اختتمت أيام قرطاج المسرحية في دورتها الخامسة عشرة، والأولى بعد انتصار الثورة الشعبية مؤخرا. أيام عاش الجمهور فيها على وقع الفن الرابع وفق شعار "المسرح يحتفي بالثورة". أسماء مشهود لها بالعمق الفنّي كانت قد شاركت في هذه التظاهرة بأعمال متنوعة من تونس وفلسطين ومصر والمغرب والأردن والجزائر وليبيا والإمارات والعراق ولبنان والكويت، إلى جانب فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا وبلجيكا. فكان من المنتظر أن تعكس برمجة هده العروض صورة تونسالجديدة التي تخلص مبدعوها من القيود التي كانت تكبلهم، إلا أن العديد من الأسماء المسرحية والنقاد أبدوا استياءهم، لا لأن العروض لم ترتق إلى المستوى الإبداعي فحسب، ولا لأنه لم يستشعر من خلالها المتلقي أنها تحتفي بثورة 14 جانفي فقط، وإنما أيضا لأنها شهدت خللا كبيرا على مستوى التنظيم، وعملية انتقاء الأعمال المسرحية. ذلك ما أكده المسرحيون التونسيون الذين اتصلنا بهم وهم أصحاب أعمال عديدة ومتنوعة وخبروا مجال الفن الرابع قصد استطلاع رأيهم حول الدورة الجديدة لأيام قرطاج المسرحية وأن يبينوا مواطن الخلل والنقائص التي عرفتها هذه التظاهرة إن كانت موجودة خاصة وأن الدورة 15 لأيام قرطاج المسرحية كانت محل اهتمام وفضول أكثر من ذي قبل فهي كانت فرصة للتعرف على تفاعل المسرح مع ثورة 14 جانفي المجيدة.
لم نر احتفاء بالمرة
أبدى الممثل المسرحي جمال المدّاني استياءه من محتوى تظاهرة أيام قرطاج المسرحية ليؤكد على غياب عنصر الإبداع في جل العروض، وكان الجمهور حسب رأيه ضحية هذه الاختيارات بعد أن انتظر بفارغ الصبر أعمالا جيدة تترجم احتفالا بالذكرى الاولى للثورة. كما بيّن أن الوضع العام للبلاد يبعث على الكثير من الاكتئاب، لما تشهده من اعتصامات وتجاذبات في الساحة السياسية.. وعن عنوان التظاهرة "المسرح يحتفي بالثورة" أشار محدثنا الى أن الإنارة الخافتة وسط العاصمة ليلا وتدني مستوى الأعمال المسرحية ماهي إلا ترجمان لسوء البرمجة والتنظيم.
تظاهرة محتشمة
من جهة أخرى أشارت الممثلة ليلى الشابي إلى أن جل الأعمال المسرحية لا ترتقي الى الذوق العام، ذلك أن البعض من العروض الأجنبية رغم التقنيات العالية كانت بمثابة توثيق ليس إلا، وذلك الى جانب غياب الاحتفاء بثورة 14 جانفي حتى وإن كان من خلال الإيحاءات والرموز -وهو ما يؤسف عليه- حسب تعبيرها. أما أسباب النقائص فترجعها ليلى الشابي الى عملية التنظيم وانتقاء الأعمال الجيدة. فمن غير المعقول والكلام لها- أن تكون اللجنة المقررة غير مؤهلة لاختيار الأعمال القيمة، لأن العملية غير مقتصرة على الشهادات العليا فحسب بل التجربة المعمقة كذلك.
ضعف الإمكانيات
أمّا الممثل الكوميدي لمين النهدي فقد أبدى تعجّبه من ضعف الإمكانيات التي سخرت لهذه التظاهرة والحال أننا نحتفل بالذكرى الأولى للثورة.. استياؤه كان كبيرا حسب قوله منذ افتتاح أيّام قرطاج المسرحية وهو يتابع عرض "صاحب الحمار" بقصر الرياضة بالمنزه ليبين أن العمل تنقصه العديد من التقنيات الكفيلة بإيصال مضمون العرض.. شأنه في ذلك شأن العديد من الأعمال المسرحية الأخرى..