هجوم على قسمي العربية والتاريخ.. كسر أبواب.. اقتحام الحرم الجامعي.. اعتداءات وتهديدات.. هذا هو المشهد العام الذي عاشته أمس كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة في أول يوم تجرى فيه امتحانات السداسي الأول بعد تأخر دام أسابيع، وبعد أن شلّ نشاط الكلية منذ دخول مجموعة من الطلبة ممن يعرفون "بالسلفيين"، بدعم من أطراف خارجية لا تنتمي إلى الكلية، في اعتصام مفتوح داخل الحرم الجامعي. ورغم الجوّ العام المشحون الذي تشهده كلية آداب منوبة منذ مدّة فانّ الحصة الصباحية من الامتحانات انطلقت أمس في موعدها المحدد إلى أن تم منع طالبتين منقبتين من دخول قاعات الامتحانات واحدة بقسم العربية والاخرى قسم التاريخ نظرا لرفضهما إمضاء الإجراء الترتيبي الإداري القاضي" بالتزام الطالبة المنقبة بالكشف عن وجهها عند دخول قاعة الامتحان وطوال الاختبار، وعدم تعطيل السير العادي للامتحانات وذلك احتراما لتراتيب القانون الداخلي للكلية".
تجنّد الأساتذة
وفي حديثه عمّا جدّ بالكلية أثناء انطلاق الحصة الصباحية من الامتحانات، أكد الطاهر المناعي نائب العميد أن جميع الأساتذة تجندوا لإنجاح الدورة الأولى من امتحانات السداسي الأول.. و رفض طالبتين منقبتين إمضاء "التزام كشف الوجه" ودخولهما قسمي الامتحانات ( العربية والتاريخ) عنوّة، أربك عملية إجراء الامتحانات واحدث تشويشا على بقية الطلبة علما وان 2900 طالب معنيين بإجراء امتحانات الحصة الصباحية. وأضاف نائب العميد:" ما حصل أن أستاذي المراقبة بالقسمين المعنيين قالا للطالبتين بعد رفضهما إمضاء الالتزام أنّه سيجرى إلغاء ورقتي الامتحانات الخاصة بهما حتى ولو أجريا الاختبارات لان هويتيهما بقيت مجهولة. واثر ذلك غادرت طالبة منقبة قاعة الامتحانات ( بقسم العربية) والتحقت بالمعتصمين لتستنجد بهم كما كان يجري دائما ليعمد مجموعة منهم إلى اقتحام قسم العربية لفرض دخول الطالبة المنقبة.. وعلى اثر ذلك جدت صدامات بين الأساتذة والمعتصمين من الطلبة مما انجرّ عنه كسر أبواب المدخل الرئيسي بقسم العربية إضافة إلى إصابة احد الموظفين من العاملين بإدارة المرحلة الثالثة بالكلية بجروح بليغة على مستوى الجبين والذقن نتيجة وجوده بالقرب من الباب الذي تم تهشيمه". كما أفاد المناعي:"في المقابل استجاب عدد من الطالبات المنقبات لإمضاء الالتزام الترتيبي القاضي بكشف الوجه أثناء إجرائهن الامتحانات، لكن أقليّة منهن رفضن مما تسبب في إرباك الحصة الصباحية من الامتحانات رغم تضافر كافة جهود العاملين بالكلية من أساتذة وإداريين لإنجاح دورة امتحانات السداسي الأول التي لا تقلّ أهمية عن امتحانات نهاية السنة". كما أكد المتحدث: "كان جميع الأساتذة بالكلية في انتظار ان يتدخل الأمن لإجلاء المعتصمين من الحرم الجامعي الذي بات منذ السبت الفارط مركز امتحانات لكن لم يتم التدخل رغم ابلاغ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالأمر وكان الجميع على أمل أن يجري التنسيق بين وزارتي التعليم العالي والداخلية لتأمين الامتحانات لكن ذلك لم يتم.. وهنا فانّ جميع السيناريوهات واردة ". وأضاف: " أن تدخل الأمن لحلّ أزمة كلية آداب منوبة يختلف عن وجود الأمن بشكله التقليدي كما كان في زمن حكم المخلوع.. وفي هذه الحال يبقى التدخل الأمني محددا وهو إجلاء المعتصمين وتأمين الامتحانات ".
