكاهة والحيوية الفرجوية الموروثة -إن صح التعبير-... وهناك اجتهاد وحماس في الأداء الكوميدي ولكن ليس هناك بوادر جدة وإضافة وابتكار -شكلا ومضمونا- مما يسمح بالقول أنها حلقة تراوح مستواها الفني والدرامي والهزلي بين «المقرص» و«المعجون»... أي القديم والمعاد.