وزيرة الأسرة تعطي إشارة انطلاق الندوات الإقليمية حول "الإدماج الاقتصادي للمرأة وتحقيق التنمية في أفق 2030"    عاجل/ الإعلان عن موعد انطلاق "أسطول الصمود" من تونس باتجاه غزة..    والد ضحية حفل محمد رمضان يكشف حقيقة "التعويض المالي"..    فيديو صادم يوثق اعتداءً على طفل في القيروان: الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تتحرك قضائيًا    أحمد الجوادي قصة نجاح ملهمة تشق طريق المجد    إصابة عضلية تبعد ميسي عن الملاعب ومدة غيابه غير محددة    جلسة عامة خارقة للعادة لجمعية شبكة أطفال الارض يوم 13 اوت الجاري    سليانة: رفع إجمالي 275 مخالفة اقتصادية خلال شهر جويلية المنقضي    الحماية المدنية: إطفاء 105 حريقا خلال ال24 ساعة الماضية    القبض على "ليلى الشبح" في مصر: سيدة الذهب والدولارات في قلب العاصفة    الصين ترفض مطالبات واشنطن بعدم شراء النفط الروسي    7 قتلى خلال أعمال شغب في سجن بالمكسيك    استشهاد 56 فلسطينيا برصاص الاحتلال خلال بحثهم عن الغذاء    وزارة الأسرة تؤمن مواكبة 1200 من الأطفال فاقدي السند ومكفولي الوزارة للعرض التّرفيهي La Sur la route enchantée    عاجل/ تحذير من مياه الشرب المعلبة عشوائيا..    صيف 2025 السياحي: موسم دون التوقعات رغم الآمال الكبيرة    نتائج المباريات الودية لأندية الرابطة الأولى    الألعاب الأفريقية المدرسية: تونس في المرتبة الثالثة ب141 ميدالية    إنتقالات: الناخب الوطني السابق يخوض تجربة إحترافية جديدة    طقس اليوم.. انخفاض طفيف في درجات الحرارة    اليوم.. البحر شديد الاضطراب والسباحة ممنوعة    بنزرت: وفاة 4 أشخاص غرقا في يوم واحد    خطير/ حجز 7 آلاف رأس خروف في محل عشوائي..وهذه التفاصيل..    "روبين بينيت" على ركح مهرجان الحمامات الدولي: موسيقى تتجاوز حدود الجغرافيا وتعانق الحرية    وزارة الأسرة تؤمن مواكبة 1200 طفل من فاقدي السند ومكفولي الوزارة عرض La Sur la route enchantée ضمن الدورة 59 لمهرجان قرطاج الدولي    عاجل: الكاف يرفع جوائز الشان ل10 ملايين دولار وفما فرصة للتوانسة!    قرارات عاجلة لمجابهة انقطاعات مياه الشرب بهذه الولاية..    محمد عادل الهنتاتي: مصب برج شاكير كارثة بيئية... والحل في تثمين النفايات وتطوير المعالجة الثلاثية    فيديو -حسام بن عزوز :''الموسم السياحي يسير في الطريق الصحيح و هناك ارتفاع إيجابي في الأرقام ''    البحر ما يرحمش: أغلب الغرقى الصيف هذا ماتوا في شواطئ خطيرة وغير محروسة    عاجل: مناظرة جديدة لانتداب جنود متطوعين بجيش البحر... التفاصيل والتواريخ!    جريمة مروعة: امرأة تنهي حياة زوجها طعنا بالسكين..!!    خزندار: القبض على عنصر إجرامي خطير متورط في عمليات سطو وسرقة    ديوان التونسيين بالخارج ينظم الخميس 7 اوت الندوة الاقليمية الثالثة لاصيلي ولايات ولايات القصرين و سليانة القيروان و سوسة والمنستير و المهدية    عاجل/ خلال 24 ساعة: استشهاد 5 فلسطينين جراء الجوع وسوء التغذية..    تأجيل محاكمة طفل يدرس بالمعهد النموذجي بعد استقطابه من تنظيم إرهابي عبر مواقع التواصل    جريمة مروعة تهز دمشق: مقتل فنانة مشهورة داخل منزلها الراقي    تحذير طبي هام: 3 عناصر سامة في بيت نومك تهدد صحتك!    عاجل/ مقتل فنانة خنقا في عملية سطو على منزلها…    الصولد الصيفي يبدا نهار 7: فرصة للشراء ومشاكل في التطبيق!    شبهة تلاعب بالتوجيه الجامعي: النيابة العمومية تتعهد بالملف والفرقة المركزية للعوينة تتولى التحقيق    وزير السياحة يعاين جهود دعم النظافة بجزيرة جربة ويتفقد موقعا مبرمجا لاقامة مدينة سياحية ببن قردان    عرض "خمسون عاما من الحب" للفنانة الفرنسية "شانتال غويا" في مهرجان قرطاج الدولي    عاجل: تسقيف أسعار البطاطا والسمك يدخل حيّز التنفيذ    من بينها السبانخ.. 5 أطعمة قد تغنيك عن الفيتامينات..تعرف عليها..    القناوية... فوائد مذهلة في ثمرة بسيطة... اكتشفها    اعلام من باجة...سيدي بوسعيد الباجي    تاريخ الخيانات السياسية (35): المنتصر يقتل والده المتوكّل    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي    أيام قرطاج السينمائية تكرّم الراحل زياد الرّحباني في دورتها المقبلة    العهد مع جمهور الحمامات ...صابر الرباعي... يصنع الحدث    مهرجان الفنون الشعبية بأوذنة: الفنان وليد التونسي يعود للركح ويستعيد دفء جمهوره    منظمة الصحة العالمية تدعو إلى إدماج الرضاعة الطبيعية ضمن الاستراتيجيات الصحية الوطنية وإلى حظر بدائل حليب الأم    لماذا يجب أن ننتبه لكمية السكر في طعامنا اليومي؟    هكذا سيكون الطقس هذه الليلة    عاجل : أحمد الجوادى يتألّق في سنغافورة: ذهبية ثانية في بطولة العالم للسباحة!    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأحزاب الكبرى في فخاخ القانون الانتخابي

بقلم: كمال الورتاني يحدوني منذ مدة هاجس مزيد الحديث عن المرسوم الانتخابي عدد 35 الصادر بتاريخ 10 ماي 2011 والمنظم لانتخابات المجلس التأسيسي وذلك للقول بأن كل الدلائل والتحاليل تفضي بنا إلى القول بأن هذا القانون جاء لخدمة الأقلية السياسية والأحزاب الصغيرة ذات التمثيلية الصغيرة في المجتمع ولم يكن مساعدا وخادما للأحزاب الكبرى ذات الأغلبية الشعبية وذلك للأسباب التالية:
إن النظام الانتخابي المعتمد هو نظام خاص جدا وربما يمكن الاصطلاح عليه بأنه نظام فريد صنع في تونس (made in tunisia)، ذلك أنه قلما تجد اعتماد نظام القوائم المغلقة مع اعتماد نظام الأغلبية النسبية وفي دورة واحدة ومما زاد الطين بلة هو اعتماد نظام أكبر البقايا ,الشيء الذي اعتبره الأستاذ العميد الصادق بلعيد بأن شعوذة فقهاء القانون الدستوري في اللجنة المكلفة داخل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة هي التي أفرزت هذا النظام، مما دفع بالأستاذ قيس سعيد لاعتبار يوم المصادقة على هذا المرسوم من قبل الهيئة يوما أسود في تاريخ القانون الدستوري التونسي، في حين اعتبره الأستاذ العميد عياض بن عاشور يوما مباركا ولكل اعتباراته سوف نحاول كشفها.
فبهذه الآلية فقط يمكن لأي حزب أو طرف سياسي مهما كانت تمثيليته الشعبية ضعيفة أن يطمع في الحصول على مقعد واحد على الأقل في المجلس التأسيسي المرتقب ولذلك فإن الانتقادات الموجهة لهذا القانون كانت في محلها إلى حد كبير ويمكن الاستشهاد بالاستقالات المبكرة الفورية التي أعقبت يوم 11 أفريل 2011 تاريخ المصادقة على هذا القانون من قبل الهيئة وأبرزها استقالة الأستاذ احميدة النيفر حيث صرح فيما معناه بأن سببها كان تسجيل استماتة أطراف ذات تمثيلية تكاد تكون منعدمة في الواقع وبحكم صغر ثقلها أن تجد لها موطئ قدم في المجلس التأسيسي.
