لم تخل أمس الجلسة الصباحية للمجلس التأسيسي من مشادات وأخذ ورد وخروج عن السياق اعتبره كثيرون إضاعة للوقت بعد احتجاج النائب ابراهيم القصاص في مستهل الجلسة على ما لحقه من إهانة بعد تحريف لقبه، رغم الإقرار بحق النائب في رفض مثل هذه الممارسات التي وصفتها مية الجريبي بأنها خاطئة وصلت حد التنابز بالألقاب وهو أمر لا يمكن قبوله تحت قبة المجلس الموقر. وخصصت كامل الجلسة الصباحية لمناقشة الفصل 20 الخاص بالجماعات المحلية الذي طرح بدوره نقاشا مستفيضا انتهى بالتصويت في مستهل الجلسة المسائية على الفصل في صيغته الأصلية بأغلبية 124 صوتا بعد رفض التعديلات المقترحة.
مراجعة القانون الإنتخابي
وتعلقت الملاحظات الرافضة للصيغة المقترحة في المشروع بمخاوف من المرور إلى إجراء الإنتخابات البلدية قبل الإنتهاء من صياغة الدستور ومن مراجعة القانون الانتخابي الحالي. وهو أمر رأى فيه كثيرون مواصلة للمنهج الخاطئ ذاته المتبع من النظام السابق في تعامله مع المجالس البلدية والجهوية. وأكد في هذا الصدد النائب خميس قسيلة على ما يكتسيه موضوع الجماعات المحلية من أهمية تتصل بسلط يجب التعامل معها بكل وضوح ودقة مع توفير ضمانات لعدم إجراء انتخابات المجالس البلدية والمحلية إلا على أساس نظام انتخابي جديد. واعتبر سمير بالطيبي صيغة الفصل المقترحة غامضة وتؤدي إلى أكثر من اتجاه مؤكدا على ضرورة الحسم في الكثير من المسائل قبل المرور إلى الانتخابات على غرار النظام الذي سنعتمده مستقبلا هل سيكون مركزيا أم جهويا.
الاعتراض على التعيينات
وعارض النواب مواصلة التعامل مع موضوع الجماعات المحلية بأسلوب التعيينات المنزلة من النظام المركزي إذ اعتبرها صلاح الدين الزحاف بسطا لليد على الجهات من شأنها أن توظف لاحقا لمآرب معينة (كالتأثيرعلى الإنتخابات) وليس لتنمية الجهات التي عانت لسنوات من الفقر والتهميش. في السياق ذاته ذكر بعض النواب بالممارسات السابقة التي تتخذ من سلطة العمدة ورئيس الشعبة وغيرها من المسؤوليات المحلية والجهوية مطية لفرض الولاء والطاعة على المواطن نظير قضاء شؤونه اليومية. وأشار في هذا الصدد النائب محمد الناجي الغرسلي أن أهالي الجهات الداخلية سئموا التعيينات التي تعتمد عليها السلطة القائمة في تمرير مشاريعها بعيدا عن الهموم الحقيقية لمتساكني تلك المناطق. وأكد أن المواطن ينتظر تنظيم أطر المجالس المحلية والبلدية باجراء انتخابات وفق قانون جديد ليتمكن من ممارسة الديمقراطية على مستوى قاعدي.
الديمقراطية المحلية
وبين أحمد ابراهيم أن الديمقراطية المحلية تمارس على مستوى المجالس البلدية والجهوية وهي تتطلب إعادة النظر في التقسيم الإداري (المركزية المحلية والجهوية) وفي الوقت الحاضر البلديات ليس لها هذه الصلاحيات لذلك من الأنسب أن تظل المجالس الحالية والنيابات الخصوصية إلى حين اجراء الانتخابات على أسس جديدة. وطالب النواب بأن يكونوا ممثلين في المجالس والنيابات الخصوصية الحالية من منطلق انتخابهم من طرف الشعب وعلى أساس معرفتهم الجيدة بمشاغل وخصوصيات جهاتهم. يذكر أن الفصل 20 من قانون التنظيم المؤقت للسلط العمومية الخاص بالجماعات المحلية نص على أن تمارس المجالس البلدية والنيابات الخصوصية والمجالس الجهوية والهياكل التي يمنحها القانون صفة الجماعة المحلية مهامها حسبما يضبطه القانون والمراسيم ذات العلاقة إلى حين مراجعتها من المجلس الوطني التأسيسي ولرئيس الحكومة بعد أخذ رأي رئيس الجمهورية حل المجالس أو النيابات القائمة أو تعيين نيابات جديدة كلما دعت الحاجة لذلك.