النوّاب حول ملف تدفق «المهاجرين الأفارقة»...تهديد للأمن القومي والحلول تشاركية    لشبهة تبييض الأموال في جمعية «منامتي» ...الاحتفاظ بسعدية مصباح    مصر: تعرض رجال أعمال كندي لإطلاق نار في الإسكندرية    يوميات المقاومة.. خاضت اشتباكات ضارية وأكّدت جاهزيتها لكل المفاجآت .. المقاومة تضرب في رفح    العدوان على غزة في عيون الصحف العربية والدولية ... المقاومة تتمتّع بذكاء دبلوماسي وبتكتيك ناجح    اتحاد تطاوين.. سامي القفصي يعلن انسحابه من تدريب الفريق    قبل النهائي الإفريقي .. حرب مفتوحة بسبب التحكيم    فظيع في القيروان .. يستعين به صاحبه لجمع القوارير البلاستيكية ..مجهولون يحرقون حصانا مقيدا وعربته المجرورة    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    موفى أفريل: ارتفاع عائدات السياحة بنسبة 8% بالمائة    عاجل/ طلب عروض لإيواء مهاجرين بنزل: بطاقة ايداع ضد رئيس جمعية ونائبه    اتحاد الفلاحة بمدنين.. الأضاحي تفي بحاجيات الجهة ويمكن تزويد جهات أخرى    بنزرت: تنفيذ قرارات هدم بهذه الشواطئ    ولاية رئاسية ''خامسة'' : بوتين يؤدي اليمين الدستورية    الليلة: أمطار غزيرة ورعدية بهذه المناطق    Titre    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    من الحمام: غادة عبد الرازق تثير الجدل بجلسة تصوير جديدة    لأول مرة في تونس.. البنك الفلاحي يفتح خط تمويل لمربي الماشية    نحو صياغة كراس شروط لتنظيم العربات المتنقلة للأكلات الجاهزة    تالة: ايقاف شخص يُساعد ''المهاجرين الافارقة'' على دخول تونس بمقابل مادّي    المتلوي: حجز 51 قطعة زطلة بحوزة شخص محل 06 مناشير تفتيش    دوري أبطال أوروبا : ريال مدريد الإسباني يستضيف بايرن ميونيخ الألماني غدا في إياب الدور نصف النهائي    عاجل : صحيفة مصرية تكشف عن الحكم الذي سيدير مباراة الاهلي و الترجي    سليانة: السيطرة على حريق نشب بأرض زراعية بأحواز برقو    هام/ الليلة: انقطاع المياه بهذه المناطق في بنزرت    وزير السياحة : قطاع الصناعات التقليدية مكن من خلق 1378 موطن شغل سنة 2023    سليانة: تخصيص عقار بالحي الإداري بسليانة الجنوبيّة لإحداث مسرح للهواء الطلق    ليبيا تتجاوز تونس في تدفقات الهجرة غير النظامية إلى إيطاليا في 2023    انقلاب "تاكسي" جماعي في المروج..وهذه حصيلة الجرحى..    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة "سينما تدور" (فيديو)    تونس : 6% من البالغين مصابون ''بالربو''    فتوى تهم التونسيين بمناسبة عيد الاضحى ...ماهي ؟    وزارة التربية تنظم حركة استثنائية لتسديد شغورات بإدارة المدارس الابتدائية    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك: "أرباح القصابين تتراوح بين 15 و20 دينار وهو أمر غير مقبول"    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    لاعبة التنس الأمريكية جيسيكا بيغولا تكشف عن امكانية غيابها عن بطولة رولان غاروس    الفنان بلقاسم بوقنّة في حوار ل«الشروق» قبل وفاته مشكلتنا تربوية بالأساس    الرابطة الأولى: النجم الساحلي يفقد خدمات أبرز ركائزه في مواجهة الترجي الرياضي    في قضية رفعها ضده نقابي أمني..تأخير محاكمة الغنوشي    الكشف عن وفاق إجرامي قصد اجتياز الحدود البحرية خلسة    حوادث: 13 حالة وفاة خلال يوم واحد فقط..    