بعد ايقاف 21 شخصا على خلفية احتجاجات ومواجهات مع الأمن في القيروان: رابطة حقوق الانسان تتدخل..#خبر_عاجل    عاجل/ غلق 10 محلات لصنع وبيع المرطبات بهذه الولايات..    خبر سارّ للتوانسة: إنخفاض سوم الدجاج في رأس العام    العثور على هذا المخرج وزوجته جثتين هامدتين داخل منزلهما..#خبر_عاجل    بطولة كرة السلة: برنامج مباريات الجولة الرابعة إيابا    النيابة تأذن بالاحتفاظ بشقيقة قاتل تلميذ الزهروني    مسؤول بوزارة الصحة للتونسيات: ''ما تشريش الكحُل'' من السواق    شنيا يصير لبدنك وقلبك وقت تاكل شوربة العدس؟    الاتحاد التونسي لاعانة الاشخاص القاصرين ذهنيا يعقد مجلسه الوطني من 19 الى 21 ديسمبر 2025 بمدينة سوسة    القيروان: الدورة الثالثة ل"مهرجان الزيتون الجبلي وسياحة زيت الزيتون التونسي"    من بينهم تونسيون: "ملتقى الفنانين" بالفجيرة يحتضن 90 فنانا من العالم    أيام قرطاج السينمائية 2025: فيلم "كان يا مكان في غزة" يركز على الهشاشة الاجتماعية لشباب القطاع المحاصر ويضع الاحتلال خارج الكادر    تدعيم المستشفى الجهوي بمنزل تميم بتجهيزات طبية متطوّرة    الصحبي بكّار يردّ على مروان الشماخ: عيب التشكيك في تتويج تونس بكأس إفريقيا 2004    10 سنوات سجنا في حق كاتب عام نقابة أعوان وموظفي العدلية سابقا    عاجل/ نشرة استثنائية للرصد الجوي.. أمطار مؤقتًا رعدية وغزيرة بهذه المناطق..    الحماية المدنيّة تسجّل 425 تدخلا خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية    القضاء يباشر النظر في ملف جمعية " تونس أرض اللجوء "    عاجل: حقيقة بيع برشلونة ل الأمير محمد بن سلمان ب 10 مليارات يورو    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": مدرب منتخب السودان يعلن عن قائمة تضم 27 لاعبا    فلوسك تحت السيطرة: خطوات بسيطة باش تولّي واعي بمصاريفك    جمال الخرازي رئيسا جديدا للجامعة التونسية للمصارعة    حجز 1400 قطعة مرطبات مجمّدة غير صالحة للإستهلاك..#خبر_عاجل    البرلمان الجزائري يناقش تجريم الاستعمار الفرنسي    عاجل: شوف القنوات الي تنجم تتفرّج فيها في ماتشوات كأس أمم إفريقيا 2025    بداية من جانفي: إذا دقّوا عليكم الباب...راهو استبيان على النقل مش حاجة أخرى    ما السبب وراء صمود توقعات النمو الاقتصادي لدول آسيان-6؟    تجمّع عمّالي أمام شركة نقل تونس    الزهروني: إيقاف مشتبه به في جريمة طعن تلميذ حتى الموت    شنيا حقيقة امضاء لسعد الدريدي مع شباب قسنطينة؟..بعد جمعة برك في باردو    تصدى لمنفذي هجوم سيدني.. من هو أحمد الأحمد؟    