لست أدري ما اذا كانت أعين "النخبة المثقفة" من اعلاميين وسياسيين وناشطين حقوقيين في الداخل والخارج وخاصة من أولئك الذين لم يعد لهم من شغل هذه الأيام سوى التقاط العثرات السياسية لخصومهم الايديولوجيين و"احصائها" عليهم وتضخيمها اعلاميا من أجل تخويف الناس والعالم منهم ومن طروحاتهم بل وحتى من الخيار الديمقراطي ذاته الذي أتى بهم على حين غفلة من "حراس الحداثة"... لست أدري ما اذا كانت أعين هؤلاء قد وقعت على فحوى مضمون تلك الكلمات النزيهة والموضوعية التي خطها مواطن فرنسي مقيم بمدينة الحمامات ونشرتها أمس - الاربعاء - الشقيقة "لوطون"... هذا المواطن الفرنسي الذي يدعى "جون بيار غيميي" كتب يقول في نص بعنوان "كفى اشاعات" : "منذ عدة أسابيع بل ومنذ عدة أشهر تعيش الساحة السياسية والاجتماعية في تونس على وقع مجموعة من الاشاعات والمعطيات المغلوطة التي تتفاوت في درجة رعبها وسوء دلالاتها"... وبعد أن ينبه هذا المواطن الفرنسي المقيم بمدينة الحمامات الى أنه لا يروم من وراء ما يكتبه التدخل في الشأن السياسي الداخلي للتونسيين أو التعليق على مقاربات بعض الأطراف لنتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي يعود الى القول أنه ومن معه من الأجانب لا يشعرون هذه الأيام بأي نوع من أنواع الرعب أو الخوف وأن حياتهم اليومية في مدينة الحمامات هي مثل حياة أهاليها من التونسيين هادئة وآمنة وطبيعية... وهو عكس ما توحي به اليه - والكلام له - بعض المقالات والتعليقات التي يطالعها هذه الأيام على صفحات بعض الصحف والمجلات وتروج له ريبورتاجات تبثها بعض القنوات التلفزيونية". لا نريد أن نمضي أكثر في استعراض مضمون هذا النص/الشهادة فهو منشور في "لوطون" وبالامكان الرجوع اليه كاملا ولكننا نريد أن نقف خاصة وبكل ألم عند قوله في أحد مواضع النص أن تونسيين "نصحوه" - مثلا - بألا يذهب في رحلة ترفيهية الى مدينة بنزرت لأنها تعد معقلا للاسلاميين المتطرفين... وأن آخرين طلبوا منه ألا يغادر النزل يوم 23 أكتوبر (يوم انتخابات المجلس الوطني التأسيسي) لأنه قد تحدث اضطرابات وأعمال عنف... ما من شك أن شهادة من هذا النوع هي بمثابة "وصمة عار" على جبين أسرى بل قل عبيد الايديولوجيا من أولئك الذين لا ينظرون الى أبعد من أنوفهم... ولا يضيرهم أن يسيئوا للوطن وللثورة وللتجربة الديمقراطية الوليدة في تونس بل وللاقتصاد الوطني اذا ما كان ذلك يشفي غليل حقدهم الايديولوجي البائس ويطفئ نار غيظهم على خصومهم السياسيين... ولله في خلقه شؤون.