نحن لا نفهم كيف يمكن أن يوصف بأنه "عابر" ذلك الاعتداء الاجرامي الذي مس من حرمة التراب التونسي واستهدف أربعة من عناصر الحرس الوطني في منطقة "المقيسم" التابعة لمعتمدية بن قردان على الحدود مع ليبيا والذي نفذته يوم السبت الماضي مجموعة ليبية مسلحة ؟؟؟ ربما يكون وزير الداخلية السيد علي العريض - وهو المسؤول الأمني الأعلى - قد لبس "جبة" السياسي عندما اكتفى بوصف الحادث "بالعابر" أو "بالعارض"... وربما تكون للهجة الهادئة و"الدبلوماسية" التي تحدث بها لوسائل الاعلام عن عملية الاعتداء دواعيها ومبرراتها... ولكن هذا لا يمنع من القول بأن ما أقدمت عليه هذه العصابة الليبية المسلحة يعد شكلا من أشكال التطاول الوقح على الوطن والشعب... فالأرض التي وطأتها أقدامهم الوسخة هي أرض تونسية طاهرة والأعوان الذين تعرضوا للخطف وللاعتداء هم أبناء هذا الشعب... لذلك كان يجب أن تكون للكلمات الرسمية أيضا حدتها في مثل هذا المقام... طبعا ،،، هذا لا يعني أننا نسوّي بين أفراد عصابة مسلحة قد تكون من بقايا فوضى انتشار السلاح التي اجتاحت ليبيا ابان الثورة على نظام العقيد وبين الشعب الليبي الشقيق الذي خبر الآلاف من أبنائه الذين لجأوا الينا في ساعة العسرة والمحنة معدن الشعب التونسي الذي آواهم ونصرهم وساند ثورتهم على الطاغية القذافي على الرغم من الظروف الاستثنائية التي كانت تمر بها تونس وقتها... كما لا يعني - أيضا - أننا ندعو الى "التصعيد" أو أن تكون ردود أفعالنا السياسية انفعالية أو غير محسوبة... وانما كنا نود - فقط - لو أن السيد علي العريض بصفته وزيرا للداخلية قد بعث أيضا - من خلال تصريحاته لوسائل الاعلام حول الحادث وملابساته - برسائل شديدة اللهجة الى كل من سيحاول مستقبلا - وتحت أي غطاء كان - التعدي على حرمة التراب الوطني التونسي سواء انطلاقا من الجارة ليبيا أو من أي نقطة حدودية أخرى... نقول هذا لأننا نقدر أن منطقتنا المغاربية باتت تنتظرها "أيام" جد صعبة على المستوى الأمني نتيجة ما حدث وما ينتظر أن يحدث من تغيرات... وفي انتظار أن تتضح "الرؤية" - سياسيا وأمنيا - بخصوص ما حدث وما سيحدث - لاحقا - في أكثر من قطر مغاربي فانه يبقى مطلوبا منا كتونسيين أن نبقى متيقظين ومتآزرين دفاعا عن وطننا وثورتنا وأمننا ضد كل محاولات الارباك... المطمئن - هنا - أن جيشنا الوطني كان مرة أخرى "في الموعد" و"خاطب" أفراد هذه العصابة الليبية "بما يفهمون" عندما تعقبهم في نفس اليوم واحتجز احدى سياراتهم وثلاثة من عناصرها... نحن لا نقول - يا سيادة الوزير - أن ما حدث "كارثة"... فهذا ربما يكون من قبيل التهويل وانما نقول أن جريمة الاعتداء على حرمة التراب الوطني من طرف هذه العصابة الليبية واحتجاز أربعة من أفراد الحرس الوطني هو حدث ربما يكون أقل من "كارثي" ولكنه أيضا - وبالتأكيد - أكثر من "عابر".