عاجل-محرز الغنوشي يُبشّر:''بداية أولى الاضطرابات الجوية والتقلّبات انطلاقًا من هذا اليوم''    عاجل: ارتفاع عدد ضحايا الفيضانات بالمغرب    عاجل: جمعية القضاة تحذر: ترهيب القضاة يهدد العدالة في تونس    كأس العرب قطر 2025: المغرب والإمارات في مواجهة حاسمة من أجل بلوغ النهائي    طقس اليوم: أمطار غزيرة ورياح قوية    بعد هجوم سيدني.. أستراليا تدرس تشديد قوانين حيازة الأسلحة    HONOR تطلق في تونس هاتفها الجديد HONOR X9d    أب وابنه.. أستراليا تعلن تفاصيل جديدة عن مشتبه بهما في هجوم سيدني    بشرى للسينمائيين التونسيين إثر صدوره بالرائد الرسمي .. إحداث صندوق التشجيع على الاستثمار في القطاع السينمائي والسمعي البصري    أولا وأخيرا .. أنا لست عربيا ولن أكون    وزارة الفلاحة تنطلق في العمل ببرنامج تخزين كميات من زيت الزيتون لدى الخواص مع اسناد منح للخزن    كأس العرب قطر 2025: مدرب منتخب الأردن يؤكد السعي لبلوغ النهائي على حساب السعودية في مباراة الغد    شجاعته جعلته بطلا قوميا في أستراليا.. من هو أحمد الأحمد؟    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    فوز 11 تلميذا في مسابقات الملتقى الجهوي للصورة والسينما والفنون البصرية للمدارس الإعدادية والمعاهد    قفصة : إنطلاق الحملة الوطنية الأولى للكشف المبكر عن اضطرابات الغدة الدرقية    توفى بيتر غرين.. الشرير اللي عشنا معاه على الشاشة    الكاف : مهرجان "بدائل للفنون الملتزمة" يمنح جائزته السنوية التقديرية للفنّان البحري الرحّالي    عاجل: شنيا حكاية ضبط كميات كبيرة من الكبدة المنتهية صلوحيتها كانت متجهة نحو الجزائر؟    شنيا حكاية المادة المضافة للبلاستك الي تقاوم الحرائق؟    إنشاء مجمع صناعي متكامل لإنتاج العطور ومستحضرات التجميل ببوسالم    الألواح الشمسية وقانون المالية 2026: جدل حول الجباية بين تسريع الانتقال الطاقي وحماية التصنيع المحلي    تاكلسة.. قافلة صحية لطبّ العيون تؤمّن فحوصات لفائدة 150 منتفعًا    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    تنبيه لكلّ حاجّ: التصوير ممنوع    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل الثورة التونسية في الاتجاه الصحيح؟
نشر في الصباح يوم 04 - 09 - 2011

بقلم: المولدي الشاوش إن التاريخ الطويل الذي عرفته الإنسانية على مدى الحقب التاريخية البعيدة والقريبة، علمنا ولقننا دروسا لا تمحى من الذاكرة الفردية والجماعية، لأن هذه الدروس من العناصر الأساسية الفاعلة والموغلة بالشعوب إلى اليقظة والنهوض، وتحرير الإنسان من القوالب الموروثة والمتحجرة، والتي ساهمت في بؤسنا الثقافي والاجتماعي والسياسي، وخاصة تلك الشعوب المقهورة، التي قدر لها أن تسوسها وتحكمها طُغمة باغية وفاسدة، فمن الطبيعي ومن جبلة الإنسانية أنها تفزع وتضج، كلما تسلط عليها قهر أو إرهاب، مادي أو معنوي، وقد تسكن لهذه المعاملات الشاذة ردَحا من الزمن، لسبب أو لآخر، لكنها في آخر المطاف، لا بد لها من المقاومة والمقارعة والنضال واثبات الذات، وهذا لا يتحقق إلا بانتزاع الحقوق السليبة من المغتصبين، والانحياز بها إلى المصالح العامة، التي تختفي معها المصالح الحزبية الضيقة، التي تعزل الشعب عن المساهمة في تقرير مصيره الذي يطمئن اليه، بعد الجدب المريع الذي لاقاه.
لأن التسلسل التاريخي، إذا تابعناه في كل مكان وزمان، ندرك من خلاله، أن الإنسانية عانت العناء الفاحش، من حكامها المتسلطين والفاسدين في هذا الوطن أو ذاك.
