المشهد الاول: قبل 30 عاما تابعنا ونحن تلاميذ مشاهد مفزعة بثها التلفزيون الليبي مباشرة ل"محاكمات ثورية " كانت تنظم في ساحات طرابلس لمئات المعارضين لنظام القذافي بحضور اعضاء من " مجلس قيادة الثورة " (يتقدمهم الرائد عبد السلام جلود الذي ابعد بدوره لاحقا) وهم يصرخون: " صفهم بالدم ياقائد.. سر ولا تهتم لا يا قائد".. ثم يقتل"المتهمون" بالرصاص بتهم "الخيانة العظمى" والانتماء الى "الشيوعيين المرتزقة" او تنظيمات "الكلاب الضالة" وهي التسمية التي كانت تطلق على المعارضين المنتمين الى حركة الاخوان المسلمين الليبية وحلفائها.. وكانت بشاعة القمع تتواصل اذ كان التلفزيون الليبي ينقل مشاهد جرجثث القتلى وسط شوارع طرابلس"مباشرة"( live ).. مع شعارات ترفعها الميليشيات تشهر ب"العملاء" و"الخونة".. المشهد الثاني: اعلان القذافي قبل اشهر حملة تصفية شاملة "للجرذان" و"الكلاب العملاء" مما تسبب في سقوط عشرات آلاف الشهداء والجرحى قبل انهيار كتائب القذافي والنظام الذي ارتزقوا منه 42عاما.. المشهد الثالث: اغتيال "جرذ" مختبئ بعد فرار ابنائه واعضاده وافتضاح حجم الفساد والاستبداد الذي تورط فيه مع الاف من ازلامه.. داخل ليبيا الشقيقة وخارجها خلال عقود.. ..انتهت مرحلة وتوشك الشقيقة ليبيا ان تبدأ مرحلة جديدة حاسمة تبدو تونس معنية بها اكثرمن غيرها لاسباب عديدة من بينها العلاقات الاستراتيجية بين الشعبين ورجال الاعمال في البلدين ماضيا وحاضرا.. الى جانب التضامن الاسطوري الذي برز بين الشعبين خلال محنة الشعب الليبي الشقيق منذ اندلاع ثورته في فيفري الماضي.. انتهى القذافي ونظامه مثلما انتهت حقبتا بورقيبة وبن علي لكن ستبقى تونس وليبيا.. فلتعمل كل الاطراف السياسية الوطنية التي تستعد لانتخابات 23 اكتوبر ولدخول الحكومة القادمة على دفع الاوضاع في اتجاه ضمان بناء مزيد من جسور التواصل والشراكة.. استعدادا لحقبة من التعاون يحكمها منطق تقاطع المصالح.. بعيدا عن"انفعالات الزعماء".. وعن "عناد" المستبدين.. عسى أن تكون نهاية القذافي وصدام وغيرهما من المستبدين عبرة لبقية الساسة العرب..