بقلم: آسيا العتروس «لا تخافوا من العلمانية أنا رئيس وزراء بلد علماني ولكني مسلم...»رسالة واضحة و لا تحتمل أكثر من تفسير حملها أردوغان في أول زيارة له الى مصرالثورة محطته الأولى في الجولة التي يقوم بها عبر ربيع العالم العربي والتي تأخذه انطلاقا من اليوم الى محطته الثانية تونس مهد الثورات العربية التي لا يبدو أنها ستتوقف قريبا لتنتهي بأردوغان بعد غد الى ليبيا بعد نحو أسبوعين على سقوط نظام القذافي... جولة أردوغان لا يمكن أن تكون مجرد زيارة مجاملة وهو الذي يحل في المنطقة مصحوبا بستة من وزرائه الى جانب وفد يضم مائتين من رجال الأعمال الأتراك الذين يتطلعون الى دور جديد في المنطقة يتجاوزذلك الموقع التقليدي لوريث الامبراطورية العثمانية مع هذه الدول الثلاث بعد أن تخلصت من عقدة الخوف وقيود الاستبداد والفساد... والأرجح أن الرجل التقى مستشاريه وحدد خياراته ووضع حساباته جيدا قبل أن يبدأ رحلته التي تتزامن مع ظهورأكثرمن أزمة على سطح الأحداث لعل أهمها الأزمة الراهنة في العلاقات بين تل أبيب وأنقرة على خلفية تقرير الأممالمتحدة حول العدوان الاسرائيلي على سفينة مرمرة التركية واصراراسرائيل على عدم الاعتذار للجانب التركي، ومنها الى الأزمة المتفاقمة بين مصر واسرائيل على خلفية أحداث سيناء وما الت اليه من تحركات ضد السفارة الاسرائيلية في مصر ومطالب بضرورة مراجعة اتفاقية كامب دايفيد للسلام المصري الاسرائيلي كل ذلك الى جانب اعلان اردوغان زيارة قطاع غزة و هي خطوة اذا ما أقدم عليها رئيس الوزراء التركي فانه سيعزز شعبيته وسيزيد في احراج اسرائيل وعزلتها واسقاط اخر أوراق التوت التي تتخفى خلفها. وبذلك وفي غياب سوريا ومصر وفي ظل الفراغ الحاصل يتحول أردوغان الى رمز للكثيرين حتى أن بعض المعلقين التلفزيين لم يتوانوا عن القول بأنه لوكان بامكان أردوغان الترشح في أي انتخابات في الدول العربية لكان الفائز الاول في السباقات الانتخابية... والواقع أن نفوذ تركيا الجديد وهي العضو في الحلف الاطلسي لم يكن من فراغ بل كان نتيجة ما تحقق لتركيا من نمو اقتصادي وقدرة عسكرية بالاضافة الى موقعها الاستراتيجي وقد اختارت تركيا طريقها بعد أن تخلت عن حلم الانتماء الى الاتحاد الاوروبي واختارت بدلا من ذلك ان تكون في دورأمامي بدل البحث عن الارتماء في أحضان الاخرين... من الصومال حيث أوشكت طائرته على السقوط اختار أردوغان أن يكون أول زعيم لبلد اسلامي يتنقل مع عائلته ليقف على حقيقة المشهد في الصومال ويدعو المجتمع الدولي الى الالتزام بوعوده في تخفيف شبح المجاعة التي تهدد ملايين الاطفال في منطقة القرن الافريقي... والواقع أن شعبية أردوغان ليست وليدة الساعة بل ان شعبيته تفاقمت مع سجل المواقف الجريئة التي سجلها في مواجهته لدولة الاحتلال وهو ما لم يسبق لاحد من نظرائه في العالم العربي والاسلامي تسجيله على الاقل في السنوات الاخيرة وقد كان في ذلك المشهد الذي تناقلته فضائيات العالم في مؤتمر دافوس دوره في تعزيز شعبية أردوغان التي ما انفكت ترتفع منذ ذلك الحين. وسواء كان أردوغان يدري أولا يدري فانه بات يدفع بالكثيرين في العالم العربي والاسلامي الى تحميله تطلعات وأحلام أجيال متعاقبة من العرب والمسلمين في الدفع الى اعلان الدولة الفلسطينية عندما يحين موعد تقديم السلطة الفلسطينية طلبها أمام صناع القرارفي العالم حتى لا نصطدم مجددا على وقع مزيد من خيبات الامل عندما يحين موعد الاختبار المصيري ونستفيق مع واقعنا المرير...