مطالب بالجملة.. والحلول بالتأجيل تحول أول أمس وزراء الصناعة والتشغيل والشؤون الاجتماعية إلى ولاية قفصة في مسعى لفك الاعتصامات التي ينفذها عاطلون عن العمل بمقرات شركة فسفاط فقصة وأغلب مقاطع الخوض المنجمي منذ شهر فيفري الماضي. ودعا هذا الوفد الوزاري عند لقائه بالعاطلين عن العمل إلى ضرورة الاتفاق على إعطاء الحكومة المؤقتة مهلة مدتها ثلاثة أشهر من أجل إيجاد حلول جذرية لأزمة الحوض المنجمي وخاصة مسألتي التشغيل والقضاء على مظاهر الفقر وغيرها من الصعوبات التي يعيشها سكان الولاية وخاصة شبابها العاطل عن العمل سواء منهم حاملي الشهادات العليا أو غيرهم من أصناف الشباب المعطلين. لقاء الوزراء الثلاثة مع شباب قفصة لم يحقق أهدافه ولم يتم من خلاله التوصل إلى حلول من شأنها أن تفك الإضراب الذي خيم على كافة وحدات الحوض المنجمي رغم محاولات الوزراء الثلاث إلى دفع الحوار مع المعتصمين واللقاء بهم بشكل مباشر، وما تولوه خلال هذا اللقاء من شرح للأوضاع ومن إبراز لكافة المساعي الجارية لتجاوز كل الصعوبات المحيطة بالجهة وشبابها العاطل عن العمل، وخاصة تفهم مجمل الصعوبات التي تحيط بهم والعمل على إيجاد الحلول لها بأسرع وأقرب الآجال. حديث الوزراء إلى المعتصمين قال عنه شهود عيان حضروا اللقاء كان بمثابة صيحة في واد سحيق، أو حديث إلى صم، حيث لم يحصل أي تفاعل بين الطرفين، بل زاد هذا اللقاء في تأجيج الأوضاع وفي تأزمها بعدما عمد جمع من الشبان إلى رشق أعوان الشرطة بالحجارة مع محاولتهم الاعتداء على مقر منطقة الأمن بالحرق الأمر الذي دعا الأمن الحاضر هناك إلى التعامل مع هؤلاء الشبان عبر إطلاق قنابل مسيلة للدموع في محاولة لتفريقهم. وأفاد متابعون للأوضاع بمدينة فقصة أن الأوضاع قد ازدادت تأزما خلال ليلة أول أمس بحصول مواجهات بين الأمن والمحتجين، خاصة بعدما أقدم كهل على حرق نفسه. وهكذا قوبلت زيارة الوزراء الثلاثة إلى قفصة باستياء كبير من قبل أهالي الجهة وشبابها الذين طالبوا برد الاعتبار لانتفاضة الحوض المنجمي التي تزامنت ذكراها الرابعة مع زيارة الوفد الوزاري للولاية، كما دعوا إلى الإسراع بالتعويض لشهدائها وجرحاها إلى جانب توفير التشغيل وتحسين البنية التحتية والصحية والبيئية بالجهة، وهي مطالب تمسك بها المعتصمون وأكدوا على ضرورة حلها في أقرب الآجال وعدم التعامل معها كمطالب آجلة ولو لحين قصير المدى. ويشير المراقبون إلى أن هذا النزيف المتواصل في تعطيل وحدات الإنتاج ومناجم الفسفاط بقفصة قد بدأت تلوح منه مخاطر أخرى قد تمتد تداعياتها بحكم ترابط حلقات إنتاجه مع ولايتي صفاقس وقابس لتتسع دائرته وتشمل أيضا مصانع وعمال الولايات الثلاث، وهو أمر ستكون له تداعيات أشد خطورة على الواقع الاقتصادي للبلاد بحكم ثقل قطاع الفسفاط وانتاج الحامض الفسفوري وبقية أنواع المواد المنتجة منه بصفاقس، هذا علاوة على ما يمكن أن يسببه تعطل القطاع من صعوبات وبطالة في صفوف عمال كافة المؤسسات المرتبطة به في الولايات الثلاث. إن تعامل حكومة السيد حمادي الجبالي مع الأوضاع في الحوض المنجمي لابد أن تكون أعمق وأشمل، وحتى وإن لم تحقق زيارة الوفد الوزاري الأخير ة إلى قفصة الأهداف المنشودة، فلا بد من مزيد الانكباب على هذا الملف وبأكثر عمق لإيجاد الحلول السريعة لكافة المشاكل وتلافي المخاطر التي قد تنجم عنه.