وحسب رأي الأستاذ قيس سعيد (أستاذ القانون الدستوري) فلن يكون التمثيل النسبي كفيلا بتحقيق تمثيل عادل للأصوات، فرئيس القائمة فقط وحده هو الذي ستكون له الحظوظ الكبرى في الفوز ولكن على خلاف تصريحه من أن نظام الإقتراع على القائمات يختلف عن نظام الإقتراع على الأفراد، فإن المتمعن في طريقة الإقتراع المعتمدة يتبين أن لا اختلاف في النتائج بين كلا النظامين باعتبار أن النتيجة تكاد تكون واحدة في كليهما، فبما أن رئيس القائمة هو من تكون له أكبر حظوظ الفوز فإن الأمر أضحى ليس مختلفا بحيث يمكن القول أن المقترع حين يدخل مكتب الإقتراع سيتعرض إن صح التعبير إلى عملية خداع إجرائية، فهو يظن أنه اختار قائمة عندما وضعها في الصندوق، بحيث يمنع عليه حتى التشطيب، في حين، وفي حقيقة الأمر وباعتماد نظام النسبية وأكبر البقايا فإن المقترع يجد نفسه قد اقترع على أفراد وليس على قائمات أي على رئيس القائمة وما يليه مباشرة في الترتيب، باعتبار أن نجاح قائمة بأكملها يكاد يكون مستحيلا إلا في حالة واحدة وهي تقدمها بمفردها في الدائرة.
وأمام هذه الوضعية، فإن القانون الانتخابي لعضوية المجلس التأسيسي هو قانون في ظاهره يعتمد نظام الإقتراع على القائمات ولكن في حقيقة الأمر والواقع سيفرز مجلسا تأسيسيا يكاد يكون إفرازا لنظام الإقتراع على الأفراد، فالعملية الإنتخابية، وإن تبدو أنها عملية عمودية أي منحصرة في قائمة واحدة من أعلى إلى أسفل، فإن النتائج التي ستفرزها ستكون نتاجا لعملية أفقية بين جميع أو أغلب القائمات المتقدمة بالدائرة وكل هذا سببه اعتماد نظام النسبية في دورة واحدة وبأكبر البقايا الذي يذهب بعيدا في عملية الفرز أكثر حتى من نظام أكبر المتوسطات الذي قد يكون اعتماده أكثر عدلا باعتبار أنه يأخد في الحسبان النتيجة الأولى بالنسبية حين الاحتساب للوصول إلى النتيجة الثانية بحيث لا يغلب الضعيف جدا في الترتيب على المتوسط في كسب الأصوات أو يساويهما.
و إن اعتماد هذا النظام كان المستهدف به واضحا هم الأحزاب الكبرى في البلاد ذات الشعبية العريضة في المجتمع التونسي وعلى رأسها حزب حركة النهضة وذلك كأول آلية لتقليص تمثيليتها في المحفل الشرعي بعد الثورة مرورا بعدة عوائق أخرى وضعت في الطريق ومنها مبدإ التناصف غير أن السحر انقلب على الساحر في هذا الباب. أيضا نفس النتيجة كانت في عملية التسجيل لقائمات الناخبين حيث سجل تصريح لكمال الجندوبي رئيس الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات في أول الأمر مفاده أن الذي لا يسجل اسمه في قائمة الناخبين لا يستطيع أن ينتخب، ليتراجع بعد ذلك، وأمام ضعف الإقبال على التسجيل الإرادي رغم التمديد ويصرح بأن التسجيل كانت الغاية منه وضع أرضية معلومات جديدة وحديثة وصحيحة وليس من نتائجه إعفاء من لم يسجل أو حرمانه من التصويت حيث سيتم الإعتماد على بطاقة التعريف الوطنية مما يعطي منحى تفسيريا وتأويليا لما أملاه الفصل 6 من المرسوم الإنتخابي / فقرة أولى.
