بقلم: كمال بن يونس بعد حوالي 6 أشهر عن بدء الغارات الاطلسية على ليبيا فشلت الدول العظمى في تحقيق الاهداف السياسية والامنية والعسكرية التي أعلنت عنها مطلع الربيع الماضي وعلى رأسها «ضمان انتقال الشعب الليبي الشقيق نحو الديمقراطية العصرية «مواكبة للتحولات العميقة التي تشهدها المنطقة منذ ثورتي تونس ومصر ونزول ملايين الغاضبين الى شوارع في مظاهرات شعبية حاشدة من الخليج والمحيط.. مرة أخرى يجد المدنيون في منطقتنا أنفسهم مخيرين بين نيران قوات حكوماتهم القمعية وقنابل القوات الأجنبية.. ومأساة الشعب الليبي أن ساسة واشنطن وباريس وبقية شركائهم في حلف الأطلسي كانوا مختلفين منذ انطلاق الغارات حول هدفها ونهايتها و»القيادة البديلة» عن نظام معمر القذافي:هل يختارها الثوارأم ساسة واشنطن وباريس ولندن؟ وقد برزت منذ الاسابيع الاولى للغارات انتقادات سياسية واعلامية وعسكرية لخطة الاطلسي في ليبيا فيما كشفت تصريحات قيادات امريكية وفرنسية وبريطانية بارزة غموضا وتناقضات في التعامل مع الملفات المالية والحقوقية والسياسية المقترنة بتلك الغارات.. وبدا أن بعض ساسة واشنطن وباريس يريدون التنصل من تحمل مسؤولية غاراتهم بعد ارتفاع كلفتها المادية والسياسية وسقوط مزيد من القتلى والجرحى من بين المدنيين الليبيين.. وبعد فشل القوات الاطلسية في تحقيق جل أهدافها في أفغانستان وفشل القوات الامريكية قبل ذلك في العراق تزايدت انتقادات داخل أمريكا وباريس ولندن حول مبررات التمادي في قصف طرابلس ومواقع ليبية بناء على» معلومات غير دقيقة خلطت بين الاهداف العسكرية والتجمعات البشرية « حسي تقارير منظمات انسانية دولية عرفت طوال العقود الماضية بانتقاداتها للنظام الليبي.. وبالرغم من تزايد العزلة السياسية لنظام العقيد معمر القذافي دوليا فقد عاد الحديث داخل عواصم أطلسية عن»بديل من داخل النظام» قد يتزعمه رموز من قبيلتي ورفلة أوبني وليد أوغيرها من كبرى القبائل الليبية التي نجح القذافي وأبناؤه في ضمان ولائها طوال العقود الماضية وخاصة بعد بدء الغارات الاطلسية التي يبدو أنها تسببت في سقوط عدد كبير من أبنائهم المجندين.. إن شهادات مئات آلاف اللاجئين من بين الأشقاء الليبيين عن عمق انتهاكات حقوق الإنسان في مدنهم وقراهم تدمي القلب.. وزاد تلك الانتهاكات تعقيدا تعدد مصادرها وتنوع أشكالها في بلد غني شقيق يفتقر شعبه منذ أشهر إلى أغلب ضروريات العيش الآمن بما في ذلك الدواء والغذاء والماء والكهرباء.. ولا يشك أحد أن حصيلة ثورة الشعب الليبي ستكون الانتقال الى الديمقراطية ولو بعد حين.. لكن « الفوضى الخلاقة « التي أحدثتها الغارات الاطلسية المتناقضة التوجهات والاهداف تعني ببساطة تأجيل الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتمديد مرحلة فرار الادمغة والمدنيين والسياسيين المحنكين من ليبيا خوفا من نيران القوات النظامية حينا والقوات الاطلسية حينا آخر.. والمتضرر الاكبرهو الشعب الليبي المسالم.. مثلما كان المتضرر الاكبر من حروب الاطلسي في العراق وافغانستان وباكستان الشعوب الفقيرة والبائسة..