فرضت جامعة الدول العربية وتركيا وعدد كبير من الدول الغربية عقوبات اقتصادية على النظام السوري. العقوبات الاقتصادية شملت أساسا النظام المالي والقطاع المصرفي والنفط، وقد بدأت نتائجها تظهر على النظام السوري واقتصاد البلاد الذي يرجح مراقبون أن ينهار في غضون 6 أشهر أو سنة ونصف على أقصى تقدير، جراء اتساع دائرة المقاطعين لنظام الأسد اقتصاديا وماليا. العقوبات المفروضة إلى حد الآن توصف بالموجهة، لأنّها تهدف إلى إضعاف النظام وقطع موارده ودفعه إلى الاستسلام لمطالب المجموعة الدولية بالوقف الفوري لاستخدام العنف ضدّ المتظاهرين السلميين وتستهدف بالأساس الواردات العسكرية والموارد النفطية والنظام المالي. وإن كان عدد من المراقبين يرجحون أن تؤدي هذه العقوبات إلى مزيد عزلة النظام وتؤدي في نهاية المطاف إلى انهياره، فإنّ نتائجها على الشارع السوري ستكون وخيمة أيضا. تنفير قاعدة الدعم ويوضّح تقرير لأرماند هارولت نشره موقع مشروع دراسة الأزمات الخارجية الأمريكي دور العقوبات الاقتصادية الموجهة في تنفير قاعدة الدعم الرئيسية للنظام من خلال تخفيض الصادرات السورية، وما ينجر عن ذلك من تأثير سلبي على استقرار الليرة. إنّ تخلي التجار ورجال الأعمال عن النظام يعد أحد أهم العناصر التي ستساهم في مزيد إضعاف النظام. إذ أنّ لهذه العقوبات انعكاسات كبيرة على عالم المال والأعمال في سوريا، فالنظام اليوم بصدد خسارة تأييد رجال الأعمال الذين بدؤوا يتضررون بشكل مباشر من سياساته، وكلّ ذلك سيعمّق الهوة بين مجتمع الأعمال في سوريا ونظام الأسد، ما سيؤدي إلى مزيد تشويه صورة الأسد واعتباره مصدر عدم الاستقرار في البلاد. وقد عمد عدد كبير من رجال الأعمال السوريين إلى نقل أموالهم إلى خارج سوريا، ما تسبب في مشكلة سيولة عويصة بالنسبة للنظام. ومن شأن العقوبات المفروضة على رموز النظام والمتعاونين معه، بالإضافة إلى بعض المؤسسات الاقتصادية، أن تحرم النظام من التسهيلات والدعم المادي. خاصة أنّ المقربين من النظام ساهموا في تمويل عمليات استخدام الشبيحة وحشد الموالين في مسيرات كبيرة لتأييد الأسد. كما أنّ استهداف الأفراد ذوي الرتبة العالية وفرض عقوبات على أعمالهم وتجميد أصولهم في الخارج يعني الفصل بين قمة هرم النظام وقاعدته. ضربة مزدوجة ويرى عدد من الخبراء السوريين أنّ فرض مزيد من العقوبات ضدّ سوريا سيمثّل ضربة قاضية للاقتصاد السوري، إذ ساهمت العقوبات في مزيد استمرار انخفاض العملة السورية وازدياد الركود الاقتصادي وتدهور قطاع السياحة كما توقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد السوري بنسبة لا تقل عن 2 في المائة. إلا أنّ مراقبين يرجحون أنّ انهيار الاقتصاد السوري يمكن أن يتم حسب مراقبين خلال ستة أشهر أو عام ونصف. ومن شأن هذه العقوبات أن توجه ضربة مزدوجة للنظام السوري، من خلال مزيد تعميق عزلته السياسية واتساع قاعدة المقاطعين ومزيد التصعيد الشعبي ضده. إذ تضعف العقوبات قدرة النظام على التحكم والسيطرة على الأوضاع وارتفاع كلفة البدائل والاعتماد على السوق السوداء، التي تعرضه إلى هدر كثير من الموارد. واتساع قاعدة المتضررين جراء غياب فرص العمل والعيش الكريم. هذا إلى جانب أنّ الانتفاضة السورية أدت إلى تدهور قطاع السياحة بالكامل والذي يدر أكثر من سبعة مليارات دولار سنويا، تمثل في انقطاع حجوزات الفنادق بصورة شبه كاملة وقد أغلقت بعض الفنادق بالفعل، ما يعني أن عددا كبيرا من العاملين في القطاع فقدوا وظائفهم. كما أنّ عائدات النفط والغاز التي تمثل ثلث المداخيل فستتوقف بالكامل بداية من الشهر القادم عندما يصبح الحظر الأوروبي على الواردات السورية كاملا. كما أنّ الأصول في البنوك الخمسة الكبرى في سوريا تراجعت بنسبة 17 في المائة في النصف الأول من العام الجاري. ويرجح خبراء في الولاياتالمتحدة أن تساهم العقوبات الاقتصادية على سوريا في تضييق الخناق على النظام وضرب أسسه ودعائمه المالية والسياسية، ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى سقوط الأسد. خاصة أنّ العقوبات تبدو الخيار الوحيد المتاح أمام المجموعة الدولية لإنهاء الأزمة السورية، في ظل تحاليل تتحدث عن استبعاد فرض حظر جوي على دمشق أو اللجوء إلى تدخل عسكري أجنبي، نظرا إلى أنّ هذا القرار قد يغرق البلاد في صراعات طائفية ويجر المنطقة إلى حرب شاملة.