رئيسة قسم أمراض صدرية: 10% من الأطفال في تونس مصابون بالربو    البطولة الانقليزية : كريستال بالاس يكتسح مانشستر يونايتد برباعية نظيفة    إشارة جديدة من راصد الزلازل الهولندي.. التفاصيل    عاجل/ هجوم على مستشفى في الصين يخلف قتلى وجرحى..    عاجل- قضية الافارقة غير النظاميين : سعيد يكشف عن مركز تحصل على أكثر من 20 مليار    سيدي حسين: مداهمة "كشك" ليلا والسطو عليه.. الجاني في قبضة الأمن    أولا وأخيرا .. دود الأرض    مشروع لإنتاج الكهرباء بالقيروان    في لقائه بخبراء من البنك الدولي: وزير الصحة يؤكد على أهمية التعاون المشترك لتحسين الخدمات    بمناسبة اليوم العالمي لغسل الأيدي: يوم تحسيسي بمستشفى شارل نيكول حول أهمية غسل الأيدي للتوقي من الأمراض المعدية    فيديو/ تتويج الروائييْن صحبي كرعاني وعزة فيلالي ب"الكومار الذهبي" للجوائز الأدبية..تصريحات..    الفنان محمد عبده يكشف إصابته بالسرطان    نسبة التضخم في تونس تتراجع خلال أفريل 2024 الى 2ر7 بالمائة في ظل ارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك    الفنان محمد عبده يُعلن إصابته بالسرطان    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثالوث الحاكم بين السياسة والاقتصاد والمشاغل الاجتماعية
الأسبوع السياسي
نشر في الصباح يوم 21 - 11 - 2011

- يبدو أن توزيع المسؤوليات أو بالأحرى المناصب بين الثالوث المشكل للسلط الجديدة أصبح شبه محسوم -إلا في حالة حصول مفاجأة- ليعقد المجلس التأسيسي أول اجتماع له غدا بعيدا عن أجواء خلافية حيث كانت مفاوضات الأيام الماضية عسيرة بين النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات حول الرئاسات الثلاث المتعلقة بالدولة والحكومة والمجلس التأسيسي.
ولئن تبقى مسألة توزيع الحقائب الوزارية في انتظار الإعلان الرسمي فإن ما نسجته تسريبات الفترة الأخيرة حول الرئاسات من خلافات وصعوبات وترضيات توضح أن الثالوث الحاكم ليس متجانسا بالقدر الكافي الذي يجعل منه تحالفا يتوفر فيه الحد الأدنى للتعايش استنادا إلى أرضية فكرية مشتركة ووزن سياسي وأهداف وتصورات حول حاضر المجتمع التونسي ومستقبله.
هذا الوضع فريد من نوعه في تاريخ البلاد يطرح جملة من الأسئلة التي ربما لا نجد لها أجوبة جاهزة بقدر ما يتعلق الأمر بخفايا وخبايا كل طرف وطريقة تفاعله مع الفترة التأسيسية وهي المرحلة الأخيرة في كل ما يسود البلاد من مؤقت وانتقالي.
إنها أسئلة مشروعة يطرحها الشارع التونسي من قبيل: كيف ستتعاطى السلطة الجديدة وتحديدا الحكومة مع المشاغل الحقيقية للتونسي وقضاياه الرئيسية مثل البطالة وغلاء المعيشة وأهمية إعادة فتح ملف السكن والرعاية الصحية؟ أية أولوية للحكومة خصوصا بين ما هو سياسي واجتماعي واقتصادي؟ كيف سيكون التعامل مع اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف وما هو النمط الاقتصادي الذي ستنتهجه؟ هل سيتم إعادة الاعتبار لدور الدولة الاجتماعي والاقتصادي وذلك في علاقة بالليبرالية المفرطة الحالية؟
الأولوية للسياسة أم للاقتصاد ؟
حتى لا تتداخل الأمور والأولويات في المرحلة التأسيسية لا بد من التأكيد على أن دور الثالوث الحاكم يتمحور نظريا- في صياغة دستور جديد بكل ما يتضمنه من فصول ستحدد النظام السياسي وأيضا تسيير دواليب الحكومة إلى حين تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية وبلدية أي أن العمر الافتراضي والمفترض لحكومة حمادي الجبالي قد يتجاوز العام إلى حين الإعداد للانتخابات وفي هذه الحالة يتعين توضيح مسألة إمكانية التمديد في فترة التأسيسي حتى بعد الانتهاء من صياغة الدستور.
