من المؤكد أنّ القوى السياسية "الفائزة" في العملية الانتخابية تنكبّ حاليا على رسم خارطة المرحلة الانتقالية والمتعلقة أساسا بتشكيل المجلس التأسيسي وتحديد مدّة عمله وتركيز حكومة ائتلافية.. والى حين حسم التركيبة النهائية فان عديد القضايا وخاصة منها الاقتصادية باتت تفرض نفسها وبإلحاح غير مسبوق في الاول على حكومة قائد السبسي وسيتجدد الامر مع الحكومة القادمة. ورغم عديد التسريبات بشان التوزيع الجديد للحقائب الوزارية فان كل ذلك يعد ظرفيا في نظر التونسي الذي يبقى همه الأول، كيف يمكن ان تنفذ البرامج التنموية التي أعدتها الحكومة المؤقتة والتي من المنتظر أنّ "تصّدر" هذه البرامج الى الحكومة القادمة وفقا لعديد التصريحات السياسية السابقة. وبالعودة الى البرامج الاقتصادية للأحزاب نجدها متشابهة في جوهرها وتتلاقى في نفس الاتجاهات على عكس البرامج السياسية التي طرحتها هذه القوى والتي يشوبها اختلاف كبير.. في هذا السياق أكد الخبير الاقتصادي عزام محجوب في اتصال "الصباح" أنّ التوافق بين الزعامات في كل دول العالم على المستوى الاقتصادي يكون أسهل بكثير من التوفيق بين الثقافات السياسية. كما يرى محجوب " أنّ منوال التنمية الذي سبق وان عرضته الأحزاب الفائزة في حملاتها الانتخابية التي سبقت موعد 23 أكتوبر تتلاقى في نفس الاتجاهات والخطوط العريضة وهي تحقيق تنمية جهوية عادلة ومكافحة البطالة وهي اتجاهات واضحة وتحقيقها يبقى رهين التوافق السياسي بين القوى البارزة". وفيما يتعلق بالبرنامج الاقتصادي والاجتماعي الذي اعدته الحكومة المؤقتة والذي سيتم إحالته على الحكومة المقبلة، لاحظ محجوب ان التعثر في تنفيذ المخطط الاقتصادي والاجتماعي والانتقادات التي توجهت إليه ستأخذ بعين الاعتبار من طرف الحكومة الجديدة وهو ما يؤكد ان الاستعانة بهذا البرنامج ستتم فقط في حدود ضبط ميزانية سنة 2012. وفي الباب الاقتصادي يجدر التذكير بانه تم بداية من جويلية المنقضي الانطلاق في عمليات سحب وصرف نسبة هامة من التمويلات التي تمكنت تونس من تعبئتها بعنوان التمويلات الخارجية الاستثنائية التي فرضتها الحاجيات الإضافية وقد بلغت هذه التمويلات نحو 1600 مليون دينار من مجموع 4000 مليون دينار وفي انتظار ان تتشكل الحكومة المقبلة تطرح عديد الاستفسارات حول الوعود التي قدمها الغرب الى تونس في لقاء مجموعة الثمانية وهل سيكون الإيفاء بهذه الالتزامات رهينا لتوجهات الحكومة المقبلة؟