جلسة استماع مشتركة حول مشروع ميزانية المهمة الخاصة بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء لسنة 2026    غرفة القصابين: سعر الكغ الواحد من لحم العجل سيصل إلى 52 دينارا في رمضان    متحف اللوفر: المجوهرات المسروقة لم يتم العثور عليها والموقوفان يقرّان "جزئيا" بالتهم    أخبار النادي الافريقي ...شوّاط «آوت» والتفاوض مع مستشهر خليجي مجرّد اشاعة    بهدوء .. تَليُّف مزمن ...    رَجّةُ مُتَمرّد    أليستْ اللّغةُ أمَّ الثقَافة؟    داخل الكيان الغاصب...أزمة وجود مركّبة    سلسلة الفيفا لدعم كرة القدم النسائية: المنتخب التونسي يفوز على نظيره الافغاني    عاجل/ اتحاد الشغل يؤكد استهدافه ويكشف..    صفاقس : الإعلان عن انطلاق العمل باتفاقية حماية وتثمين "مشطية جبنيانة" بموجب علامة الملكية الفكرية الجماعية    تونس تعين كمركز تميز كايزان "في مؤتمر" إفريقيا كايزان 2025" بجوهانسبورغ    سيدي بوعلي: وفاة الطفل عمر اثر حادث سقوطه من حافلة    عاجل: تدخل طبّي أوّل من نوعه بالمستشفيات الجهوية: نجاح عملية استئصال ورم دماغي بجربة    العاصمة: وفاة شاب إثر سقوطه من عربة المترو بباب العسل    وزير الدفاع يؤدّي زيارة إلى عدد من الوحدات العسكرية بمدنين وتطاوين    توزر: ملتقى الواحة للفن التشكيلي بدقاش في دورته السادسة... حين تكون الواحة حضنا للفن    تونس تحتضن المؤتمر العالمي للغرفة الفتية الدولية    الديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء بالمياه يشارك في الدورة الاولى من صالون "أفري لاب وأفري هيلث"    تونس: المجال الإبداعي يضم ما يناهز 120 ألف شاب يعتمدون على العمل الحر كمصدر رزق أساسي    عاجل/ الصليب الأحمر يدين حماس..وهذه التفاصيل..    بطولة افريقيا للتجديف الشاطئي: فضية في زوجي الكبريات وبرونزية في زوجي الاكابر    عاجل: إعصار ميليسا يضرب كوبا بقوة ما صارتش قبل!    الكاف: المهرجان الاقليمي لنوادي الأطفال المتنقلة    عاجل/ وفاة تونسي في حادث مرور بالحدود الليبية    عاجل: حفل تكريم الفائزين بالبطولة الوطنية للمطالعة في بن عروس...لا تفوتوا الحدث!    عاجل : مفاجأة جديدة في عملية سرقة متحف اللوفر بفرنسا    افتتاح مهرجان مسرح التجريب بمدنين    ليبيا تطرُد منظمة "أطباء بلا حدود".. #خبر_عاجل    تقرير: الحكومة ترفع نفقات الأجور بنسبة 3.6 % سنة 2026    وفاء الصغروني بطلة العالم في التايكواندو    تصفيات مونديال 2026 - مباريات الملحق الافريقي مابين 13 و16 نوفمبر المقبل بالرباط    وكالة فيتش: البنوك التونسية تواجه ضغوطًا اقتصادية تحدّ من النمو والربحية    إليك أسعار الكلغ من الزيتون في صفاقس    بعثة نسائية تونسيّة إلى السعودية: لقاءات بالجملة دعما للمبادلات الاقتصادية    عاجل : الفرنسي نيكولا ماهو يودّع عالم التنس بعد 25 عاماً    تحب تبعث فلوس؟ شوف قداش باش تخلص على الحوالة البريدية!    إطاحة بمروج مخدرات في خزندار وحجز مبالغ مالية وأدوات الترويج    تنشط بين هذه الولايات: تفكيك شبكة لتهريب المخدرات تستغلّ سيارات إسعاف أجنبية    تونس: أصحاب الشهائد يطالبون بانتداب دفعة أولى من المعطلين في بداية 2026    ولاية منوبة تعلن عن موعد نشر القائمة النهائية لتراخيص سيارات "التاكسي الفردي "    علاش تونس اختارت تنتج أمّهات الدواجن؟    الرابطة الأولى: تشكيلة الإتحاد المنستيري في مواجهة إتحاد بن قردان    الرابطة الأولى: برنامج مباريات اليوم والنقل التلفزي    "هذا أمر مؤسف".. ترامب يتحدث عن الترشح لولاية ثالثة    طقس اليوم: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    إغلاق نهائي لسينما "جميل" بالمنزه 6... نهاية مرحلة وبقاء الأثر    تونس: وزارة التربية تنشر فيديو توضيحي لعملية التسجيل في كونكور السيزيام والنوفيام    عاجل: إذا ما عملت حتى عملية على حسابك الجاري.. البنك يسكروا تلقائيا بعد 3 شهور    ابتداءً من الخميس: تحويل جزئي لحركة المرور على جسر لاكانيا    عاجل/ 100 شهيد في غزة خلال 24 ساعة    عاجل: تراجع انتشار فيروس كورونا بعد ظهور المتحوّر ''أوميكرون''    كيفاش تعرف إذا كان عندك سكتة دماغية؟ أهم الأعراض اللي لازم تعرفها!    دراسة تحذر: النوم تحت الأنوار قد يسبب أمراض القلب    غدا.. إنطلاق مهرجان الرمّان في تستور    ملتقى حول الشيخ الطاهر بن عاشور    بالفيديو : صوت ملائكي للطفل محمد عامر يؤذن ويقرأ الفاتحة ويأسر قلوب التونسيين...من هو؟    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بقلم: محمد الحمار
الإسلام والديمقراطية: سلاطة، بيتزا أم ملوخية؟
نشر في الصباح يوم 11 - 08 - 2011

إن المفاهيم تتطور بحسب تطور الشعوب والمجتمعات. والمجتمع التونسي لا يحيد عن هذه القاعدة. وإذا سألنا أنفسنا هل نحن مسلمون أم ديمقراطيون فسنكون في حيرة من أمرنا حول صياغة إجابة تحظى بالإجماع. وسبب الحيرة أن المفهومَين غير متعودَين على التعايش. أما الآن وقد التزم مجتمعنا بالديمقراطية فلا بد أن نفعل شيئا لتزويج الطرفين. ولكي ندرك طبيعة الزواج بين الإسلام والديمقراطية، أهو زواج مصلحة أم زواج حب أم زواج مُتعة، يُستحسن أن نستعرض بعض الصور المأخوذة من ثقافة غير ثقافتنا، مثل ثقافة الولايات المتحدة الأمريكية التي تشبه بعض الشيء في تنوعها الثقافة التونسية.
