وجه قاضي التحقيق العسكري بالمحكمة العسكرية الدائمة بتونس تهمتي القتل العمد مع سابقية القصد ومحاولة القتل العمد مع سابقية القصد ل 17 عون ممن يشتبه في مشاركتهم يوم 13 جانفي 2011 في الأحداث التي شهدتها منطقة رأس الجبل وسقط خلالها ثلاثة شهداء هم محمد الهبهوبي وحمدي الدرويش ومحمد دندن و16 جريحا هم خالد بن نجمة ومحمد الهادي مزاح ورحيم الأحول ونعيم الساحلي ومجدي البجاوي وفريد دخيل وحسام منصور وإسماعيل بعازيز وزبير الدريدي وراضية النار ومحمد دخيل ونزار بلقاسم وإبراهيم الرايس وأشرف البحري وفتحي بن الأكحل وحمزة بن عثمان في أقل من نصف ساعة من الإطلاق العشوائي والكثيف للرصاص الحي، فيما وجه تهمتي المشاركة في القتل العمد مع سابقية القصد والمشاركة في محاولة القتل العمد لإطار أمني كان يشغل خطة رئيس منطقة الشرطة برأس الجبل في تلك الفترة، وذلك في انتظار ما ستقرره دائرة الاتهام العسكرية بمحكمة الاستئناف بتونس. رصاصة في الصدر
وحول الاحداث الواقعة أفاد علي دندن والد الشهيد محمد دندن أن بلدة رأس الجبل شهدت تحركات شعبية مساء يوم 13 جانفي 2011 شارك فيها ابنه إلا أنه وحوالي الساعة السابعة من مساء اليوم المذكور تلقى خبر نعي إبنه المذكور نتيجة إصابته بطلق ناري من طرف أعوان الأمن الوطني التابعين لمركز الأمن برأس الجبل ومنطقة الأمن بالمكان في صدره من الجهة اليمنى بالقرب من المستشفى المحلي برأس الجبل وقد تم نقله الى المستشفى المذكور أين لفظ أنفاسه الأخيرة وقد عاينه الدكتور عبد الرحمان بن سعيد وحرر في شأنه شهادة طبية للوفاة تضمنت أن الوفاة ناتجة عن إصابته بطلق ناري. وأضاف والد الشهيد أن شهود العيان ذكروا له بأن البعض من أعوان الأمن التابعين لمركز الأمن الوطني برأس الجبل صعدوا الى سطح ذلك المركز وأطلقوا النار نحو المتظاهرين دون أن يعرف عون الأمن الذي أطلق الرصاص على إبنه وأدلى بقرص ليزري يتضمن تسجيلا للمظاهرة التي جدت برأس الجبل بتاريخ 13 جانفي 2011 وعدد 3 ظروف فارغة للخراطيش وصورتين فتوغرافيتين للشهيد.
رصاصة تدخل من الظهر وتخرج من البطن
وأفاد العربي الدرويش والد الشهيد حمدي درويش أن ابنه شارك كبقية أفراد الشعب التونسي في الثورة التي شهدتها البلاد التونسية في الأيام السابقة ليوم 13 جانفي 2011 ضد النظام السابق مبينا أنه وحوالي الساعة السابعة أو يزيد من مساء يوم 13 جانفي 2011 تلقى خبر نعي إبنه المذكور نتيجة إصابته برصاصة حية في ظهره وخرجت من بطنه من طرف أعوان الأمن الوطني برأس الجبل أثناء تظاهرة لأهالي المنطقة على بعد حوالي 300 متر عن مركز الأمن مشيرا إلى أن شهود عيان ذكروا له بأن البعض من أعوان مركز الأمن الوطني برأس الجبل صعدوا الى سطح ذلك المركز وأطلقوا الرصاص الحي نحو المتظاهرين دون أن يعرف عون الأمن الذي أطلق الرصاص على ابنه.
