بقلم: محمد كشت في 26 سبتمبر 1988 نشر الروائي البريطاني الهندي الأصل»سلمان رشدي» روايته الشهيرة «آيات شيطانية» وكان يومها مغمورا لا يكاد يعرف حتى من جيرانه وفي 14 ففيري 1989 أصدر «الخميني» فتواه الشهيرة بإباحة دم «سلمان رشدي» فانقلبت المعادلة بنسبة 180 درجة فكانت النتيجة: - طبعت الرواية ألاف المرات بكل لغات العالم ووزعت منها ملايين النسخ في كل أنحاء العالم . - اشتهر «سلمان رشدي» بطريقة مذهلة بعد أن كان عدما أو يكاد. - تبوأ كاتب الرواية مكانة الضحية التي يتسابق الجميع لحمايتها وأصبح رمزا من رموز حرية التعبير في العالم. - تبوأ مطلق الفتوى المكانة المعاكسة أي مكانة الجلاد والإرهابي القامع للحريات . - اتهم الإسلام من جراء تلك الفتوى بكل الصفات المشينة بما أن الفتوى هي فتوى دينية بالأساس وأن مطلقها كان المرجع الأول لمذهب إسلامي . - مات من جراء بعض الاضطرابات المتعلقة بتلك القضية ما يقارب 40 نفرا في مناطق متفرقة من العالم... - تضاعف المحاولات المستفزة والمقصودة لمشاعر المسلمين من طرف كل من يطلب الشهرة السريعة وآخرها ما نشرته الصحيفة الفرنسية «تشارلي إيدو». والسؤال هنا هل حققت فتوى «الخميني» أيا من مقاصدها ؟ الجواب هنا بديهي ولا يستحق كبير العناء فالرجل ما يزال حيا يرزق ويتمتع بمنافع الشهرة التي جناها والأكيد أن ما جناه «سلمان رشدي» لم يكن بفعل جمالية نصه الروائي وإلا لكان رشح لجائزة نوبل للآداب مثلا. «حديثنا قياس» ما سمي اليوم اصطلاحا ب«قضية نسمة» ليس سوى صورة مصغرة من قضية «سلمان رشدي» و«آياته الشيطانية» . فمع علمنا المسبق والأكيد بالنوايا الحقيقية من عرض الشريط الكرتوني» بيرسي بوليس» التي هي في هذه الحالة سياسية مطلقا وبعيدة كل البعد عن مجالات الإعلام المحايد والموضوعي وخاصة ما تلا عرض الشريط من نقاش يصرح ولا يلمح بخطورة الخيار الإسلامي على تونس. ومع احترامنا الكبير لمجموعة 140 محاميا التي قدمت الشكاية ومع احترامنا وتقديرنا للنيابة العمومية التي بادرت بإثارة القضية المنشورة ضد نسمة وثقتنا المطلقة في النوايا الطيبة لفريق المحامين والنيابة فإننا تقدر أن مثل هذه القضايا الخلافية لا يمكن أن يقال فيها الكلمة الفصل داخل قاعات المحاكم . بل ان من شان هذا التمشي أن يزيد في توتير الأجواء وهو ما سيخدم الفريق المدعى عليه أكثر من الفريق المدعي. فليس خافيا اليوم أن فلم « بيرسي بوليس» قد تضاعف انتشاره الشرعي وغير الشرعي وذلك أمر طبيعي فبدافع الفضول يريد الجميع معرفة محتوى الفلم الذي اثار كل هذه الضجة وتكفي إطلالة صغيرة على الفضاء الافتراضي للتأكد من ذلك. وقد لن يكون جميلا أن تنطلق قضية نسمة بعيد ثورة لا تزال تملا الدنيا وتشغل العالم ويتطلع إليها الأحرار في كل أنحاء المعمورة انطلاقا من القاهرة ووصولا إلى «وول ستريت» كنموذج متفرد في التحرر من كل أشكال الهيمنة . وإذا كان رب العزة لا يرضى الإكراه في الدين ويرفض إجبار العباد حتى على الإيمان به والحال انه خالقهم ومنشئهم من العدم فما بالك بما دون ذلك . «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ» صدق الله العظيم.