"تقتضي شروط إنجاح المسار الانتخابي تفعيل لغة الحوارلاسيما بناء حوار بين الأطراف السياسية الفاعلة في البلاد-ويقصد بالحوار- توفيرالأطر السياسية وضبط مدى قانونيتها فضلا عن خلق مناخ يمكن من خلاله أن يتمكن المواطن من معرفة الجدال الذي يهم مصير بلاده". هذا ما أكده السيد كمال الجندوبي رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات خلال الندوة الوطنية التي التأمت أمس حول شروط إنجاح المسارالانتخابي بحضور ممثلي الأحزاب ومكونات المجتمع المدني. وأكد الجندوبي خلال مداخلته على ان التحول الديمقراطي لا يقتصر فقط على تنظيم انتخابات نزيهة استنادا إلى أنها محطة أساسية وهامة ولكنها ليست الوحيدة إذ تمثل بداية الطريق. لذلك لا بد أن تلتزم العملية الانتخابية بجانب الحياد الكافي ومراعاة تكافؤ الفرص فضلا عن مواجهة كل عملية توجيهية لذا وجب تبني رؤية تحارب ظواهر الانفرادية إلى جانب تدعيم الإعلام الذي يلعب دورا فاعلا في ترشيد وتهذيب الأفكار ووضع الرهانات الأساسية لعملية الانتقال الديمقراطي. من جهته أشار السيد صلاح الدين الجورشي (النائب الأول لرئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان) خلال كلمته التي ألقاها بالمناسبة إلى أن مصير الثورة التونسية اليوم بات رهين نجاح عملية الانتقال الديمقراطي لذا كلما تظافرت الجهود لتوفير ظروف النجاح لها كلما كان المستقبل أفضل لثورتنا. وتطرق في هذا السياق الى ان الانتخابات ليست نهاية المطاف لذا من الضروري توفير ظروف نجاح لها دون ان يعني ذلك ان الذي "سيفشل" ستكون نهاية اللعبة السياسية بالنسبة له. وأضاف ان الحماس ضروي لدخول الانتخابات ولكن لا بد من التساؤل بأي خلفية ولأي أهداف؟. وفي استعراضه لأبرز الشروط التي لا بد من التقيد بها لتأمين عملية الانتقال الديمقراطي أشار الجورشي إلى مسالة تزوير الانتخابات التي تبقى طرقها عديدة والتي لا بد من محاربتها عبر التقيد بالضوابط والقوانين فضلا عن محاربة الفساد عبر الكشف عن شفافية التمويل وإعلان جميع الأطراف عن مصادر تمويلها. وتلخصت باقي الشروط في تجنب محاولة التشكيك في نزاهة الخصوم والتكفير والتخوين فضلا عن تحيييد المساجد والتصدي "بكل ذكاء لنزاعات العروشية والجهوية.
المال السياسي
ولان قضية المال السياسي ومسالة تمويل الأحزاب تبقى الشاغل الرئيسي لجل مكونات المجتمع المدني فقد اقترح السيد الصادق بلعيد (أستاذ جامعي وخبير دستوري) كشرط من شروط انجاح العملية الانتخابية أن تتقدم الأحزاب عند تقديم ترشحاتها إلى التأسيسي يومي 6 و7 سبتمبر بكشف عن مداخيلها ومصاريفها.. تجدر الإشارة إلى أن اللقاء شهد حضور عدد لا باس به من ممثلي الأحزاب ومكونات المجتمع المدني. وقد سنحت لهم الفرصة لعرض ابرز مواقفهم ومقتراحاتهم. وفي هذا السياق فقد حمل حمة الهمامي (الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي) الحكومة مسؤوليتها الكاملة في توفير مناخ ملائم للانتخابات وليس الأحزاب استنادا إلى أنها المسؤول الأساسي عن توفير الأمن في البلاد. وتساءل في هذا الصدد عن كيفية الحديث عن انتخابات نزيهة وشفافة في ظل تواتر أحداث العنف (جبنيانة، منزل بورقيبة، قفصة،...). وأضاف أن الانفلاتات الأمنية لا تصنع انتخابات حرة والحكومة تتحمل مسؤوليتها في ذلك. وأشار أن الرعب بدأ يعود تدريجيا للمواطن التونسي متسائلا: أين دور الحكومة للتخفيض من حالة الاحتقان التي يعيشها المواطن في ظل غلاء المعيشة؟ واقترح في هذا الصدد ضرورة استمرار التعبئة الشعبية للحفاظ عن الثورة وعن تدعيم إعلام حر فضلا عن تطهير أجهزة الإدارة عبر انتخابات تجرى في مناخ ملائم وأن يكون خاصة الصراع والتنافس حول برامج وترك الشعب يختار بين مشاريع مجتمعية وأنظمة اقتصادية واجتماعية. ومن جهته تساءل السيد علي العريض (رئيس الهيئة التأسيسية لحركة النهضة) كيف يمكن أن ننجح للوصول إلى هذا المجلس الذي يمثل محطة من محطات الانتقال الديمقراطي؟ وأشار في هذا السياق إلى أن الشروط تتلخص في وضوح الاجندا والتمسك بها فضلا عن تمسك جميع الأطراف (أحزاب، جمعيات،) بهذا الموعد بما في ذلك الحكومة المطالبة بمزيد الوضوح وتبديد الغموض كما نأمل منها أن تكون على تواصل مع مختلف الأطراف السياسية الى جانب تحييد المساجد وخلق إعلام متوازن وتفعيل لغة الحوار مع الالتزام بخطاب سياسي علاوة على تحييد كل المواقع من الدعاية الحزبية والالتزام بنتائج الانتخابات حتى يتسنى بناء نظام ديمقراطي.