سقوط الطغاة تباعا لم يعد بالامر المفاجئ أوالغريب بعد أن قررت الشعوب العربية الخروج من طورالاستعباد الى طور الحرية, سقوط الطغاة نهاية حتمية لمن اختار الظلم والاستبداد طريقا وجعل من امتصاص دماء الابرياء سببا لبقائه واستمراره... بالامس كان بن علي ومن بعده مبارك واليوم يلحق بهما القذافي والارجح أن القائمة لن تقف عند هذا الحد والاكيد أنها ستطول لتشمل من لم يتعلم الدرس بعد ولم ينزع عن نظره تلك النظارات السوداء التي تحجب عنه الواقع وتزيده التصاقا بالسلطة. للحرية ثمنها وهو بالتأكيد ثمن باهظ فان الشعوب التي طالت معاناتها مع الظلم والاستبداد لم تتهاون ولم تتردد في استعادة ما سلب منها قهرا بفضل دعم معلوم من الغرب الذي لم يتوانى في دعم الانظمة الدكتاتورية بدعوى أنها الافضل لحماية مصالحه والاقدر على التحكم في ورقة الحرب على الارهاب. سيشهد التاريخ ان المنطقة تعيش ولادة جديدا وأن الاجيال القادمة تستعد لمرحلة مختلفة شعارها الحرية والكرامة للانسان الذي سلبت منه انسانتيه.. باب الثورة الذي فتح من تونس لن يغلق بعد اليوم والمسيرة ستظل مستمرة من المحيط الى الخليج حتى لا يجد طاغية له موقع بين الشعوب. لسنا تونس كلمات قالها مبارك وكررها مستشاروه قبل أن يقول الشعب كلمته النهائية لسنا تونس ولا مصر كلمات رددها من بعد صالح قبل أن ينجو بأعجوبة من موت محقق لسنا تونس ولا مصر كلمات رددها أيضا العقيد ورددها نجله سيف الاسلام والاجدر ان يكون معرة الاسلام قبل أن يقول الثوار كلمتهم. سبعة أشهر من الاقتتال بين كر وفر قبل أن تنتصر ارادة الشعب وتختار المصير الذي تريد. بالالاف خرج الليبيون ومعهم التونسيون مساء اول أمس في قلب العاصمة احتفالا بالاخبارالقادمة من طرابلس بان من وصفهم العقيد المتخفي اليوم في جحره «بالجرذان»قد أوفوا بوعدهم في تحرير ليبيا من قبضة الدكتاتوروهو الذي لم يدخر جهدا ولا فلسا في استنزاف ثروة ليبيا من أجل ايستقدام المرتزقة وتسليحهم بأفتك الاسلحة. بالالاف انتشروا في شارع محمد الخامس نساء واطفالا ورجالا غنوا للثورة في ليبيا وغنوا لتونس ولمصر ولم ينسوا فلسطين فانطلقوا يرددون ليس من دون حماسة شعار الثورة بان الشعب» يريد تحريرفلسطين» لحظات اختلطت فيها المشاعر وتغنى خلالها الشباب بالحرية للجميع... بصوت يكاد يكون متجانس تجمع الشباب وغنوا للثورة وهم يرددون بان الولاء للوطن ولا شيئ غيره. طبعا ما كان لهذه المظاهرالاحتفالية أن تنسينا ان التحديات القائمة لا يستهان بها وأن الخطر لا يزال محدق فأعداء الحرية واعداء الثورة كثيرون وهم بالمرصاد لكل خطوة أوهدف بستعدف مصالحهم الكثيرة التي كانوا يتنعمون بها على حساب السواد الاعظم من أبناء الشعب. انتشارالسلاح وغياب مؤسسات الدولة وعدم وجود جيش نظامي قادرعلى المسك بزمام الامور في هذه المرحلة كلها نقاط ضعف يمكن ان تهدد المشهد الليبي وهي بالتأكيد نقاط لا تخفى على الثوار الذين بدركون جيدا أن الناتو الذي وقف الى جانبهم ليس لمؤسسة خيرية وأن تدخله الى جانب الليبيين لن يكون مجانيا... ولعل الاهم في هذه المرحلة أن تكون ارادة الشعب اقوى من كل الاستفزازات وكل المحاولات لدفع أبناء الشعب الليبي الى الانتقام.. القبائل الليبية يمكن أن يكون لها حضور ايجابي مهم وزعماء القبائل بامكانهم الضلوع بدورتاريخي في المرحلة الراهنة لحقن الدماء والانطلاق بليبيا الى مستقبل جديد. ليبيا كما تونس ومصر أمام رهان مصيري لا مجال معه للفشل أوالتراجع ولا خيار غير المضي قدما باتجاه الحرية والديموقراطية المغيبة عن عالمنا...