عرضت قاعة الكوليزي ضمن أيام السينما الأوروبية ليلة الأربعاء الماضية الشريط الوثائقي «آخر حلفاء العقيد» للمخرج التونسي زهير لطيف وإنتاج هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي»، حيث كشف هذا العمل التسجيلي عن الأطراف المساهمة في ارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الليبي وثواره. شريط زهير لطيف «آخر حلفاء العقيد» انطلق من الذهيبة بالجنوب التونسي في اتجاه قبيلة زناتة بليبيا وبالتحديد لمقر عدد من الثوار الأمازيغ الذين أسروا مجموعة من المرتزقة المتورطين في قتل المدنيين. البحث عن أصحاب القبعات الصفر (المرتزقة) ودوافع وجودهم في هذه الثورة الشعبية كان نقطة بداية الشريط ومدته 43 دقيقة تجول خلالها المخرج بين ليبيا ودول الجوار فأكدت رحلة الفريق السينمائي التونسي أن عددا من السودانيين مثلا انضموا إلى مليشيات القذافي ضد الشعب الليبي وقال أحد هؤلاء أنه اختار عن قناعة مؤازرة العقيد فيما أقر مواطنه أن المال أغراه بمساندة حاكم باب العزيزية لأكثر من أربعة عقود. تختلف شهادات الأجانب في ليبيا وتتباين بين الداعم للنظام والمساند للشعب غير أن السبب الرئيسي مثلما يوضحه الفيلم يعود لفقدان مصدر رزقهم باعتبار أن ليبيا كانت تشغل أكثر من مليون ونصف إفريقي.. وهي صورة لم تغيب عن عمل زهير لطيف على غرار الشهادات الموثقة بالأرقام وتصريحات مصادرها المعنية بين ماهو رسمي وماهو ميداني فحضرت الأحداث التاريخية والخلفيات الإيديولويجية والتحالفات السياسية بين مشاهد «آخر حلفاء العقيد» ولعل أهمها دور النظام التشادي في ارتكاب جرائم ضد الليبيين. فتحقيق المخرج التونسي وفريقه في نجامينا العاصمة التشادية توصل إلى الكشف عن وجود عدد من ضباط الحرس الجمهوري لهذا البلد الإفريقي في ليبيا كما تم إقحام مجموعة من الأطفال التشاديين والسودانيين في هذا العمل الإجرامي وهي مسألة سلط عليها شريط هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي» الضوء ودعمها بشهادات لبعض هؤلاء المرتزقة. «آخر حلفاء العقيد» عرج في توثيقه كذلك على العلاقة المتينة بين القذافي والرئيس التشادي إدريس ديبي من خلال مشاهد لاحتفالات كان فيها الحاكم السابق لليبيا ضيفا مبجلا في «نجامينا» وتنافس صوره صور ناظريه في تشاد على واجهة بعض المؤسسات المالية والسياحية في إحالة على عمق المصالح المشتركة بين النظامين.
الطيور عندما تحرم من الحرية
وفي مشهد ساخر ومستفز نقل شريط المخرج التونسي صورا لحمام أطلقه الأطفال ضمن احتفالات الانتخابات الأخيرة في تشاد والتي فاز فيها الرئيس ديبي بفترة رابعة من الحكم فرفضت هذه العصافير الطيران وبقيت على الأرض... فحتى الحيوانات والطيور تحتج على غياب الحرية في هذا البلد المتاخم للحدود الليبية.. وهي من الصور التي لم يغفل زهير لطيف عن إدراجها في عمله الذي أثبت بأدلة علمية وموضوعية أن تورط المرتزقة الأفارقة واضح في الحرب على المدنيين الليبيين خلال ثورة 17 فيفري. من جهته، قال مخرج العمل أنه فخور بانجازه لأن الطاقم الذي سهر على تنفيذه وانتقل إلى ليبيا ثم السودان والتشاد هو تونسي 100% وتجدر الإشارة في هذا السياق أن صاحب شريط «آخر حلفاء العقيد» زهير لطيف قدم أيضا خلال سهرة الكوليزي شريطه التسجيلي الثاني تحت عنوان «جبل نافوسة» والذي يتطرق لحياة أمازيغ ليبيا وثورتهم ضد القذافي الذي عاملهم معاملة سيئة حتى أنهم كانوا محرومين من إطلاق أسماء أجدادهم على أجيالهم اليافعة.