يقول العلامة ابن خلدون : ( صاحب الدولة عندما يكون مُخربا لما كان سلفه يؤسسون، وهادما لما كانوا يبنون، وفي هذا الطور تحصل في الدولة طبيعة الهرم ويستولي عليها المرض المزمن الذي لا تكاد تخلص منه، ولا يكون لها معه برء، إلى أن تنقرض) المقدمة ص 176 ط بيروت وما حكمة الله من بعث الرسل والأنبياء، إلا من أجل رفعة الإنسان، والارتقاء به من الفكر المادي المحدود، إلى التعالي بهذا الفكر إلى المنطلقات الجادة وخدمة الأوطان، حسب القوانين العادلة، وسنن البر الشاملة.
قال تعالى: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم) الحجرات الآية 13.
فكل ما ترشَح به النفوس من نبل وإيثار واحترام لحقوق الإنسان، ونكران للابتزاز والتسلط، وباختصار شديد لجميع قيم الخير المحببة إلى النفوس، فهي كلها مستمدة من التجارب الإنسانية التي عرفت شرع الله السماوي في كل عصر ومصر، وإلا كيف نرى هذا الإنسان الموغل في جاهليته واستبداده ؟ يركن بين عشية وضحاها، ويصبح ذا مشاعر نبيلة، ويعمل جاهدا لكل ما يوفر الأمن والدفء والسعادة للإنسان.
هذه حقائق رأيناها ماثلة أمام أعيننا سواء في الماضي البعيد، أو اليوم، من أولئك الذين لامست نفوسهم هذه الدقائق الدينية، التي أعطت ثمارها، وخلصت الإنسانية من الأنانية المفرطة التي هي سبب كل بلاء وكرب.
قال تعالى: ( ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين) سورة القصص الآية 77
فالفساد الذي استشرى في عالمنا العربي، سببه فساد الأنظمة التي نصبت نفسها من اجل عشق السلطة والتسلط والابتزاز، لا من أجل الصالح العام، ونسوا أو تناسوا قيمنا الدينية التي ترفض صنيعهم جملة وتفصيلا، ومع ذلك نرى هؤلاء الرؤساء في المناسبات الدينية، يلوذون بالمساجد مهللين مكبرين بكل جلال ووقار، وهم يستمعون لهذه المسامرة الدينية أو تلك، والتي تمجد السلاطين السائرين بالأمة إلى سواء السبيل !!!
ومن هنا نفقت سوق التملق والتأييد الكاذب من البطانة الفاسدة المحيطة بهم مركزيا وجهويا ومحليا. ولا نستثني العديد من المفكرين، الذين باعوا ضمائرهم وذممهم للشيطان بأبخس الأثمان، ونامت عيونهم عن الحق المبين، ولم يعارضوا الطغاة الفاسدين، المبددين للمال العام، والشعوب المقهورة تعاني أسوأ الحالات المعيشية ضيقا وتعاسة، وتمادوا في الضلال والاستبداد والترف الفظيع.
يقول احد فلاسفة التنوير الفرنسي مونتسكيو Montesquieu : ( إن الترف مجلبة لفساد الجمهورية بنوعيها، فهو في الديمقراطية، يصرف الناس عن حب الوطن، وفي الارستقراطية يجعل النبلاء يجرون وراء أطماعهم الشخصية فيعم البلاء.)
فالترف الذي مارسه حاكم تونس المخلوع ومافيته النوفمبرية ببلادنا، فاق كل الإحصائيات والتوقعات، وشل كل قنوات التنمية بالبلاد، وانعكست آثاره الخطيرة والمدمرة على الإنسان وفي كل الولايات، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا..وأدخل الفزع في النفوس التي ما عاد لها أمل في إصلاح المعوج من حياتنا !!
ومن هذا المنطلق: يجب على المواطن التونسي أن يثبت ذاته، بعد هذه الثورة المباركة على الظلم، وأن يقف في المستقبل، حارسا يقظا، ومحاربا جسورا للفساد، في كل المستويات الإدارية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية. وبكل قسوة، لأننا سوف لن نخطو إلى الآفاق الرحبة والواعدة التي ترقى بنا وتدفعنا نحو التقدم والازدهار المنشودين، ما دام عنصر الفساد قائما وشائعا وذائعا.
