تفعيل إجراءات الحماية الأمنية وتعزيز التدابير الوقائية بلغت الاعتداءات على المؤسسات العمومية للصحة وعلى العاملين فيها منذ جانفي2011إلى هذه الفترة نحو 300إعتداء استهدفت بصفة خاصة الإطار العامل بالهياكل الاستشفائية من ممرضين وأطباء. وإزاء تكرر الظاهرة وتفاقم حوادث التعنيف داخل الفضاء الصحي بما أصبح يهدد سلامة العاملين ويعرقل السير العادي لإسداء الخدمات الصحية تعددت في الأسابيع الأخيرة مظاهر الاحتجاج والتنديد بأعمال العنف سواء من الطرف النقابي أو الإداري وآخرها الوقفة الاحتجاجية التي دعت إليها وزارة الصحة وتم تنفيذها لمدة ربع ساعة يوم الثلاثاء بمختلف المؤسسات. لكن يبدو أن الاستنكار والتنديد لوحدهما لا يجديان نفعا باعتبار أن الوقفة التي انتظمت صباحا رافقتها حادثة نهب وترويع لبعض الأطباء العاملين بمركز التوليد وطب الرضع بالعاصمة مساء نفس اليوم وهو ما يرفع أكثر من علامة استفهام حول آليات تعزيز الحماية الأمنية وتطوير التدابير الوقائية الداخلية للمستشفى ودعم قنوات التواصل والإصغاء التي يفترض أن تكون قائمة بين العاملين والمرضى ومرافقيهم للتقليص من أجواء التوتر في الحالات الاستعجالية وغيرها.
اجراءات عملية
حول الإجراءات العملية التي تعتزم الوزارة إقرارها للحد من الانفلات الأمني بالمرفق الصحي تحدث مدير وحدة التشريع القانوني والنزاعات بوزارة الصحة العمومية كمال عياري ل" الصباح" حيث أعلن عن اقرار استراتيجية عامة لحماية المؤسسة الصحية بالتعاون مع مختلف الأطراف لاسيما وزارة الداخلية بما يعزز الجانب الأمني عبر إحداث نقاط أمنية قارة مشتركة بين الجيش وأعوان الأمن مع تعزيز أعوان الحراسة. وعلى أهمية هذا الجانب يرى المتحدث أنه لا يكفي وحده لأن المستهدف الرئيسي من الاعتداءات هم أصحاب "البلوزة" البيضاء وهو ما تعكسه النسبة المحدودة من أعمال الاضرار والتخريب التي لا تتجاوز 12بالمائة من مجموع الاعتداءات المسجلة ما يعني أن الأشخاص مستهدفون بالأساس.. في هذه الحال يكون التركيز على تفعيل قنوات التواصل والحوار وخاصة الإصغاء للمرضى ورواد المستشفى مهما ومطلوبا وهو ما تعمل الوزارة على تكريسه حسب كمال العياري الذي شدد على أهمية جانب التواصل وتأمين جودة الاستقبال بما يحد من المشاحنات ومناخ التوتر الذي عادة ما تكون أقسام الاستعجالي مسرحا له باعتبارها الواجهة الأولى لرواد المرفق الصحي وأكثرها استقطابا لهم. كما أكد على ضرورة ترسيخ ثقافة تعامل حضاري تنبذ العنف وهو ما يفترض تكثيف التحسيس والتوعية بالعمل المشترك لحماية المؤسسة الصحية والحيلولة دون الاعتداء على إطاراتها أو معداتها لما يتسبب فيه من تعطيل لإسداء الخدمات الاستشفائية. وفي تقييمه لحجم الاعتداءات وتعامل الوزارة معها قال المتحدث إن الظاهرة ليست بالجديدة أو الغريبة في تونس وفي غيرها من البلدان لكنها تطرح بشكل أبرز في الظروف الأمنية السائدة وفي ظل التناول الإعلامي المكثف لها مبرزا أهمية دور الإعلام في الحث على احترام المؤسسة الصحية وحمايتها من كل أشكال العنف. وأشار إلى أن حالات الاعتداء بعد أن تراجعت بنحو 40بالمائة خلال النصف الثاني من 2011إستعادت خلال شهر جانفي الجاري وتيرتها. ونبه إلى أن الوزارة تتعامل بكل جدية مع مختلف الاعتداءات اذ تقع متابعتها قضائيا وقد صدرعدد من الأحكام بالسجن أو الخطايا المالية فيما يجري البت في البقية.