تونس في مرحلة التحول نحو الديمقراطية.. وعليها الاستفادة من التجارب السابقة الحق في الاتصال والحق في الإعلام جدلية أصبحت تفرض نفسها بعد الثورة بين ضرورة الرقي بالمجال وبين أن يلعب دوره كسلطة رابعة، فالحق في الاتصال حق من حقوق الإنسان، منصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كما في الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية... فقد ورد بالمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أنه "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية". تبقى كيفية العمل وتحقيق الأهداف المرجوة من الإعلام كسلطة رابعة في فترة الانتقال الديمقراطي المعضلة الكبرى لممارسة هذه الحرية من جهة والعمل على عدم الوقوع في الانفلات الإعلامي من جهة أخرى.
حق الإنسان
وقد طرحت "الصباح" جملة هذه الإشكاليات على الأستاذ يحيى شقير صحفي بجريدة "العرب اليوم" بالأردن وخبير دولي في قوانين الإعلام خلال ندوة تدريبية للإعلاميين حول "حقوق الإنسان ومرحلة الانتقال الديمقراطي" نظمها المعهد العربي لحقوق الإنسان من25 إلى27 جانفي 2012 بمركز الفنون الركحية والدرامية بالكاف بالتعاون مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وإذاعة الكاف. فإجابة عن السؤال أي دور للإعلام في تونس في هذه الفترة خاصة أنه يعيش حالة مرضية نتيجة عدة تراكمات خلفها النظام السابق، قال الأستاذ يحي شقير "وسائل الإعلام تمثل سلطة رابعة أي أن دورها رقابي أولا على السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية" وأضاف " فالإعلام كسلطة رابعة يراقب السلطة التشريعية في عملها لضمان عدم اقرار تشريعات تتناقض مع الدستور أولا وتتنافى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان وأيضا يراقب أعمالها إذا كانت تتوافق مع الممارسات الفضلى في التحول الديمقراطي". وفي ذات السياق أكد شقير لل"الصباح" أن "لوسائل الإعلام أيضا دور في الرقابة على السلطة التنفيذية وإن كانت تطبق القانون بالمساواة الذي وضعته السلطة التشريعية، فلا يجوز التوسع في تفسير القوانين لتوسيع دائرة التجريم التي لم يقصدها المشرّع" وأضاف "كما أن على وسائل الإعلام أن تراقب السلطة القضائية التي يجب أن تضمن محاكمات عادلة باعتبارها أحد حقوق الإنسان المطلقة أي التي لا يجوز فرض تقييدات عليها لا في حالة السلم ولا في حالة الحرب ولا في حالة الطوارئ كما هو في تونس، فهي حق أصيل لكل إنسان على تماس مع القضاء، وبالتالي نستطيع القول أنه لا توجد ديمقراطية في العالم بدون حريات صحفيّة".
ربح الوقت
في حالة غياب شرعية هذه السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية أو تعطل عمل واحدة منها، ذكر شقير أن "تونس الآن في مرحلة التحول نحو الديمقراطية أي في مرحلة إرساء القواعد التي تقوم عليها العمارة التي ستبنيها، وبالتالي في الهندسة من المهم جدا أن تكون القواعد متوافقة مع المعايير الهندسية لتستطيع تحمل بناء الطوابق عليها، فإذا بُنيت القواعد على أرض رخوة من المحتمل أن لا تتحمل القواعد المبنى فينهار، لذلك على تونس الآن إرساء الأسس الديمقراطية للمستقبل" وحول دور الإعلام في هذه المرحلة قال الأستاذ يحيى شقير "الأصل أن تستفيد تونس من التجارب السابقة حتى لا تضيع المال ولا الجهد ولا الوقت في البناء، فمن الضروري الاستفادة من تجارب الدول التي عاشت تحولات ديمقراطية". ومن أولويات البناء كما جاء على لسان شقير "ضمان قضاء مستقل وصحافة حرة، فقد قيل مرة أن أحد الرؤساء الأمريكان صرّح: "لوخُيرتُ بين دولة بدون حكومة ودولة بدون صحافة لما ترددت في لحظة في اختيار الأولى" أي أن الصحافة دورها أساسي حتى في مرحلة التحول الديمقراطي ومرحلة اهتزاز بقية السلطات شريطة أن يتمتع الإعلام بحريته فحرية التعبير هي الحق الأول للإنسان بعد حق الحياة وهناك حريات مجاورة لحرية التعبير وأهمها حق التظاهر السلمي وحق التجمع في أحزاب ونقابات ومنظمات المجتمع المدني".