مرة أخرى تقع مجموعة من مراكب الصيد المخالفة في قبضة القانون فتطبق عليها الأحكام الزجرية الواردة بالنص المنظم للصيد البحري وقد تعلق الأمر هذه المرة بخمسة "بلانصيات" بصفاقس وجد أصحابها أنفسهم متوقفين عن ممارسة النشاط بسبب منع وحدات صيدهم من الإبحار علاوة على تحملهم لعقوبات مالية وخطايا وحجز المحصول السمكي وحرمان من منحة الدعم... تراكم العقوبات عند ارتكاب مخالفة واحدة ولاسيما منها عقوبة حجز المركب أضحت تثير بشدة امتعاض وشجب المجهزين المعنيين. في هذا السياق اتصل بنا من صفاقس أحد المجهزين لبسط الوضعية الحرجة التي يمر بها منذ إيقاف مركبه عن النشاط صحبة عدد من المجهزين وهو ما يهدد حسب تصريحه مورد رزق عشرات العائلات من البحارة لمدة قد تزيد عن الشهر بسبب توقف نشاطهم على متن المراكب المحجوزة. ولئن لا يعارض المتحدث في تحمل تبعات المخالفات التي يقع فيها ربان مراكب الصيد بالأعماق من خطايا مالية وحجز للمحصول ومحاضر رغم قساوتها فإنه يستنكر الجمع بينها في آن واحد ملتمسا إعادة النظر في آلية العقوبات المعتمدة والمضمنة بقانون يعود إلى العهد البائد يخدم حسب رأيه مصالح فئة معينة. وتساءل في استنكار جلي عن مبرر تراكم العقوبات وجدوها خصوصا في حال منع المركب من الإبحار لما ينجر عن هذه العقوبة من مشاكل ومتاعب لا تتوقف عند حد مجهز السفينة وتعطل عمله رغم أنه لا وزر ولا ذنب له في المخالفة المرتكبة من قبل "ريس" المركب وإنما تتجاوزه إلى عائلات البحارة المهددة في مورد رزقها.
مراجعة القانون
وألقى المصدر باللوم على القانون المنظم للصيد البحري لما رتبه من اجراءات في حال المخالفة تنجر عنها تداعيات وخيمة على أهل القطاع تتجاوز نطاق مرتكبيها كما هو الحال في الوضعية الراهنة فقد استفدنا مثلا حسب احدى الروايات التي بلغتنا أن ربان أحد المراكب اضطر الى التوجه قسرا الى ما يسمى "الأعماق القصيرة" لما واجهته عوامل مناخية قاهرة تمثلت في بروز "النو" بلغت خلالها سرعة الرياح نحو 70كلم مما مكنه من إنقاذ المركب وبحارته من أي مكروه فحصل المحظور. الواضح أنّ أصحاب المراكب المخالفة لا يناقشون مبدأ الامتثال للعقوبة عند الاقتضاء لكن ما يعيبونه وينتقدونه بشدة في القانون المنظم لقطاع الصيد البحري الطابع التراكمي للعقوبات وخاصة النقطة المتعلقة بحجز المركب مصدر رزق المجهزين والبحارة وهو ما يستوجب في نظرهم مراجعة هذه البنود وغيرها من المسائل المهنية. فهل تجد مشاغل المجهزين ومقترحاتهم آذانا صاغية من جانب الإدارة ومراعاة طبيعة الظرف الذي يمر به المجهزون ومن ورائهم البحارة بتوقفهم عن النشاط دون أن يلغي ذلك تحمل مسؤولية المخالفات المرتكبة؟
الحل في عدم المخالفة
بطرح الموضوع على الإدارة العامة للصيد البحري بوزارة الفلاحة والبيئة لم نلحظ ممانعة في إمكانية بسط ملف القانون المنظم لقطاع الصيد البحري على الدرس في اتجاه مزيد تعزيز مكاسب القطاع والتفاعل مع بعض المشاغل. وسجلت مصادرنا الرسمية الاستجابات التي تم إقرارها لمشاغل القطاع هذا الموسم من إدراج الرقّاعة ضمن قائمة المنتفعين بمنحة الراحة البيولوجية ودعم منحة المازوط وتناول ملف التغطية الاجتماعية.. غير أنه بالنسبة لموضوع العقوبات المسلطة عند مخالفة تراتيب الصيد فإنها تخرج عن مشمولات إدارة الصيد البحري مع تأكيد ذات المصادر على ضرورة تقيد الجميع بالقانون حماية للثروة السمكية وضمان حق الأجيال القادمة في التمتع بهذا المورد. ويبقى الحل الجذري في التعاطي مع المخالفات من وجهة نظر الإدارة في عدم المخالفة.