وأمام هذه المعطلات والعوائق، يكون من الحكمة للأحزاب الكبرى أن تسعى إلى إقامة تحالفات انتخابية قبل موعد الإنتخابات ولا تنتظر حتى الدخول إلى المجلس لكي تسعى في إقامتها.. ذلك أنه أن تتحالف معي وأنت تعرف حجمي الإفتراضي خير وأكثر فاعلية من أن تتحالف معي وأنت قد عرفت حجمي الحقيقي وبعبارة أخرى حظوظ نجاح وفاعلية التحالفات تكون أوفر وأنجع وأكثر نجاحا قبل الإنتخابات وليس بعدها لأنه كما بينا فإن كل الإحتمالات ممكنة والمفاجآت واردة بمقتضى هذا القانون الفريد الموضوع على مقياس من وضعوه، ولذلك يمكن ملاحظة فراغات متعمدة في القانون وأهمها أنه لم يقص من الترشح أعضاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة أي أن من صوت على القانون واعتمده لم يقص نفسه مثلما تم الإقصاء الإختياري لأعضاء الحكومة الإنتقالية. ولهذا فلكي تتمتع حقا بالشفافية والديمقراطية كما يجب، وباعتبارك واضع القانون، فإنه كان عليك أن تتعهد بعدم الترشح لتكون الصورة أوضح وأنصع، أما وأن من وضع القانون على قياسه ولم يعف نفسه من الترشح، فإن رأي المستقيلين من الهيئة يصبح وجيها إلى حد كبير ذلك، وعلى قول الشاعر الفلسطيني أحمد مطر = " من يملك القانون في أوطاننا هو الذي يملك حق عزفه ".
كما أنه وأمام هذه الوضعية أيضا يجب تبني وتدعيم القوائم المستقلة في جميع الدوائر لحصد أكثر ما يمكن من أصوات بأكبر البقايا وتدعيما للطيف السياسي الموحد المتجانس داخل المجلس التأسيسي وتمهيدا للتحالفات داخله وإنه بدون هذه الآليات وغيرها، وبدون تحالفات لا يمكن تجنب ما آل إليه جهد ونجاح أحزاب معروفة على المستوى الإقليمي، حيث أنها وبالرغم من نجاحها في كسب أغلبية أصوات الناخبين غير أنها لم تستطع تشكيل حكومة لعدم توفقها في إقامة التحالفات اللازمة لذلك.. من ذلك نذكر حزب القائمة العراقية لإياد علاوي في العراق حيث نجح في الإنتخابات الأخيرة ولكنه لم يحكم لعدم توفقه في إقامة التحالفات اللازمة التي تمكنه من ذلك كما يمكن الإشارة إلى حزب كاديما لزعيمته تسيبي ليفني في الكيان الصهيوني " اسرائيل " حيث لم تستطع رغم نجاحها في الإنتخابات الأخيرة أن تصمد أمام تحالف المنافس لها حزب الليكود وزعيمه المتطرف ناتنياهو والذي استطاع بتحالفه مع حزب المتطرف ليبرمان أن يشكل حكومة ويعود كاديما إلى المعارضة.
وهكذا الأمر في كل نظام شبه برلماني حيث أن التحالفات في غالب الأحيان هي الفيصل في توجيه البوصلة نحو كرسي الرئاسة وهذه من أهم عوائق ومشكلات النظام البرلماني حيث تمتاز السلطة فيه بعدم الإستقرار نظرا للتحالفات القائمة والتحالفات الممكن فكها في أي وقت.. ولعل المشهد اللبناني خير دليل الأمر الذي يتسبب عادة في بطء التنمية داخل الدولة نتيجة عدم استقرار القرارات.
فالمسألة إذن كلها تحالفات وانتهى زمن الحزب المسيطر كليا على الحياة السياسية أو بالأحرى على السلطة السياسية خاصة مع المرسوم الإنتخابي المنظم لانتخابات المجلس التأسيسي.
وإن المتمعن في كثرة الأحزاب وتفريخها في البلاد يتبدى له العائق الرابع أمام مسيرة الأحزاب الكبرى، ذلك أنه باعتماد القانون الإنتخابي الجديد سيكون عدد هام من مقاعد المجلس التأسيسي مفرقا على أكبر عدد ممكن من الأحزاب الصغيرة باعتماد أكبر البقايا، ولهذا ليس هناك أي خيار أمام الأحزاب الكبرى إلا التحالف قبل الإنتخاب وبعده وكذلك دعم وتدعيم مزيد من القائمات المستقلة.
كما يلاحظ في القانون الإنتخابي بأن به عدة فخاخ أخرى وأهمها التمويل للحملة الإنتخابية والدعاية السياسية والأحكام الجزائية المترتبة عن مخالفة بعض فصوله ومقتضياته يضيق المجال عن التفصيل فيها هنا وربما نجد فرصة أخرى لتبيانها والتعليق عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.