من المستغرب في ضوء الحصيلة الهزيلة لمهمة مراقبيها التي استغرقت شهرا أو يزيد في سوريا، وبينما قررت العديد من الدول الأعضاء الفاعلة - والخليجية بالخصوص - الانسحاب من هذه المهمة التي ثبتت عبثيتها مع استمرار النظام البعثي الحاكم هناك في رفض مختلف التسويات المعروضة عليه وإمعانه بلا هوادة في تقتيل مواطنيه المنتفضين على ممارساته الدكتاتورية والتعسفية البغيضة، المنتهكة لكرامتهم والدائسة على حقوقهم في الحرية والديموقراطية والعدالة واحترام حقوق الانسان، من المستغرب أن تقرر جامعة الدول العربية تمديد مهمة هؤلاء المراقبين شهرا آخر، والواقع أنها أكثر طرف يدرك مدى انغلاق هذا النظام وإصراره على عدم التعاون و"اللعب في الوقت الضائع". ولعل إعلان وزير الخارجية السوري وليد المعلم بصراحة ووضوح لا لبس فيهما عن رفض النظام الذي ينطق باسمه بصورة كاملة وقطعية الاستماع إليها والانصات لمبادراتها وبالخصوص اقتراح تنحي الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة لفائدة نائبه فاروق الشرع كحل مرحلي للأزمة يقود إلى تشكيل حكومة انتقالية واستمراره في العزف على نفس الاسطوانة القائلة بأن ما يجري في سوريا "مؤامرة كبرى" تشترك فيها قوى معادية لها وتحركها لتبرير استمرار عمليات سفك الدماء والمذابح في حق أبناء الشعب السوري، يبرز بالدليل القاطع أن الأسلوب الديبلوماسي المتبع حاليا من قبل الجامعة العربية لن يفرز تسوية، بل من شأنه أن يوفر لنظام الأسد مزيدا من الوقت لمحاولة التهرب من الاستحقاقات المفروضة عليه. فالشعب السوري قد أعطى إلى حد الآن من الفرص للنظام الجاثم على صدره بقوة السلاح والقمع الدموي الكثير، عله ينفذ جزءا من الوعود الاصلاحية المتعددة التي قدمها والتي بقيت للأسف الشديد حبرا على ورق، لأنها لم تكن صادقة بل ثبت أنها تدخل في سياق مناورات هذا النظام الرامية إلى الالتفاف على المطالب الشعبية العارمة المشروعة لإجهاضها. واليوم بات هذا الشعب أكثر اقتناعا من أي وقت مضى بأن حريته تقتضي الحل الجذري المتمثل في الزوال التام لهذا النظام بكل مكوناته، ولهذا آن الأوان لجامعتنا الموقرة أن تنفض أيديها منه وتركز مباشرة وبشكل واضح على دعم انتفاضته الباسلة بكل الوسائل المتاحة، سواء سياسيا على مستوى الأجهزة والهياكل الدولية أو ماديا، لتحقيق التغيير المنشود، بدل السعي وراء السراب.