باردو-الصباح صادق مجلس النواب يوم أمس في جلسة عامة عادية على مشروع تنقيح وإتمام بعض فصول المجلة الانتخابية، مع اعتراض ثلاثة نواب من حركة التجديد المعارضة. ويندرج تعديل المجلة الانتخابية ضمن مبادرات رئيس الدولة التي اعلن عنها لدعم حضور المعارضة في المؤسسات الدستورية من خلال الترفيع في عدد المقاعد المخصصة للمستوى الوطني في انتخابات أعضاء مجلس النواب إلى 25% والنزول بالسقف المحدد لعدد المقاعد بالمجالس البلدية بكيفية لا تسمح لأية قائمة بالحصول على أكثر من 75%. وتيسير مشاركة الأحزاب السياسية في اختيار ممثلي الشعب بهذه المؤسسات عبر التقليص من مكاتب الاقتراع تسهيلا لعملية المراقبة وذلك بالترفيع في العدد الأدنى للناخبين المسجلين في المكتب الانتخابي الواحد من 450 إلى 600 ناخب بالنسبة إلى البلديات التي يساوي فيها عدد الناخبين او يتجاوز سبعة آلاف. كما تنص احكام القانون على التخفيض في سن الاقتراع إلى 18 سنة تلاؤما مع الأحكام الجديدة للفصل 20 من الدستور. وفي إطار دعم الضمانات للعملية الانتخابية في جميع مراحلها، مكن التنقيح من التمديد في آجال البت في الطعون في نتائج الانتخابات التشريعية من قبل المجلس الدستوري ليصبح الأجل الأصلي للبت أسبوعين من انقضاء أجل الطعن عوضا عن خمسة أيام. اما أجل التمديد المخول لرئيس المجلس فيصبح 3 أسابيع عوضا عن 15 يوما حاليا. وهو ما سيمكن المجلس الدستوري من مدة معقولة للبت في الطعون دون النيل من مبدأ وجوب الحسم دون إطالة حفاظا على مصداقية العملية الانتخابية واستجابة لخصوصية النزاعات المتعلقة بها. كما ستتم مراجعة حصص التسجيل وبث كلمات المترشحين بمؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسية بإسناد صلاحية تقويم التسجيلات من حيث عدم تضمنها لما يمثل خرقا للنصوص القانونية الجاري بها العمل إلى رئيس المجلس الأعلى للاتصال أو من ينوبه. وخلال النقاش العام ثمن معظم النواب التعديلات المدخلة على المجلة الانتخابية واعتبروها خطوة على درب التنمية السياسية ودعم المسار التعددي بتونس. واستفسر النائب محمد رشاد بلقاضي (ح.د.ش) عن ضمانات تفعيل مشاركة الشباب في العملية الانتخابية. وإجراءات تجسيم قرارات رئيس الدولة لإنجاح العملية الانتخابية. من جهته دعا النائب اسماعيل بولحية (ح.د.ش) إلى صياغة مدونة سلوك تلتزم بها كل الأطراف لإنجاح العملية الانتخابية تشارك فيها الأحزاب، وتنظيم أسبوع الصحافة في شهر ماي المقبل لتشجيع الشباب على المشاركة في الحياة السياسية. ولاحظ النائب عبد الحميد بن مصباح (الوحدة الشعبية) أن المناسبة الانتخابية القادمة تحتاج في مستوى الممارسة إلى "مزيد الحرص على الالتزام بمعاملة الجميع على قدم المساواة، وإلى إيلاء عناية أكبر بمعايير اختيار الإطار البشري المشرف على الانتخابات خاصة في مستوى مكاتب الاقتراع." واعتبرت النائبة نجاة الطرابلسي (التجمع) أن التنقيحات المدخلة على المجلة الانتخابية دلالة على مرحلية وتدرج الإصلاح في تونس. ولاحظ النائب محمد المنجي كتلان (ح.د.