محسن الزغلامي ربما مثل سؤال : لماذا "استبق" - وبساعات قليلة - وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الى تونس بزيارة قصيرة و"مفاجئة" هي الأولى من نوعها لمسؤول سعودي لبلادنا منذ ثورة 14 جانفي؟ مدخلا "صحيحا" للإحالة على حقيقة معطى ما يسميه بعض المحللين "قلق المملكة العربية السعودية وبعض البلدان العربية والخليجية الأخرى من الهيمنة التركية على المنطقة العربية مشرقا ومغربا"... على أن ما يبدو- ربما - أدعى للتأمل وأجدر بالوقوف عنده - على خلفية الزيارتين - هو الدلالات السياسية والدبلوماسية المستجدة التي تكشفان عنها وتحيلان عليها... وما من شك أنه يمكن القول - ابتداء وبكثير من الاطمئنان - أن زيارة رئيس الوزراء التركي هي التي تعد - شعبيا على الأقل - الحدث الأحق بالاهتمام وهي التي تطلعت لها أكثر أفئدة عموم التونسيين وذلك - ربما - لكاريزمية شخصية السيد أردوغان - من جهة - ولطبيعة مواقفه السياسية الشجاعة المعلنة خاصة فيما يتعلق بمسألة الحصار على غزة - من جهة أخرى -... أما اذا ما أردنا أن نقيس "الأشياء" قياسا صحيحا - بعيدا عن منطق الشعبويات والعاطفة - فانه يمكن القول أن الزيارتين هامتان - سياسيا - لبلادنا في هذا الظرف تحديدا لأنهما تتيحان معا - وبالقدر نفسه ربما - لتونسالجديدة (تونس ما بعد ثورة 14 جانفي) أن "تجدد" في توجهات دبلوماسيتها وفي "أسلوب" سياستها وعلاقاتها الخارجية وأيضا أن تبعث في نفس الوقت برسائل سياسية على غاية من الأهمية لبعض شركائنا "التقليديين" - من دول شقيقة وصديقة - مفادها أن تونس الثورة لم تعد تلك الدولة الذليلة أو الطامعة أو التابعة وأنها أضحت قادرة وتجرؤ - إذا ما اقتضى الأمر- على أن تنوع في علاقاتها وشراكاتها مع دول العالم شرقا وغربا بحسب ما تقتضيه كرامة شعبها ومصالحه العاجلة منها والآجلة... نقول هذا، ونحن نثمن - بالمناسبة - للحكومة التركية ولرئيسها الضيف المبجل السيد رجب طيب أردوغان حرصها على إعطاء بعد شراكة وتعاون واضح لهذه الزيارة الرسمية المعلن عنها مسبقا (غير الفجئية) والتي ستتوج بتوقيع اتفاق صداقة وتعاون بين البلدين يساعد على تمتين وتطوير مستوى العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري... مرة أخرى.. مرحبا سيد أردوغان..