إن الثقافة الأمريكية معروفة بثرائها الديمغرافي وما يتبعه من تنوع عرقي وديني ولغوي بالخصوص. وربما كانت أول صورة رمزية ذاعت في العالم بأسره واقترنت بالمجتمع الأمريكي إنما هي صورة "قدر التذويب" ("مالتينغ بوت") التي تدل على مجتمع تذوب فيه كل المكونات العرقية واللغوية والدينية في "قدر" واحد، وبالتالي تدل على مجتمع متحد. لكن في ما بعد تطورت الأحوال فتطورت معها الصورة الرمزية للمجتمع الأمريكي. فمن "قدر التذويب" أضحت أمريكا "صحفة السلاطة"، ذلك لأن المجتمع صار حريصا على التوحد مع الحفاظ على الخصوصيات الثقاقية (مثل السلاطة التي تحافظ على "هوية" المكونات من الخضروات والمملحات فيها). أخيرا وليس آخرا بلغ التطور الاجتماعي ذروته لما صار الأمريكان يفضلون صورة البيتزا. ذلك أن البيتزا تحتوي على قاعٍ متحد (السياسة العامة، الوطن، حقوق الإنسان، الحريات والحقوق المدنية، دولة القانون) وعلى طبقة عليا تحافظ فيها كل المكونات على خصوصياتها. هكذا مثلما تبقى الطماطم والتن والزيتون والكبار والجبن ظاهرة في الطبقة العليا للبيتزا، تبقى مكونات هوياتية مثل العرق والدين واللغة ظاهرة على السطح في الطبقة العليا للمجتمع الأمريكي.
فما هي الصورة التي تصلح بنا في تونس استجابة لضرورة الوفاق بين الإسلام والديمقراطية؟ علمتني البحوث حول هذا الموضوع أن "صحفة السلاطة" لا تليق بمقام تونس، البلد ذي ال15 قرنا من الإسلام، والبلد ذي الانفتاح الطبيعي على العالم. ما يليق بتونس ليست البيتزا أيضا، لأن مجتمعنا لا يضاهي المجتمع الأمريكي في التعقيد الإثني وتفرعاته الدينية واللغوية والعرقية. ولم تبق سوى صورة "قدر التذويب".
لكن الشاهد على الحياة السياسية في تونس اليوم، وربما في كامل العالم العربي والإسلامي، سيلاحظ أن "التذويب" خيرٌ لم يستأثر باهتمام الجميع. إذ صار"التذويب" شرا طالما أن هنالك معركة إيديولوجية حقيقية، لا بين طريقة في التذويب وأخرى، وإنما، والعياذ بالله، بين أي المكونَين سيذوب الآخر ويُقصيه: الإسلام أم الديمقراطية. فالإسلاميون يريدون تذويب الديمقراطية وابتلاعها لكي لا يبقى لها أثرٌ. أما العلمانيون فآلوا على أنفسهم أن يذوبوا الإسلام تذويبا لكي لا تبقى إلا الديمقراطية. وهذه معركة خاسرة لا محالة. في الأصل ما الديمقراطية بلا إسلام، وما الإسلام بلا ديمقراطية؟ هذا سؤال لن يقدر على الإجابة عنه من لم يتذوق طبق "الملوخية" على الطريقة التونسية. هل ترى فيها لونا غير الأسود الناعم الجميل؟ هل تميز فيها اللحم من سائر المكونات أم أن حتى هو فقد لونه من أجل التماهي مع الطبق كافة؟
في الأخير لا يسعني إلا أن أدعو الله أن يمنح الطباخين غير التونسيين، المُندسة أنوفُهم في أطباقنا، ذكاءً مطبخيا أرقى لكي يكفوا عن التسلط على الذائقة الوطنية بمحاولة فرض مذاق"سلاطة" غير سلاطتنا؛ فرضها علينا فرضا. كما أدعو الله العزيز الجليل أن يزيد التونسيين والعرب والمسلمين أجمعين هداية لِما فيه خير البلد والأمة قاطبة، من وحدةٍ واتحاد بفضل التوحيد. وهل من مقاربةٍ للتذويب والصهر والدمج والتأليف أنجع من عقيدة التوحيد؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.