من اجل هذا وكل هذا رأينا الشعوب العربية في تونس، ومصر، وليبيا، واليمن، وسوريا تثور على الحكام الفاسدين والمتسلطين، الذين كرسوا القهر والاستبداد والفساد شعارا لعديد العقود، إذ تحملت هذه الشعوب المقهورة، التضحيات الجسيمة، فسالت الدماء الزكية، وأزهقت الأرواح زمن الاستعمار أولا، ثم تحت نير حكام الاستقلال الفاسدين ثانيا.
فالثورات إذن، هي التعبير البليغ والرد المفحم من الشعوب، ضد حكامهم المستبدين، وكأنهم بصنيعهم هذا، يريدون أن يحركوا النفس التي لحقها الوهن والتواكل والخمول، حتى تنهض من كبوتها، التي لازمتها طويلا، فتقاوم، وتقتحم المجهول والمحذور، وتنفض عنها غبار السنين، لتستقبل عصرا جديدا، لا يضيق بأي فكر حر، يريد أن يعبر عن هموم الشعوب، وتوديع عصر القهر، والفكر الواحد المطارد للرجال الأحرار وسجنهم وإبعادهم.
فالشعوب العربية المناضلة تلقت الصدمات العنيفة والمكهربة من حكامها وأجهزتها القمعية المتشعبة، فصبرت وصابرت، واستطاعت هذه الشعوب بصلابة عقيدتها الوطنية قًلب الموازين لصالحها، وأسقطت العروش الفاجرة التي حكمتهم لأكثر من خمسين سنة.
نعم قلبنا الصفحة القاتمة، واستبدلناها بصفحة نقية ناصعة. والأجمل من هذا، أن هذه المرحلة الجديدة تتطلب منا نفَسا طويلا من التواصل والتحابب بين المواطنين أفرادا وتنظيمات سياسية بمختلف أطيافها، وأيديولوجياتها، من أجل بناء الوطن من جديد على ركائز صلبة، لا تؤثر فيها الزوابع والتوابع.
أما إذا انقسمنا وتشرذمنا واختلفت الأهواء، فإن مستقبل الثورة سوف يكون قاتما وكارثيا لا قدر الله، ودون زيادة شرح، لأن الساحة الوطنية المفتوحة اليوم شاهدة على ما نقول، فالحذر الحذر من النكوص على الأعقاب وإجهاض الثورة، من اجل الكراسي من ناحية، ومن أخطار الثورة المضادة من أجنحة الردة الداخلية، والقدامى والجدد، والقادمة من وراء البحار، والمتحصنة بتدفق الأموال المشبوهة، كما لا ننسى تلكم الأحزاب العديدة التي غزت الساحة الوطنية، والمعدلة جينيا من رحم التجمع المنحل الذي جرب فخاب وخان وأفسد البلاد والعباد.
لذا على الثوار أن يتحلوا بمزيد اليقظة التامة والفطنة، حتى يصونوا ويحافظوا على ثورة الشعب، وألا يفرطوا فيما حققته الجماهير التونسية من مكاسب رائعة تفوق الخيال، لأن جيوب الردة منتشرون في كل مدينة وقرية وريف كما أسلفت، يتربصون الدوائر ويحاولون إشعال فتيل الفتنة هنا وهناك، وإحياء النعرات القبلية والعروشية، سعيا منهم وراء التفتت والتشظي لوحدتنا، وغاب عنهم أن هذا الفكر القاصر ودعناه، منذ أكثر من خمسين سنة وأصبح في خبر كان.
وعملهم المفضوح هذا لا يزيد التونسيين إلا تلاحما وقدرة فائقة في بناء الذات، ونشر قيم الكرامة وحقوق الإنسان، لإنارة سمائنا، التي تلبدت بالسحب القاتمة لثلاثة وعشرين عاما من الحكم النوفمبري المطلق، الذي حرمنا وعزلنا عزلا عن المشاركة في القرار والرقابة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.