كشفت الثورة النقائص وحجم المعاناة التي تعيشها العديد من العائلات التونسية التي ظلت ولسنوات تشكو من نقص في عديد المرافق الأساسية ولعلّ منطقة حي الشباب من دوارهيشر التي زرناها ينطبق عليها ذلك. السيدة عائشة الصلعاوي امرأة في الخامسة والخمسين من العمر، اعتادت المكوث أمام مقبرة حي الشباب بدوار هيشر لتسترد قواها مرفوقة بابنتها المعوقة صاحبة الخمسة والعشرين ربيعا توقفت قدميها عن المشي بعد وفاة جدها. السيدة عائشة أوضحت ل«الأسبوعي» أنها كانت تسكن «مستودعا» تابعا للمقبرة لمدة تفوق السنتين رفقة ابنتها وابنها البالغ من العمر 19 سنة والذي يشكو انسدادا في الشرايين على مستوى الرأس، وصوّرت لنا حالة البؤس التي تحياها بعد وفاة زوجها منذ خمس سنوات؛ وقد باتت عاجزة عن توفير قوت أبنائها، كما أكدت لنا أن منحة شهرية تجود بها السلط المعنية كفيلة بإنقاذ هذه العائلة من مقبرة الحياة القاسية. غياب الأمن و كثرة السرقة من جهتها اشتكت ربح مباركي البالغة من العمر 56 سنة من الظروف المعيشية الصعبة التي تحياها رفقة ابنتها المعوقة حيث إن المنحة التي تتحصل عليها كل شهر والتي تقدر ب150د لا تفي بالحاجة ، كما طالبت بضرورة وجود دوريات أمنية في المنطقة، ذلك أن غيابها استغله أصحاب السوء للسطو على المنازل لسرقة ما يمكن أن تطاله أيديهم وقد كان منزلها عرضة في عديد المرات للسطو خصوصا لسرقة النحاس. فضلات محاذية للمقبرة من جانبها تذمرت سيدة بن صالح الزارعي (عمرها 45 سنة) من منظرالمقبرة وبجانبها أكوام من الفضلات وبقايا الأطعمة والمأكولات خصوصا أنها تقطن على مقربة منه، حيث يبعث هذا المنظرعلى الاشمئزازلأنه مكان يتكاثر الذباب فيه إضافة إلى القطط التي تعمل على نثرالفضلات مما زاد في جعل المنظرأكثر بشاعة، وقد ساهم ذلك في كثير من الأحيان في أمراض عديدة عادت بالمضرة على العديد من المتساكنين خصوصا منهم الأطفال. غرفة وحيدة عصام بلطي يبلغ من العمر 33 سنة، متزوج وله طفل لم يتجاوز السنة و3 أشهر، متسوغ لغرفة وحيدة يقطنها مع وزوجته وابنه الوحيد، غرفة وحيدة ينامون بها ويطبخون فيها الطعام ويتناولونه فيها. لم ييأس وقال إنه يحدوه أمل كبير في أن يتغير الوضع بعد الثورة ويأمل أن يمتلك ولوغرفة خاصة بعد أن أصيبت زوجته وابنه بضيق في التنفس جراء هذا السكن غيراللاّئق الذي تنعدم فيه أدنى الظروف الصحية..