علياء بن نحيلة الحديث عن أحقية المتقدمين في السن بالمناصب الكبرى ومواقع القرار والتعاطي مع الإعلام لم يقف عند حد مطالبة بعض السياسيين بالاستقالة عن مناصبهم وإزاحتهم بقوة القانون ولم يعد الأمر كذلك مطروحا على البلدان العربية التي شهدت ثورات وإنما امتد إلى مجالات حياتية أخرى طالت حتى الفنانين ففي حديث أدلى به الفنان ملحم بركات لجريدة لبنانية طالب بصريح العبارة كل من الفنانين وديع الصافي، وصباح، وفيروز بالتوقف عن الغناء، والبقاء في بيوتهم والاعتزال والابتعاد عن الساحة الفنية بسبب التقدم في السن... واعتبر انه من المعيب أن يقابل الفنان جمهوره بطاقم أسنان اصطناعي حتى لا يسيؤوا إلى الصورة الجميلة التي كونها الجمهورعنهم مستشهدا بالفنانة الفرنسية بريجيت باردو التي انسحبت من الساحة الغنائية وهي شابة مما جعل الناس يحتفظون لها بتلك الصورة الجميلة التي حملوها عنها في بداية مسيرتها الفنية. ولان هذا الثالوث لا يخص اللبنانيين وحدهم باعتبار أن صباح وفيروز ووديع من القامات المديدة الثابتة عربيا وحتى -عالميا - ولهم من المعجبين والمتيمين بفنهم وبأدائهم ما يقاس بالملايين في كل البلدان العربية نقول ان الجمع بينهم لا يصح لان الملاحظة يمكن أن تصح بالنسبة إلى الفنانة الكبيرة صباح التي شاخت بأتم معنى الكلمة وأصبح غناؤها وظهورها على صورتها تلك في الفضائيات وإصرارها على المصدح مسيئا لإنسانيتها خاصة وأنها مازلت وهي في التسعينيات من عمرها تصر على استعمال ملابس وإكسسوارات وماكياج فنانة ذات عشرين سنة وتجهد نفسها لتؤدي أغانيها القديمة التي يحتاج أداؤها إلى صحة ونفس وقوة ميزتها من قبل عن مثيلاتها من المغنيات. يمكن كذلك ان لا نختلف مع من يرى انه على الفنان وديع الصافي ان يعتزل الغناء أمام الجمهور لعامل السن ولكن ما نراه منه في بعض الحفلات الحية من عزف مبهر على العود وأداء مميز طبعا بمجهود كبير ومضن يجعلنا نفكر ألف مرة قبل ان نتعسف ونحكم عليه بالسكوت لأنه - وبطقم أسنانه كما قال ملحم بركات- مازال قادرا على العطاء على الأقل في التلحين ثم انه يغني في اغلب الأحيان نزولا عند رغبة جمهوره الذي مازال يطلبه ويصر على ان يساهم في كل الحفلات ولو بأداء أغنية واحدة. أما بالنسبة لفيروز فمن الغريب أن ينادي ملحم بركات بإسكاتها ويدعوها إلى اعتزال الفن لأنها مازالت قادرة على الغناء والعطاء ولأنها لم تصل إلى ما وصلت له صباح أي أنها غير مستهلكة ولا تظهر منذ كانت في بداية مسيرتها الفنية إلا بالمظهر الذي تراه صالحا لنفسها ويحفظ لها كرامتها لذا لم نر لها تجاوزا لا في ملبسها ولا في تصرفاتها على الركح ولم تصلنا عنها فضائح لا فنية ولا عائلية هي تعمل صلب مؤسسة عريقة لها تقاليدها وقوانينها. ولعله ليس من المبالغة في شيء ان نقول أنها لا تكبر ملحم بركات كثيرا في السن. ويمكن كذلك ان نذكر بان عبد الوهاب غنى ولحن قبل إن يموت بأشهر قليلة. ويبقى الجمهور حرا في أن يستمع لهذا الثلاثي أو أن يهجره باعتبار التقدم في السن لأنه لا احد يفرضهم ثم أنهم لا يمارسون الطب لتكون الأرواح بين أيديهم في خطر اوالتدريس ليتجاوزهم التلاميذ وينسوا سبب وجودهم في القسم اوسياسيون يمكن أن يتسببوا لشعوبهم في المآسي بسبب الزهايمر أوباركنغسون ، أنهم مغنون نستمع لهم إن أردنا ونغير المحطة إذا لم يعجبنا منهم أمرا ما.