تم سنة 2006 رفع قضية ضد الأستاذ عبد الوهاب معطر، الوزير الحالي للتكوين المهني والتشغيل، بعد أن أصدرت الادارة العامة للجباية قرارا بالتوظيف الجبائي لفائدتها بمبلغ يناهز 280 ألف دينار، وذلك "انتقاما" من الأستاذ معطر، آنذاك، لموقفه من الاستفتاء على الدستور التونسي الذي أجري خلال سنة 2002، والذي اعتبره انقلابا على القانون وتكريسا للدكتاتورية. وقد تمت مؤخرا "عقلة" على ممتلكات خاصة لوزير التكوين المهني والتشغيل الحالي على خلفية عدم خلاص التوظيف الاجباري المتعلق به. ..وما رأي القانون، بعد الثورة، في قرارات التوظيفات الاجبارية، على الصعيدين الاجرائي والاقتصادي؟.. إجابة عن هذا السؤال وغيره، اتصلنا برئيس الدائرة الجبائية بالمحكمة الابتدائية بتونس، القاضي معز بن فرج فأفادنا بأن قرار التوظيف الاجباري يتم الاعتراض عليه أمام المحكمة الابتدائية التي تنظر في القضية، وتصدر حكمها ابتدائيا، ويتم استئناف ذلك الحكم أمام محكمة الاستئناف، على أن يقع تعقيبه أمام المحكمة الادارية.. وكيف يتم إيقاف قرار التوظيف الاجباري؟ في هذا الشأن يقول القاضي معز بن فرج: "مبدئيا يقع تنفيذ قرار التوظيف الاجباري، بغض النظر عن الاعتراض عليه، ويوقف تنفيذه في حالة وحيدة، وهي إذا وقع الاعتراض مع تأمين مبلغ %20 من المبالغ المطالب بها... وفي جميع الحالات يمكن لادارة الجباية سحب ذلك المبلغ (ال%20) بعد عام من تاريخ القيام بالقضية الاعتراضية... أما في خصوص القرار الاجباري الذي وقع الاعتراض عليه دون تأمين %20 من مبلغه، فإن الادارة تواصل تنفيذ ذلك القرار بغض النظر عن الاعتراض عليه... وبالتمعن في هذه الاحكام نلاحظ أن الادارة تتمتع بصلاحيات موسعة لتنفيذ قرار التوظيف الاجباري، رغم أن القضية مرفوعة أمام المحكمة... وهذا الاجراء لاقى العديد من الانتقادات من قبل رجال القانون مبدين استغرابهم من هذه الاجراءات التي تتعارض مع حق المواطن في الدفاع عن نفسه، وهنا برز سؤال مؤداه: ما قيمة الاعتراض على قرار التوظيف الاجباري، والحال أن ادارة الجباية يمكنها تنفيده؟ ! ولعل ما زاد الوضع تعقيدا، أن الادارة تتمتع بصلاحيات غريبة تتمثل في الاعتراض الاداري، بمعنى أن امكانية اجراء عقلة، من طرفها، على أموال المدينين للادارة تتم بمجرد اعتراض اداري وبمجرد مكتوب... وهذا الاجراء اعتبره العديد من الحقوقيين أنه يتعارض مع حقوق الانسان في حماية ممتلكاته.. ويختم القاضي معز بن فرج قائلا: " يبدو أن الوقت مناسب لاعادة النظر في هذه المسائل ومراجعتها حتى يأخذ كل ذي حق حقه... فالهدف هو تحقيق معادلة بين حقوق الخزينة العامة وحقوق المطالب بالاداء"؟ فهل تتم مراجعة الاجراءات والقوانين المتعلقة بالتوظيف الاجباري؟.. قد يحصل ذلك... فلننتظر.