انتهت الندوة العلمية حول العمل الفني وتحولات القيمة بين الثقافي والاقتصادي: كيف نؤسس لسوق الفن التي انتظمت نهاية الأسبوع المنقضي بسوسة ببادرة من الرابطة التونسية للفنون التشكيلية والمندوبية الجهوية للثقافة بسوسة برفع توصيات تتعلق بالخصوص بضرورة تأسيس سوق فنية بتونس. وشدد المشاركون في الندوة من باحثين وجامعيين وفنانين تشكيليين على أن تقام السوق على أسس معرفية تضمن المقومات الاستراتيجية والتنظيمية والشروط القانونية، في كل من المجالين العمومي والخاص، وتحتكم إلى خصوصية القيم الجمالية والثقافية التي تلازم الانتاجات الفنية وتحدد وجودها ومنزلتها وتقيها من ظواهر التمييز المتعسف وظواهر التبضيع والتوظيفات المستهجنة. ونبه المشاركون إلى إن سوق الفن وما يمكن أن تقوم عليه من حركية متفاعلة مع الحركية الإبداعية والإنتاجية ومن توزيع عادل لفرص الترويج يمكن أن تكون واجهة تعكس قيم حرية التعبير الفني ومنزلة الإنتاج الثقافي وتنوع المشارب الإبداعية بربوعنا.
إدارج مادة النقد الفني في برامج تكوين الصحفيين المختصين
وقد طالبت الندوة بالخصوص بالتنزيل المعرفي لإشكالية سوق الفن والإسهام في التراكم المعرفي المتعلق بها على المستوى الجامعي والثقافي والإعلامي وبتكثيف الندوات والمنابر في المسألة بالتنسيق بين الهياكل المتواجدة بالساحة، والخروج بتوصيات يقع تقديمها إلى المصالح الوزارية والهياكل المدنية المعنية. كما دعا المشاركون في الندوة إلى دعم الثقافة الجمالية والتشكيلية في المجال التربوي والثقافي والإعلامي وتركيز مادة مناهج النقد الفني وقراءة الأعمال الفنية في برامج تكوين الصحفيين الثقافيين في شكل دروس أو تربصات بالمؤسسات الإعلامية وإلى تنشيط منابر النقد الفني ومراكمة الأشغال النقدية حول الإنتاج الفني التونسي. دعت الندوة أيضا إلى تطوير البنية الأساسية الملائمة على نحو لامركزي، في القطاع العام، والتشجيع على بعث قاعات للعروض والمراكز الفنية في القطاع الخاص وتحقيق مشروع المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر، ليكون مرجعا للحركة الإبداعية وشاهدا على خاصية التنوع في تجارب الفنانين التشكيليين التونسيين ومستوى الجودة في انتاجاتهم.
إتمام مشروع مدينة الثقافة
وطالب المشاركون في نفس المناسبة بإتمام مشروع مدينة الثقافة وتوظيفه بما يجعله مكسبا لخدمة قطاع الفنون، إنتاجا وترويجا وبتوثيق تاريخ الفن التشكيلي بتونس وجعله بمثابة أرضية مرجعية ومدونة بحثية تُدرس في المؤسسات التربوية والجامعية كما نادوا بضرورة تهيئة الأرضية القانونية لمبادلات السوق وضرورة الخروج من الممارسات القديمة والمرور إلى سوق منظمة ذات آليات مترابطة. وأوصوا في نفس السياق بإعادة النظر في المدونات القانونية التي تخص حقوق التأليف والملكية الفكرية فيما يتعلق بالإنتاجات الفنية بما يُواكب تطورات تاريخ الفن المعاصر والأشكال التعبيرية المستحدثة. ومن ذلك إعادة النظر في الفصلين 18 و19 من قانون 24 فيفري 1994 اللذين يستثنيان الفنانين الفوتوغرافيين من المدة المحددة لغيرهم من التشكيليين لحماية أعمالهم (50 سنة) حيث يقع احتساب أجل استغلال أعمالهم بداية من تاريخ وفاتهم ومن ثمة ضرورة تهيئة الأرضية القانونية لحماية الفنون المستحدثة مثل الرقميات والأعمال التشكيلية المُعتمدة على تقنيات السمعي/البصري. واعتبر المشاركون في الندوة أنه من المهم تشجيع مشاريع بعث الأروقة الفنية وتوفير الضمانات القانونية للإحاطة بأنشطة الرواقيين وأصحاب قاعات العرض وجعلها مهنة قائمة الذات، ذات مواصفات احترافية. ونبهوا من جهة أخرى إلى تفادي كل أشكال المحسوبية والتمييز بين أجيال الفنانين وحساسيتهم الفنية في سلوك لجنة اقتناء الأعمال الفنية التابعة للدولة والتي تشرف عليها وزارة الثقافة وطالبوا بإحكام اختيار أعضائها بتشريك الخُبراء والمحترفين والجامعيين وحمايتها ممن أسموهم بالمتطفلين على القطاع. وطالب المشاركون في الندوة باعتماد إجراءات عملية لحماية مُمتلكات الدولة من الأعمال الفنية وصيانتها، سواء ما يتعلق بالرصيد المخزون الذي يستوجب الأمر التعريف به، أو ما يتعلق بالأعمال المعروضة في المؤسسات العمومية وداخل المكاتب والمرافق العامة مثل بواخر النقل المدني كما أشاروا إلى أهمية الإطلاع على النماذج المعتمدة على المستوى الدولي لتنشيط السوق الفنية على نحو منظم.