تأمين الامتحانات
وفي ما يتعلق بتدخل الأمن لحماية الامتحانات رأت احدى أساتذة قسم العربية "زكية السايحي" أن خروج الأمن من الحرم الجامعي هو انتصار للثورة. لكن كان من المفروض أن يتم تأمين امتحانات الكلية حتى من خارج أسوار الجامعة خاصة وان التدخل الأول للأمن وإجلاءه المعتصمين تواصل يوما واحدا فقط". كما ترى المتحدثة "أن في تخاذل سلطة الإشراف لحلّ أزمة كلية منوبة تنمّ عن رسالة واحدة وهي أن الكلية.. باتت لا تعنيها رغم قيمة الجامعة التونسية.. علما وان ما يجري الآن من تأخر قدوم الطالب عن موعد الامتحان في اليوم الأول، وهذه الفوضى خلقتها سلطة الإشراف بتخاذلها ونتيجة غياب قرار حازم للتعامل مع هذه الأزمة".
حمل الشارة الحمراء
وتزامنا مع انطلاق الامتحانات حمل أساتذة الشارة الحمراء تعبيرا عن رفضهم للاعتداءات المتكررة على العديد من زملائهم في بعض الجامعات التونسية وفي هذا السياق أفادت الأستاذة شيراز الجازي أستاذة بقسم الاسبانية إن"حمل الشارة جاء احتجاجا على العنف المتكرر على الأساتذة والطلبة في بعض الكليات وليس كلية منوبة فقط فهذه الأزمة تعيشها تقريبا كليات، على غرار ما جد بكليتي سوسة و القيروان دون تدخل سلطة الإشراف رغم مواكبتها لما يجري". وحول سابقة إقرار العميد غلق أبواب الكلية في وجه الطلبة الذين وصلوا بعد الوقت المحدد لانطلاق الامتحانات، قالت الجازي" انه تم فتح الباب من قبل المعتصمين دون الالتزام بالنظام الداخلي للجامعة الذي يحجر دخول الطالب قاعة الامتحان بعد ساعة من انطلاق الاختبار غير ان مجموعة المعتصمين خرقوا النظام وفتحوا أبواب الكلية للطلبة الذين تأخروا عن موعد الامتحانات".
تعليق الامتحانات غير وارد
كما أكدّ عميد الكلية الحبيب الكزدغلي في اتصال هاتفي ل "الصباح" "أن الامتحانات الصباحية تواصلت رغم التوتر الشديد التي رافقها مع اعلام جميع الأطراف: من وزارتي الداخلية والتعليم العالي والبحث العلمي بكل المستجدات وطالبنا التدخل لإجلاء الجامعة من مجموعة المعتصمين لما يشكله وجودهم من خطر على سير الامتحانات وقد أبدى وزير الداخلية تفهمه لما يجري داخل الحرم الجامعي مؤكدا على انه سيعمل على إنجاح الدورة وتأمين الايام القادمة للامتحانات". وأضاف الكزدغلي: "بالنسبة لمسألة تعليق الامتحانات تبقى غير واردة إلا في حال استحالة توفير الأمن خلال الأيام القادمة علما وان امتحانات السداسي الأول تنتهي في 28 من الشهر الجاري". وافاد الكزدغلي: " ان وكيل الجمهورية حضر بالكلية اثناء الحصّة المسائية من امتحان اليوم الاول (امس) ورفع الاضرار بقسم العربية فيما عاد المعتصمون من السلفيين الى احتلال مقر العمادة من جديد، وبعد "الاستنجاد" بوزارة الداخلية تدخل الامن وقام بإجلاء المعتصمين واخراجهم نهائيا من الكلية".
جلسة تفاوضية
ومن جانبه أفاد كاتب عام جامعة التعليم العالي حسين بوجرة "الصباح" :"على اثر تلقينا وعود لم تطبق بعد، من قبل سلطة الإشراف لحلّ أزمة كلية منوبة تمت مطالبة وزير التعليم العالي والبحث العلمي بتحديد جلسة تفاوضية يقع فيها إقرار تطبيق كافة الوعود التي تلقيناها بشان حل الأزمة".
توسع الإشكال
ومن جانبه أكد محمد بختي طالب من المعتصمين أن " عميد الكلية قام بتعنيف احدى الطالبات المنقبات التي رفضت إمضاء التزام كشف الوجه، علما وان كافة الطالبات المنقبات رفضن الخضوع لهذا الأمر الذي فرضه المجلس العلمي بمباركة العميد مما استدعى التدخل، ليتوسع بعد ذلك الإشكال بالكلية حيث رفض العميد فيما بعد دخول أي طالب يصل متأخرا عن موعد الامتحان مما استدعى التدخل لتمكين الطلبة من الالتحاق بامتحاناتهم".