الأمريكية مع المجلس العسكري في مصر أمر أساسي - مازال الغموض يلف مصير ليبيا وسوريا. . - الولاياتالمتحدة ستنوع سياساتها حسب كل مسار انتقالي - أجرت الحوار :أروى الكعلي - اعتبر توماس كاروثرز نائب رئيس الدراسات في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، وهي مؤسسة امريكية غير ربحية تهتم خاصة بالدراسات حول الديمقراطية والتعاون بين الدول، أنّ الولاياتالمتحدة بصدد اختبار مدى نجاعة إستراتيجيتها الجديدة التي تقوم على دعم حقيقي للديمقراطية والتعاون مع الإسلاميين. كما أكّد أنّ مسار الانتقال الديمقراطي أمام دول الربيع العربي مازال طويلا. فيما استبعد حل الازمة السورية عبر التدخل الخارجي، مشيرا إلى أنّ المجموعة الدولية ستزيد من تضييق الخناق الاقتصادي والسياسي على نظام الاسد. وعن هذه النقاط وغيرها كان ل»الأسبوعي» هذا الحوار معه. ٭ كيف تقيّم المسار الانتقالي في بلدان «الربيع العربي»؟ بالنظر إلى التجارب الانتقالية التي عاشتها دول افريقية وآسيوية، من الضروري توفر جملة من العناصر الأساسية لضمان انتقال ديمقراطي حقيقي. وتتمثل محددات نجاح الانتقال الديمقراطي في مستوى النمو الاقتصادي وقدرات الدولة ومدى انسجام كل أطيافها ومكوناتها ومدى حضور الانقسامات الطائفية والدينية والقبلية وغيرها من العناصر الاخرى. وعادة ما تستمر المرحلة الانتقالية خمس سنوات نستطيع بعدها أن نقيّم إذا ما حقق البلد تغييرا حقيقا أم لا. ففي ليبيا مثلا، يبدو انسجام مؤسسات الدولة ضعيفا بشكل مفزع، وفي مختلف دول المنطقة تغيب التجارب الديمقراطية، والطريق نحو التغيير الحقيقي مازال طويلا. في المقابل يجدد المصريون مطالبتهم بحكم مدني. كما أنّ دولا مثل البحرين والأردن والكويت والمغرب شهدت انتخابات برلمانية توحي بوجود الحد الأدنى من الوعي التعددي. ٭ في ظل التطور في العلاقة بين واشنطن والإسلاميين أي مسار ستتخذه علاقة الولاياتالمتحدة ب«حماس» و«حزب الله»؟ من الطبيعي أن يلعب الإسلاميون دورا سياسيا أكبر اليوم في الشرق الأوسط، بالنظر إلى حضورهم البارز في المجتمع، فسياسة الولاياتالمتحدة الخارجية آخذة في التطور في هذا الاتجاه، بعيدا عن التخوف «اللاواعي» من الإسلاميين في الحكم، فهي تتبنى اليوم مقاربة أكثر انفتاحا باتجاههم. ولكن في نفس الوقت، مازالت واشنطن لا ترغب في أن تربطها علاقات مباشرة ب«حماس» أو «حزب الله» لكنها ستطوّر علاقات عادية مع الأحزاب الإسلامية في تونس ومصر وغيرها. وتجدر الإشارة إلى أنّه بفضل قربها من العالم العربي يمكن أن تلعب أوروبا دورا كبيرا في المراحل الانتقالية العربية. ٭ مع دعوات المجلس الانتقالي السوري إلى تدويل الأزمة، ما هي، برأيك، السياسة التي ستتبعها المجموعة الدولية في سوريا مستقبلا؟ - إلى حدّ اليوم، مازال موقف المجموعة الدولية بكل مكوناتها من قوى غربية أو الجامعة العربية غير واضح من سوريا. وفي اعتقادي لن يحل الأزمة السورية إلا السوريون أنفسهم، ومن المتوقع أن تواصل هذه الاطراف الدولية تضييق الخناق على النظام وفرض حزمة من العقوبات الجديدة على الحكومة السورية. ٭ كيف ترى موقف الإدارة الأمريكية من المؤسسة العسكرية في مصر؟ - منذ سقوط نظام حسني مبارك عمدت الولاياتالمتحدة إلى دعم الانتقال الديمقراطي في البلاد، بالتزامن مع سعيها على الحفاظ على علاقاتها القريبة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وتأمل واشنطن أن تحافظ المؤسسة العسكرية على وعودها وتسمح بإقامة نظام ديمقراطي عبر دفع الجيش في السر والعلن إلى العمل في هذا الاتجاه. وستواصل اعتماد نفس السياسة في السنة القادمة على أمل أن تنجح الانتخابات في تحقيق انتقال ديمقراطي وكتابة دستور يضمن الحريات وأن يعود الجيش إلى ثكناته ويسمح بالانتقال السلمي للسلطة. ٭ عبّر بعض المحللين الأمريكيين عن تخوفهم مما يمكن أن تفرزه التحولات السياسية في العالم العربي، إلى أيّ مدى تؤيد هذا الرأي؟ - يميل المجتمع السياسي الأمريكي إلى تبني قراءات مختلفة ومتباينة في كل فترة مرتبطة بالتطورات السياسية التي يشهدها الشرق الأوسط والعالم، وأعتقد أنّه يتطور اليوم باتجاه نظرة معتدلة ووسطية للأمور تعترف بوجود تطور سياسي ملموس في بعض المناطق مثل تونس واستمرار الاستبداد في مناطق أخرى كما هو الحال في منطقة الخليج وقدر كبير من عدم اليقين في أماكن مثل سوريا وليبيا. وتبدو هذه القراءة منطقية بالنظر إلى النتائج المتباينة التي أفرزها الانتقال السياسي في مناطق أخرى خلال العشرين سنة الماضية، على غرار دول الاتحاد السوفياتي سابقا أو إفريقيا جنوب الصحراء. فبعد أكثر من عقدين من الحكم الاستبدادي، عمت الاحتجاجات الشعبية الشوارع مطالبة بإصلاحات اقتصادية وسياسية كبرى. أما القوى الغربية التي ساندت الأنظمة الديكتاتورية لوقت طويل، فقد وجدت أحزابا دينية في السلطة. وعلى عكس التوقعات ارتفع عدد الديمقراطيات المنتخبة بشكل كبير في غضون عقد من الزمن، ولكن لا بد من الإشارة إلى أنّ وضع الدول العربية يختلف عن دول إفريقيا جنوب الصحراء. فعدد كبير منها غنية بالنفط، كما أنّ حضور الدين في السياسة مخالف للطريقة التي حضر فيها الإسلام أو ديانات أخرى في إفريقيا جنوب الصحراء. ٭ بالرغم من تنوع المسارات الانتقالية في دول «الربيع العربي»، هل يمكن للولايات المتحدة أن تتخذ سياسة موحدة من الشرق الأوسط؟ - بالنظر إلى تنوع مصالح الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى اختلاف خصوصيات المراحل الانتقالية في كل بلد من بلدان الربيع العربي، فمن غير المتوقع أن تعتمد واشنطن مقاربة موحدة من التحولات في المنطقة، فالولاياتالمتحدة ستتعامل بشكل مختلف مع الأنظمة الجديدة بشكل يخدم مصالحها المستقبلية ويضمن إعادة الاستقرار من جديد في المنطقة. وهي اليوم بصدد اختبار مدى نجاعة إستراتيجيتها الجديدة التي تقوم على دعم حقيقي للديمقراطية والتعاون مع الإسلاميين.