ش) أن بعض أحكام المجلة الانتخابية تشكو من نقائص، بقيت على حالها ولم يشملها التنقيح على غرار الفصول المنظمة للقائمات الانتخابية وعملية الاقتراع. مقترحا إدخال الإعلامية على القائمات الانتخابية لتكوين قاعدة معلوماتية للناخبين، وتسهل عملية تحيين القائمات، كما اقترح مزيد تنظيم عملية الاقتراع لضمان نزاهتها، ملاحظا ان التجربة أثبتت أن تطبيق مقتضيات عملية الاقتراع وخاصة فرض الخلوة صعبة، مقترحا بعث لجنة جهوية لاقتراح رؤساء مكاتب الاقتراع، وتعيين مسؤول عن النظام الداخلي في كل مكتب. دعا النائب عادل الشاوش (التجديد) إلى مزيد تقليص عدد مكاتب الاقتراع على أن لا يتجاوز 3 آلاف مكتب. ومنع ما سماهم بالغرباء من دخول مكاتب الاقتراع وفرض الخلوة. واقترح تكوين لجنة مستقلة تترأسها شخصية تحظى بموافقة الأغلبية لمتابعة الانتخابات. وفتح وسائل الإعلام أمام أحزاب المعارضة، وتحيين الإدارة. كما جدد نفس النائب دعوته إلى سن عفو تشريعي عام، وخاصة عن مساجين الحوض المنجمي، ملاحظا أن من شأن ذلك إدخال مزيد من الثقة والحماس للمشاركة في المحطة الانتخابية القادمة. وانتقد مضمون الفصل 37 من المجلة الانتخابية باعتباره يعطي الحق لرئيس المجلس في مراقبة حملات المترشحين. وقال إن هذا المجلس هو استشاري ولا توجد فيه جميع الحساسيات السياسية على اعتباره- والقول له- أن تركيبة المجلس لا تتضمن ممثلا عن حركة التجديد. مقترحا ان يقوم عوضا عن ذلك القضاء بدوره في الحكم على أخطاء المترشحين أو التجاوزات التي يرتكبونها أثناء قيامهم بالحملة الانتخابية. ودعا النائب أيضا إلى تجريم الغش والتدليس في الانتخابات، ورفع العراقيل أمام أنشطة الأحزاب بتيسير حصولها على المحلات العمومية للقيام بأنشطتها. دعا النائب منير العيادي (الوحدة الشعبية) إلى التصدي لبعض السلوكيات المعزولة أثناء العملية الانتخابية، مقترحا التفكير في تعهد المجلة الانتخابية بعد الانتخابات المقبلة بتنقيحات جديدة تتصل خاصة بمراجعة النظام الانتخابي بما يكرس النسبية، لافتا النظر إلى ضرورة بذل جهود أكبر للحث على تسجيل الناخبين في القائمات الانتخابية. واقترح النائب فوزي بن حامد (التجمع) تنظيم حملة تفسيرية لأبعاد التنقيحات المدخلة على المجلة الانتخابية، يستهدف خاصة فئة الشباب، تشارك فيها كل فعاليات المجتمع المدني. مستفسرا عن استعدادات البلديات لتعليق القائمات الانتخابية. ولاحظ النائب فؤاد القرقوري (التجمع) أن التنقيحات المدخلة على المجلة الانتخابية "تؤسس لمرحلة متقدمة في بناء مجتمع الديمقراطية وحقوق الإنسان، منطلق تأسيسها إرداة سياسية راسخة لدى رئيس الدولة، ومرجعها جمهورية الغد بمبادئها وقيمها". وقال إن التنقيحات تواصل قدما في طريق تكريس سيادة الشعب والتعددية ودعم حضور المعارضة بمجلس النواب، مؤكدا على أهمية الضمانات التي جاءت بها التنقيحات والتي "ستضمن سلامة الحملة الانتخابية وسيرها في كنف الشفافية واحترام القانون." وتساءل نفس النائب عن خطة وزارة الداخلية للتعريف بمضامين قانون المجلة الانتخابية، واستعدادات الجماعات المحلية لتجسيم ما يعنيها من التنقيحات المدخلة على المجلة، وخاصة في ما يتعلق بتوفير شروط نجاح الانتخابات القادمة. وأكد النائب صالح الطبرقي (التجمع) أن حياد الإدارة جوهر العملية الانتخابية، مشيرا إلى حرص رئيس الدولة على الحياد ضمانة لاحترام هذا التمشي، فضلا عن حضور الملاحظين بمكاتب الاقتراع ضمانا للممارسة الشفافة. مذكرا ببعث مرصد وطني للانتخابات سنة 2004 الذي يراقب الانتخابات.