طلق ناري في الرأس
إلى ذلك، أفاد الطاهر الهبهوبي والد الشهيد محمد الهبهوبي أن قريبه المدعو رمزي الهبهوبي الذي يعمل مع ابنه بأحد مصانع مدينة رأس الجبل اتصل به هاتفيا بتاريخ 13 جانفي 2011 وأعلمه أن إبنه المذكور تعرض الى إصابة بطلق ناري في رأسه بالقرب من المستشفى المحلي برأس الجبل من طرف أعوان الأمن بالمكان عندما كانا عائدين الى محل إقامتهما بعد إنتهاء عملهما على إثر المظاهرات التي جدت بالمدينة المذكورة وقد تم نقله الى مستشفى المكان أين لفظ أنفاسه الأخيرة وقد تكفل قريبه بإجراءات نقل جثته الى مسقط رأسه بالمهدية في اليوم الموالي حيث تم دفنه بمقبرة المكان دون عرضه على الطب الشرعي.
رئيس المنطقة ينفي
وباستنطاق رئيس منطقة الشرطة برأس الجبل في تلك الفترة أنكر ما نسب اليه ذاكرا أنه عين في خطة رئيس منطقة خلال شهر سبتمبر 2010 وبحكم عمله المذكور فهو يشرف على مراكز الأمن الوطني بالعالية ورفراف والماتلين وغار الملح ورأس الجبل المتواجد بالقرب من منطقة الأمن مبينا أنه وبتاريخ يوم الواقعة الموافق ل 13 جانفي 2011 كان متواجدا بمقر منطقة الأمن الوطني برأس الجبل وحوالي الساعة الرابعة مساء من ذلك اليوم بدأ البعض من الشبان القاطنين بالمدينة المذكورة في التجمع وسط المدينة في إطار مجموعات صغيرة مطلقين بعض الهتافات والصفير لتجميع المزيد من الشبان والقيام بمسيرة في إطار ما شهدته البلاد في تلك الفترة من حركة إحتجاجية شعبية وقد استمر الحال على ما هو عليه الى حدود الساعة السادسة مساء دون حصول أية أعمال عنف من طرف المتظاهرين أو من قبل أعوان الأمن. وأضاف أنه بداية من الساعة السادسة مساء علم من قبل الأعوان العاملين تحت إشرافه بالمنطقة بإنطلاق مسيرة وسط مدينة رأس الجبل دون أن يعرف عدد المشاركين فيها كما علم بأن البعض من المشاركين فيها تولوا قذف الحجارة تجاه الممتلكات العامة والخاصة كما شرعت تلك المسيرة في الإقتراب من مقر مركز الأمن الوطني برأس الجبل الذي تواجد أمامه رئيسه وثلة من الأعوان العاملين تحت إشرافه وقد شرع المتظاهرون في الإقتراب تارة من مقر المركز مع قذفه بالحجارة وتارة أخرى متراجعين إلى الوراء في شكل كر وفر وحوالي الساعة السادسة والنصف من مساء استمع لدوي طلق ناري من أمام مركز الأمن المذكور فاعتقد بأن ذلك الطلق كان في الهواء قصد تفريق المتجمهرين مثلما حصل في اليوم السابق طبقا للتعليمات الواردة بعد ظهر يوم 13 جانفي 2011 من إقليم الأمن الوطني ببنزرت على قاعة العمليات بمنطقة الأمن الوطني برأس الجبل القاضية بالإكتفاء بإطلاق النار في الهواء لتفريق المتجمهرين. وذكر أنه وبسؤاله رئيس المركز عن طريق قاعة العمليات أجابه أن إطلاق الرصاص الحي تم في الهواء من قبل أعوانه لإبعاد المتظاهرين الذين اقتربوا كثيرا من مقر المركز ولكن ذلك الطلق الذي كان أحيانا متقطعا وأحيانا أخرى مسترسلا تواصل قرابة النصف ساعة ورغم ذلك لم يبادر بالإتصال مجددا برئيس المركز المذكور معتقدا بأن ذلك الطلق كان في الهواء طبقا للتعليمات السابقة وحوالي الساعة السابعة مساء نزل من مكتبه وتوقف لبعض الوقت أمام مقر المنطقة دون أن يلاحظ أي شيء غير عادي ثم رجع الى مكتبه مواصلا متابعة الأوضاع الأمنية بمختلف مراكز الأمن الأخرى التي شهدت بدورها نفس الأحداث الحاصلة بمدينة رأس الجبل دون أن يتم إعلامه بسقوط ضحايا من بين المتظاهرين سواء مباشرة أو عبر قاعة العمليات بمقر المنطقة. وأضاف أنه وفي حدود الساعة التاسعة والنصف ليلا تلقت قاعة العمليات بمقر المنطقة إخبارا من قاعة العمليات بإقليمبنزرت مفاده قبول المستشفى المحلي برأس الجبل لعديد المصابين بالرصاص الحي إصاباتهم متفاوتة الخطورة وقد فارق بعضهم الحياة فاعتقد أنهم تعرضوا لإطلاق النار بالمناطق المجاورة دون أن يخطر بباله أن تلك الإصابات حصلت بمدينة رأس الجبل. وذكر أنه في حدود الساعة الواحدة من فجر يوم 14 جانفي 2011 قدم المتفقد العام للأمن الوطني السابق علي بن منصور الى مدينة رأس الجبل و أجرى أبحاثا إدارية وميدانية حول ما حصل من سقوط ضحايا ومصابين من بين المتظاهرين.
