يبدو أن موقف الحكومة من مسالة الاستفتاء بدات تتضح في اشارة واضحة إلى امكانية القبول بهذا المبدا الذي من المتوقع أن يكون موازيا لانتخابات المجلس التاسيسي. وبالعودة إلى ما جاء على لسان الوزير الاول بالحكومة المؤقتة الذي قال "ان الاستفتاء الذي تعالت الاصوات مؤخرا للمطالبة به ليس من مشمولات الحكومة الانتقالية فقط وان تنظيم الاستفتاء يمكن ان يكون محل تشاور بين جميع الاطراف المشكلة للمشهد السياسي الوطني من رئيس جمهورية واحزاب وطنية " ويعتقد عدد من المتابعين للشان السياسي" أن قبول الحكومة المؤقتة لمبدا التشاور في مسالة الاستفتاء انما هو اشارة على امكانية القيام بالاستفتاء كشكل من اشكال الديمقراطية حيث يمكن للشعب أن يكون هو الفيصل والحاسم في تحديد المهام والادوار الاساسية للمجلس التاسيسي." وفي واقع الامر فقد بدات اطراف عدة تعمل على تفعيل مبدا الاستفتاء كواقع سياسي حي فرض نفسه على الساحة لا كفكرة تبحث عن من يؤيدها ويشارك فيها وهو ما عجل بتعرض هذه المبادرة السياسية إلى عدة عمليات "سطو" من اطراف اعلامية وسياسية وبعض مراكز النفوذ.
المبادر الاصلي
بدات الساحة السياسية تتلمس بوضوح حالة الانشطار الحاصلة بين مؤيدي الاستفتاء والدعاة له الامر الذي ادى إلى انقسام واضح بين عدد من الشخصيات المستقلة صاحبة الفكرة الاصلية وبين عدد من الأحزاب سيما تلك المكونة لما يعرف بالتالف الجمهوري وقناة حنبعل التي تبنت الفكرة وعرضتها على شاشاتها خلال اوقات متفاوتة. وبالعودة إلى اصل المبادرة فان الواقع اثبت وبالبرهان التاريخي ووفقا للتسلسل الزمني للاحداث منذ شهر مارس الفارط أن اول من دعا إلى استفتاء وفقا للشكل المقترح من قبل الاستاذ الصادق بالعيد وتدعمت هذه الفكرة مع عدة اطراف من مختلف المشارب السياسية اسلامية منها ويسارية وعدد كبير من مكونات المجتمع المدني. غير أن هذا الامر سرعان ما تحول إلى خلاف منذ أن تم الاعلان عن المبادرة على قناة حنبعل والتاكيد على انها فكرة نابعة من القناة وهو ما اثار حفيظة الاوساط السياسية المشاركة في المبادرة. وقد ذهبت مصادر قريبة من مشهد "الاستفتاء" بالتاكيد على أن دخول قناة حنبعل ومعرفتها بالاستفتاء كان نتيجة بحث اصحاب المبادرة الاصليين عن دعم اعلامي لها غير انه سرعان ما تحول الامر إلى محاولة لسحب البساط والالتفاف على المطلب من طرف "باعث القناة". واتهمت مصادرنا "أن هناك محاولات لتوظيف القناة والمبادرة المذكورة لفائدة العربي نصرة الذي توسعت احلامه السياسية مستغلا بذلك الصورة والقناة للترويج لشخصه كبديل سياسي". وقد حاولنا عشية امس الاتصال بالمسؤول الاعلامي لقناة حنبعل لطفي السلامي لاستجلاء الامر وما روجته بعض الاطراف السياسية الا انه تعذر علينا ذلك.
خارطة طريق
واعتبر مؤسس مركز الكواكبي محسن مرزوق أن فكرة الاستفتاء هي تعبيرة عامة ولا يجوز أن يقع السطو عليها من قبل احد ذلك أن المهم وفي هذه الفترة الانتقالية التي تعيشها البلاد ليس أن نبحث في الجزئيات بقدر ما نبحث عن الكيفية التي سننهي بها حالة اللاشرعية والدخول في طور الانتقال الديمقراطي عبر تركيز مؤسسات الدولة. ودعا مرزوق إلى ضرورة الالتفاف حول خارطة طريق محددة والعودة إلى الشعب لتقرير مصيره.
تشويش
ومن جهة اخرى عبر ائتلاف 23 اكتوبر ( حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، حركة الوحدة الشعبية وحزب الاصلاح والتنمية وحركة النهضة ) عن رفضه لاي دعوة لإجراء استفتاء شعبي، معتبرا ذلك خرقا وتشويشا على الاستحقاق الانتخابي. كما عبر الائتلاف في بيان له عن رفضه "اجراء استفتاء يسبق تشكيل المجلس التأسيسي على أن يحدد بنفسه صلاحياته ومدة عمله ضمن نظمه الداخلية وخلال جلساته الأولى، وتتمسّك بحقّ المجلس التأسيسي في اختيار السلطة التنفيذية القادمة واعطائه صلاحيات مراقبتها ومتابعة عملها "مستنكرا" اصرار بعض الأطراف السياسية على مصادرة الارادة الشعبية".