«هذا اللقاء للتنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الإنسان، تأخر 5 سنوات عن موعده، حيث كان من المفروض أن يعقد خلال شهر أكتوبر من سنة 2006، ولكن نظام المخلوع بن علي حال دون عقده، حتى لا تفتضح أساليبه الاستبدادية، وانتهاكاته العديدة والدامية لحقوق الانسان»... هذا ما أكده العميد عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، في افتتاحه لليوم الدراسي المغاربي حول حقوق الإنسان، الذي نظم أمس بأحد النزل بتونس العاصمة تحت شعار "الربيع العربي ودور الحركة الحقوقية"، مشيرا إلى أن الرابطة ستقوم يوم الثلاثاء القادم، أمام مقر مجلس النواب، بباردو، وبمناسبة الجلسة الافتتاحية لأشغال المجلس الوطني التأسيسي، بوقفة تدعو من خلالها أعضاء المجلس إلى ضرورة التنصيص على كل أنواع حقوق الإنسان وحرياته في كل المجالات في الدستور التونسي الجديد..
سهل... وصعب
ومضى العميد بن موسى يقول: «الربيع العربي انطلق من تونس الخضراء، ونتمنى الآن أن يعم كل أرجاء الوطن العربي والا ينقلب إلى خريف أو شتاء.. نحن واعون بأن هدم الدكتاتورية واسقاطها سهل، ولكن بناء الديمقراطية الحديثة صعب... وعلينا أن نشيّد ونبني ديمقراطية فعالة تستجيب لكل أهداف وطموحات الثورات العربية، وهذا دور أساسي ورئيسي للمنظمات الحقوقية، فكل منظمة حقوقية، في أي قطر عربي على عاتقها الآن أن تفعّل وتحقق أهداف وطموحات شعبها، وأن تعمل جاهدة على "إذكاء" رياحين وعطر الربيع العربي... وعلى عاتقها أيضا حماية الحريات في كل الميادين.. فنحن في حاجة أكيدة إلى اعلام حر وقوي، وإلى قضاء مستقل ونزيه، وفي حاجة إلى ديمقراطية شفافة، وتداول على السلطة، وفي حاجة إلى نظام جمهوري يستتب فيه الأمن والأمان، وتراعى فيه كل حقوق الإنسان...» وأشار بن موسى في آخر حديثه إلى أن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بعثت مرصدا خاصا لرصد كل أنواع الانتهاكات، وبالتالي الوقوف ضد كل تجاوز من شأنه المساس بحرية المواطن وحقوقه...
الاستبداد يتزعزع
وحيا الأستاذ عبد الحميد أمين منسق التنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الإنسان، الشعب التونسي الذي أطلق شرارة الثورات العربية، وسقى بدمه أزهار الربيع العربي قائلا: «ان أركان الاستبداد في كل أرجاء المغرب العربي، وفي كل الأقطار العربية بدأت تتزعزع الآن، وما شهدته تونس وليبيا مغاربيا.. ومصر واليمن وسوريا إلا دليل قاطع على أن الشعب العربي عاقد العزم لقطع دابر الاستبداد والطغيان مهما كان مبعثه، وفي كل شير من وطننا العزيز...» وحول ما جرى في الشقيقة ليبيا، فقد أبدى الأستاذ أمين استنكارا لتدخل الناتو لأن الشأن، عربي بحت، موضحا: «علينا أن نعمل في مغربنا العربي على وضع دساتير تضمن حقوق الإنسان، ونسعى إلى قيام مغرب عربي موحّد بعيدا عن أي تدخل خارجي، وعن أية وصاية مهما كان مأتاها.. فالمسألة الدستورية هي جوهر حقوق الإنسان وكونيّتها... ويجب أن نصيغ دستورا يضع أسسا متينة لعدم إفلات أي مجرم من العقاب.. دستور يسمح بتتبع المسؤولين عن التعذيب وهتك الحريات وحقوق الإنسان... ومن هنا فلا بدّ من تقوية التعاون وتفعيله بين المنظمات الحقوقية، والهياكل الديمقراطية...» وختم الأستاذ أمين تدخله مؤكدا على وجوب أن يكون الربيع العربي قوّة فاعلة وحريصة على تعزيز الوحدة المغاربية مشيدا بتكوين المجلس الوطني التأسيسي في تونس، معتبرا ذلك تجربة فريدة من نوعها في الوطن العربي...
مداخلات... ونقاشات
ويجدر الذكر أن هذا اليوم الدراسي المغاربي حول حقوق الإنسان تضمّن 8 مداخلات أولاها كانت للأستاذ مختار الطريفي الرئيس الشرقي للرابطة التونسية لحقوق الإنسان، والثانية القاها الأستاذ الزهاري رئيس العصبة المغربية للدفاع عنه حقوق الإنسان، وعنوانها «دور الحركة الحقوقية في دعم الربيع المغاربي»، في حين القت الأستاذة سناء بن عاشور مداخلة ممهورة ب«لا تفريط في المكاسب من أجل دسترة حقوق النساء»... وأما المداخلة الرابعة فقد ألقاها الأستاذ عبد الجليل بدوي من الاتحاد العام التونسي للشغل، تحت عنوان «الحقوق الاقتصادية والاجتماعية سبب الثورة وهدف لها..» وخلال الجلسة المسائية التي سيّرتها الأستاذة سعاد فريقيش الشاوي، من فدرالية الجمعيات المغاربية بفرنسا والأستاذ حسين زياني من الرابطة الليبية لحقوق الإنسان، والقيت خلالها أربع مداخلات، الأولى للأستاذ حسين زهوان، بعنوان «الوضع في الجزائر والربيع المغاربي»، والثانية قدمتها الأستاذة سهام بن سدرين تحت عنوان «العدالة الانتقالية واصلاح الجهاز الأمني»، والثالثة كانت تحت عنوان: «اصلاح المؤسسة القضائية»، والقتها القاضية كلثوم كنّو رئيسة الجمعية التونسية للقضاة... وكانت المداخلة الأخيرة بعنوان «أية اصلاحات في قطاع الاعلام لإنجاح التحوّل الديمقراطي» قدمها الأستاذ حسن المانسي منسّق المركز الوطني المستقل للاعلام والاتصال بتونس... وقد تخللت، كل هذه المداخلات نقاشات بين الحاضرين...