كما أنه لا يعرف في حالة تحديد فترة المجلس التأسيسي بصياغة الدستور الجهة التي ستكون الحكومة مسؤولة أمامها, وتوضيح المسألة هام جدا باعتبار أن الفترة الانتقالية سيتمخض عنها تنظيم الانتخابات (القانون الانتخابي وخصوصا طريقة التصويت تحديد موعد الانتخابات- التعيينات في المناصب الحساسة مثل الوزارات والولايات والمؤسسات التابعة للدولة(.
وإلى هذا الحد نلاحظ أن حاضر البلاد ومستقبلها يتم التعاطي معهما من وجهة نظر سياسية بحتة ومن منطلق ما يتفق بشأنه الثالوث الحاكم والذي يرتكز على نسبة أصوات الناخبين المتحصل عليها كل طرف فيه لكن هل تونس في حاجة إلى سياسة ورجال سياسة ونخبة سياسية أم إلى خبراء في المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية؟
إذا سلمنا كما تسرب من معلومات بأن وزارات الدفاع والداخلية والتربية لن تكون تحت نفوذ النهضة والمؤتمر والتكتل فإن جانبا من الإشكاليات المحتملة قد حسم ليبدد ما يشاع من رغبة الثالوث في الهيمنة على البلاد وتحديدا في الفترات المقبلة لكن يبقى الشأن الاقتصادي والاجتماعي المحك الحقيقي للثالوث الحاكم بل سيكون أصعب مادة في امتحان ستجد الحكومة نفسها أمامه.
"دعهم يحكموا ليفشلوا"
هذا الامتحان لا يجب أن ينظر له على أساس مجرد تحدّ من قبيل مقولة «دعهم يحكموا ليفشلوا» لأن وضع البلاد استثنائي ولا نملك في تونس ترف تجربة التداول الإيديولوجي السياسي على السلطة من أجل الأفضل مثلما هو سائد في الديمقراطيات الغربية بل نحن نؤسس لدولة على أسس جديدة وننطلق في التنمية والإصلاح الاقتصادي والاجتماعي من مؤشرات جدّ سلبية.
ولا شك أن ما يجري في عديد بلدان الاتحاد الأوروبي حيث الديمقراطيات والمنتخبون ديمقراطيا يواجهون معضلة مواجهة عواصف الأزمة المالية والإفلاس أو حيث تنقاد الشعوب إلى العيش في ظل سياسات تقشف والتعايش معها يمثل أفضل درس لتونس وبالأخص للطبقة السياسية وللمنتخبين ديمقراطيا.
لقد تغيرت عديد المعطيات في عالم السياسة اليوم فالمنتخب ديمقراطيا لم يعد بمقدوره البقاء في السلطة دون أن يواجه تحديات اقتصادية أو مالية وهو ما يجعل هامش المناورة ضيقا لديه للاستمرار كحزب أو تيار سياسي أو نهج اقتصادي.
الديمقراطيات المهددة
أصبحنا نرى حكومات في البرتغال واسبانيا وسلوفاكيا واليونان وايطاليا تعصف بها الأزمات الاقتصادية، وبلد مثل فرنسا أصبح مجبرا على اتخاذ إجراءات تقشفية ليكون الفشل والعجز محددين لمصير الديمقراطيات بل أيضا لمصير دول مهددة بالإفلاس وهي ظواهر نادرة في التاريخ المعاصر.
وأصبحنا أيضا أمام حقيقة بصدد فرض نفسها بنسق متسارع وهي أن الأزمة المالية الاقتصادية كشفت جوانب قصور عديدة في الليبيرالية مثلما كشفت عن حنين لجوهر الدولة وليس لمفهومها- بعد أن تخلت عن وظائف كثيرة لرأس المال وذلك في إطار عولمة أصبحت اليوم محل تشكيك في جدواها وتأكيد لسلبياتها وهو ما تتزعمه حاليا حركات ناشطة مناهضة للعولمة (altermondialisation).