استنتاج غير صحيح
وأضاف رئيس المنطقة أن ما جاء على لسان المتفقد العام للأمن الوطني السابق في خصوصه صلب محضر استنطاقه والذي أكد فيه على تقصيره في القيام بواجبه كقائد أمني ميداني بمدينة رأس الجبل وتحميله المسؤولية على أساس ذلك بالنظر لما لاحظه من تسيب لدى أعوان الأمن العاملين تحت إشرافه يوم الواقعة وما استنتجه من خلال الأبحاث الميدانية التي قام بها غير صحيح إذ أنه لم يكن حاضرا ساعة حصول وقائع القضية كما أنه قام بإعطاء استنتاجات شخصية تعبر عن رأيه الخاص ولا تمت للوقائع بأية صلة خصوصا وقد حل بموطن الواقعة بعدما يزيد عن خمس ساعات من توقيت حصولها كما لم يقم بالأبحاث الإدارية على الوجه الأكمل.
إنكار
وباستنطاق أعوان الأمن المشتبه بإطلاقهم أو مشاركتهم في إطلاق الرصاص الحي على المحتجين أنكر رئيس مركز الشرطة برأس الجبل وبقية الأعوان ما نسب إليهم.
مكافحة بين رئيس المنطقة والمتفقد العام
وبإجراء مكافحة بين المتفقد العام للأمن الوطني السابق ورئيس منطقة الشرطة برأس الجبل أكد خلالها المتفقد العام السابق للأمن الوطني أنه تحول الى مدينة رأس الجبل بتكليف من رئيسه في العمل المدير العام للأمن الوطني السابق لإجراء الأبحاث الإدارية والميدانية حول عملية إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين بتلك المدينة مساء يوم 13 جانفي 2011 من قبل أعوان الأمن بالمكان وبإجراء المعاينات والأبحاث الإدارية اللازمة تبين من خلالها وجود عشرات ظروف الخراطيش ملقاة أرضا أمام مقر مركز الأمن الوطني برأس الجبل تابعة لمختلف العيارات من الرصاص الحي المستعملة بواسطة بنادق الشطاير والمسدسات وكان العديد منها مجمعة حول حاويات زهور إسمنتية مما يفيد أن بعض الأعوان صعدوا فوق هذه الأخيرة للتصويب تجاه المتظاهرين خاصة وقد عثر على آثار طلق ناري ببعض جدران المباني المقابلة لمقر المركز وتبعد عنه مسافة حوالي مائة وخمسين مترا على ارتفاع خمسين صنتمترا على مستوى الأرض وعاين آثار طلق ناري اخترقت بابا حديديا لكشك يقع قبالة المركز ويبعد عنه حوالي مائة وخمسين مترا وقد كانت تلك الآثار على ارتفاع حوالي مترا على مستوى الأرض مما رسخ لديه الإعتقاد بأن الطلق الناري قد كان من الأعلى في اتجاه الأسفل.. إلى ذلك تمسك رئيس المنطقة بتصريحاته الأولى.