هل يتم اللجوء إلى انتخابات مباشرة من عموم المحامين.. أم يحال الأمر إلى القضاء؟ اجتمع صباح أمس مجلس الهيئة الوطنية لعمادة المحامين، بمقر هذا الهيكل بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة، لانتخاب عميد يخلف عبد الرزاق الكيلاني الذي عيّن وزيرا لدى رئيس الحكومة مكلفا بالعلاقة مع المجلس التأسيسي في حكومة الجبالي، وبذلك حدث شغور اختياري بهذا الهيكل الرئيسي والمهم في مرفق العدالة.. وبعد حوالي ساعتين ونصف من النقاش والحوار والجدل، لم يتوصل المحامون الى حل واتفاق حول الخليفة المنتظر لعميدهم الذي تم «توزيره». فماذا تم خلال هذا الاجتماع؟ ولماذا لم يتفق «الفرقاء» من المحامين لانتخاب عميد جديد لهم؟
تفسير وتأويل
تأكد لدينا في هذا الشأن أن هناك خلافا كبيرا بين أعضاء مجلس الهيئة لعمادة المحامين حول تفسير أحكام الفصلين 56 و60 من المرسوم المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة، خاصة في ما يهم نقطة التحجير، فهل تتعلق بموضوع الجمع بين الخطة الجهوية والخطة الوطنية، أو تشمل كذلك شروط الأقدمية لدى التعقيب للترشح للعمادة؟ وأمام هذا الخلاف تم تأجيل الاجتماع الى موعد لاحق، ويبدو أن الجلسة العامة هي وحدها القادرة على فض الإشكال القانوني.. وفي حال تواصل هذا الخلاف، تبقى هناك صورة وحيدة لتجاوزه، تتمثل في اللجوء الى انتخابات مباشرة من عموم المحامين، وهذا الأمر هو الأقرب إلى الحصول، حسب ما يؤكده أهل المهنة والمهتمون بشأنها.. وقد تتطوّر «أزمة عمادة المحامين» لتصل إلى رحاب القضاء، في صورة عدم التوافق بين المترشحين وتشبّث كل شق بتفسيره وتأويله لأحكام الفصلين 56 و60 من المرسوم الجديد المتعلّق بتنظيم مهنة المحاماة...
«تحالف»...
ويجدر الذكر أن ثلاثة محامين قدّموا أمس ترشحاتهم للعمادة وهم: محمد نجيب بن يوسف رئيس فرع تونس، ورشاد الفري الكاتب العام للهيئة، وشوقي الطبيب عضو، مع الإشارة إلى أن الأستاذ الطبيب لا يتوفر فيه شرط ال10 سنوات مهنة لدى التعقيب، في حين لم يقدم الأستاذان فتحي العيوني الكاتب العام لفرع تونس، وسعيدة العكرمي أمينة مال الهيئة، ترشحهما، وقد كانا أبرز المرشحين لهذه الخطة... ويبدو أن الأساتذة بوبكر بن ثابت، وأحمد الصديق، وشوقي الطبيب وعماد بالشيخ العربي، كوّنوا «تحالفا» له قراءة خاصة للفصلين 56 و60 من قانون المحاماة الجديد... ولكن عمّ ينص هذان الفصلان؟ وهل يحتملان التأويل؟ في هذا السياق يوضّح الأستاذ فتحي العيوني الذي أكد لنا أنه لن يترشح للعمادة، «أن نص الفصل 60 لا يحتمل التأويل أو التفسير لأنه جاء واضحا، من حيث العبارات والتسلسل حيث اعتبر الفصل 56 نصا إطاريا لحل المسألة... وبالعودة إلى الفصل 56 يتضح أنه ينقسم إلى قسمين، قسم يتعلّق بالشروط، وقسم يتعلّق بالتحجيرات، ولم يرفع الفصل 60 الشروط، وإنما رفع فقط التحجيرات بصريح النص... ولو أراد المشرّع رفع الشروط مثل ما فعل مع التحجيرات لقال صراحة أنه يعتدّ بالفصل 56 كاملا، وإنما حصر الرفع فقط في التحجيرات...
العمادة والعرف
وتطبيقا لأحكام الفصل 534 من مجلة الالتزامات والعقود، إذا خصّ القانون صورة معيّنة بقي اطلاقه في جميع الصور الأخرى... وبناء على ذلك فطالما خصّ المشرّع التحجير فقط بالرفع، فإنه لا مجال لتعميمه على الشروط»... ويواصل الأستاذ العيوني قائلا: «كما أن العُرف في مهنة المحاماة أن لا يتقلّد مهام العمادة إلا من كان محاميا لدى التعقيب لمدة تفوق ال10 سنوات، فلا سبيل، إذن، لأن تُخرق هذه القاعدة اليوم تحت أي غطاء»...