وإذا كانت دول الاتحاد الأوروبي تتضامن وتتسارع إلى نجدة بعضها البعض فكيف سيكون مصيرنا ونحن ريشة في العاصفة المالية الاقتصادية؟ وليس بعيدا عن فحوى المثل القائل: مصائب قوم عند قوم فوائد (بعيدا عن منطق البنوك) فإننا سنكتفي بالدرس من الأزمة المالية الاقتصادية للديمقراطيات الغربية .
لقد ظهرت أصوات عديدة في سياق الأزمة اليونانية تنادي بعودة دور الدولة الفاعل كحكم ومشرفة على شؤون الاقتصاد في مقابل الإفراط في الخوصصة وترك القطاعات المالية بلا قوانين أو ضوابط, فيما دعت أصوات في اسبانيا إلى تنحي الطبقة السياسية من الساحة وإفساح المجال أمام الخبراء والتكنوقراط لمعالجة الأوضاع.
نحن في تونس أمام خيارين: إما أن ننتهج نفس السياسات الليبيرالية وبنفس النسق أو نركز على دور الدولة ونعيد إليها صفتها الراعية للفرد والمحافظة على استقرار المجموعة ككل.. وهذا لا يعني البتة إلغاء المبادرة الخاصة وعدم إعطاء قيمة نوعية وكمية لرأس المال وللاستثمار بل لا بد أن يكون هناك اهتمام بالجانب الاجتماعي وخصوصا التصدي للإفرازات السلبية لسياسة اقتصاد السوق.
ربما نجد في موقف حمة الهمامي زعيم حزب العمال الشيوعي ما يجسم التخوف من الليبيرالية كما تتبناها النهضة لكن لا يجب الاكتفاء بالخوف فلا بد من البديل الذي يتماشى وحاجيات المجتمع والذي يستند على توزيع عادل لثمار التنمية والحد من الطبقية المفرطة وهي عملية مطروحة أمام الخبراء لإعطاء تصورات كفيلة بوضع الاقتصاد التونسي على أسس سليمة وصحيحة.
تكنوقراط لا بيروقراط
لهذا نحن في حاجة إلى حكومة خبراء وتكنوقراط ليس لحرمان حزب ما من حقائب وزارية بل لضرورة المرحلة ولانتظارات التونسيين الذين انتخبوا ممثليهم في المجلس التأسيسي بناء على مطالب وليس على أساس كفاءة في صياغة الدستور.
وينبغي على أية حكومة مقبلة ومهما كان لونها السياسي أو عدد التكنوقراط فيها أن تعي أنّ ما ينتظرها ليس سهلا لأن تفاعلات الأزمات الاقتصادية والاجتماعية قادرة على أن تعصف بالحكومات المنتخبة ديمقراطيا.. إنها معركة بين إطالة عمر اقتصاد السوق وضمان المكسب الديمقراطي.
وقد كشفت الرجة التي أحدثها قرار منع عبد السلام جراد الأمين العام لاتحاد الشغل ثم التراجع عنه أن اتحاد الشغل يبقى محل خطب وده أو احتوائه في مقابل التأسيسي لاستقلاليته.. وسيحدد المؤتمر القادم للاتحاد مدى قدرة بعض الأطراف الفاعلة سياسيا على احتواء الاتحاد قصد تدجينه أو المضي في اتجاه مزيد الاستقلالية, وعلى أية حال يبقى الاتحاد المعطى الهام في المعادلة بشأن الإصلاح الاقتصادي والتنمية من جانب والحفاظ على حقوق العمال وإعطاء الأولوية لأوضاعهم الاجتماعية من جانب آخر.
السياسي والاقتصادي والاجتماعي ثالوث يتطلب قدرا من التناغم والواقعية في مرحلة ما بعد الانتخابات, فما رأي الثالوث الحاكم وما رأي المعارضة أو المعارضات؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.