- أجرت الحوار أروى الكعلي - اعتبر عمر عاشور مدير بحوث الشرق الأوسط في معهد الدراسات العربية والإسلامية في جامعة "إيكستير" في بريطانيا أنّه من المستبعد أن تشهد المرحلة المقبلة تحالفا بين حزب "الحرية والعدالة" المنبثق عن الإخوان المسلمين وحزب "النور" السلفي الحائزين على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان المصري. وأكّد عاشور أنّ الشارع والبرلمان سيضغطان في اتجاه تخلي المجلس العسكري عن الحكم، الذي سيسعى بدوره إلى الحصول على حصانة وضمانات بعدم تعرضه لأية محاكمة أو محاسبة بعد تخليه عن السلطة، مشيرا إلى أنّ السياسة الخارجية الأمريكية ستواصل دعم حضور العسكر القوي في مصر. *يرى محللون أنّ الإخوان في مصر متمسكون بمرجعيتهم الإسلامية بشكل كبير لكنّهم في ذات الوقت يتجهون نحو مواقف أكثرلبرالية، هل تؤيد هذا التحليل ؟ -شهدت جماعة «الإخوان المسلمين» تحولات عدة منذ تكونها، وما تشهده اليوم هو استكمال عملية تطور إيديولوجي وسلوكي في تاريخ الإخوان، وقد شاركت الجماعة لأول مرة في الحياة السياسية عام 1942 وقد كان في خطابهم نوع من الإقصاء للتوجهات والأطراف السياسية الأخرى، كما كان للجماعة جناح مسلح منذ أربعينات و خمسينات القرن الماضي، ثم تم تفكيكه في السبعينات، ومنذ ذلك الحين بدأ الإخوان ينفتحون على التيارات الأخرى ويقبلون الحوارمع من يخالفهم الرأي. واليوم يقدم الإخوان أنفسهم على أنّهم حزب مدني ذو مرجعية إسلامية وهم يقتدون بتجربة حزب «العدالة والتنمية» في تركيا، مع الحفاظ على مركزية التنظيم التي ربما تميزهم إلى حد كبير على بقية الحركات الإسلامية الأخرى. و باعتقادي ستواصل الجماعة السيرفي طريق الانفتاح على التوجهات الأخرى ولكنها لن تصل إلى حد اللبرالية. *سجلت الانتخابات البرلمانية المصرية صعود حزب «الحرية والعدالة» المنبثق عن «الإخوان المسلمين» وحزب «النور» السلفي، هل يمكن أن تشهد المرحلة المقبلة تحالفا بينهما؟ -هذا أمر مستبعد، ربما سيتخذون مواقف مشتركة إزاء قضايا كثيرة وربما يصوتون لصالح نفس الإجراءات والقرارات، إلا أنّ تحالفا شاملا بينهما أمر غير متوقع؛ فعلى عكس الإخوان المعروفين بمركزية التنظيم لديهم، تغيب مركزية القرار لدى السلفيين المنقسمين والذين يتخذون مواقف متباينة فيما بينهم. و باعتقادي يبقى حزب «النور» السلفي منافسا قويا سيتصاعد دوره وسيكون له حضور أقوى في البرلمانات القادمة، وسيستفيدون في ذلك خاصة من سياستهم البراغماتية. *إلى جانب الإسلاميين تعد المؤسسة العسكرية عنصرا أساسيا في المعادلة السياسية في مصر، باعتقادك هل سيتخلى الجيش بسهولة عن الحكم؟ -في أية مرة يفاوض الجيش للتخلي عن السلطة، لا يعود إلى ثكناته إلا بشروط وأهم تلك الشروط هي الحصانة من المحاسبة. و قد حدث ذلك في بلدان عدة على غرار إندونيسيا وجنوب إفريقيا، فقد تخلى الجنرالات عن السلطة مقابل ضمانات بأنّهم لن يحاسبوا على ما اقترفوه في حق المدنيين. وما يحدث اليوم في مصر ليس بعيدا عن هذا السيناريو، فنحن ننتظر انتخابات رئاسية من المفترض أن يسلم بعدها المجلس العسكري السلطة لرئيس منتخب، ولكن باعتقادي لن يتخلى الجيش عن الحكم إلا بتوفر ثلاثة شروط، الأول هو استمرار ضغط الشارع، والثاني هو مطالبة البرلمان بذلك، أما الثالث فهو قبول الجيش بذلك. وحاليا يعمل المجلس الأعلى للقوات المسلحة على أن يتضمن الدستور الجديد مادة تضمن حصانة المؤسسة العسكرية ضدّ أية ملاحقة قضائية ومادة أخرى تعطي نوعا من الاستقلال الذاتي للجيش، وهناك حديث لدى الأوساط الإخوانية عن ضرورة التوصل إلى «خروج آمن للعسكر» إلا أنّ الشارع المصري يرفض مثل هذه المقترحات ولا يرحب بمنح المجلس العسكري حصانة خاصة. والمعركة القادمة ستكون حول تشريع نفوذ العسكر وحصانتهم في الدستور، فإن تحصل الجيش على ذلك ستكون الأوضاع في مصر شبيهة لتلك التي عاشتها تركيا في الثمانينات، أما إن تم العكس فيمكن حينها أن نتحدث عن نموذج أقرب إلى تركيا اليوم لا يلعب فيه الجيش الدور الرئيسي في الحياة السياسية. *ترتبط الإدارة الأمريكية بعلاقات متينة بالمؤسسة العسكرية، كيف ستكون السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العسكر ومصر عموما، برأيك؟ -ستعمل واشنطن على ضمان استمرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة كرقم قوي في المعادلة السياسية المصرية، فالعلاقات بين الولاياتالمتحدة والجيش في مصر معقدة جدا تتداخل فيها مصالح الجانبين، والعسكر في مصر يعدون أهم حلفاء واشنطن في المنطقة ولن تتردد الولاياتالمتحدة في دعم حضورهم في المشهد السياسي المصري خاصة دعم دورهم في سياسة مصر الخارجية وذلك أكثر من سياستها الداخلية. *فيما يخص العلاقات المصرية والإسرائيلية، هل ترى أنّ خطاب الإسلاميين سيتجه نحو التشدد أم الانفتاح؟ -في المرحلة القادمة سيكون هناك تصعيد دبلوماسي بين الطرفين ولن يتجاوز الأمر ذلك، في إطار الحرب الباردة بين القاهرة وتل أبيب، والإخوان يدركون جيدا أنّه ليس من مصلحتهم أن تتوترالعلاقات مع إسرائيل فليست هناك أية دولة في المنطقة قادرة عسكريا أو سياسيا على الدخول في صراع مع تل أبيب. وفي هذا الإطار بذل الإخوان جهودا كبيرة في دفع حماس إلى التهدئة. *هل تعتبر أنّ مصر تسير اليوم على الطريق الصحيح من أجل التأسيس لانتقال ديمقراطي حقيقي؟ -باعتقادي تسير مصر على الطريق الصحيح من أجل انتقال ديمقراطي حقيقي، ولكن الإشكال هو هل ستستمر مصر على الطريق الصحيح أم لا؟ وهل أنّ المرحلة الانتقالية ستستمر طويلا؟ والمهم يبقى ترسيخ مبادئ الديمقراطية والحرية لأنها في النهاية الضمانة الوحيدة في المرحلة القادمة. أما الشارع فسيواصل ضغطه من أجل إرساء حكم مدني وعودة الجيش إلى ثكناته.
بورتريه ماهر الأسد.. جلاد الشعب الرجل الأول في سوريا، ذلك الذي يحرك «ماريونات» القمع من خلف الستار، ماهر الأسد شقيق الرئيس يضم في قبضته كل خيوط اللعبة الأمنية والعسكرية في البلاد. فهو يقود الكتيبة الرابعة للجيش السوري والحرس الجمهوري و يسيطر على جهاز المخابرات. شقيق الرئيس الذي درس اختصاص الهندسة الميكانيكية في الجامعة، بات مهندس عمليات التقتيل والترهيب التي يتعرض لها كلّ من يرفع شعارا معارضا للنظام الأسدي. كما أنّه «ماهر» في لعب دور القبضة الحديدية في يد بشار التي ما كان له أن يستمر دونها. «جزار د رعة» وسط الدورالغامض الذي يحاول دائما لعبه، لا يتردد ماهر في تنفيذ الهجمات ضدّ المحتجين وتنظيم عمليات التعذيب، ثم يتنقل بين ضحاياه ملتقطا الصور التذكارية كما فعل في سجن قريب من دمشق.وهولا يصدر الأوامر على كتيبة القناصة فقط، بل لا يفوّت على نفسه فرصة إطلاق النار على ضحاياه، بينما يعمل معاونوه على حمايته. وقد برزت «مهارته» في المجازرمن خلال الهجوم الذي شنه ضدّ مدينة درعة السورية ما أدى إلى مقتل مئات الأشخاص من بينهم عشرات الأطفال. هذا الجزار المحترف يعد أيضا حسب محللين السبب الرئيسي الذي منع بشار من التراجع أو الاستسلام إلى حد اليوم، فهو يحاول إقناعه باستمرار أنّ استخدام القوة سيؤدي في نهاية المطاف إلى وأد الثورة. وجهان لعملة واحدة و لا تخرج قصة بشار وأخيه عن الميراث الذي تركه والدهما، ف»رفعت الأسد» عمهما كان يد القمع اليمنى التي يمتلكها حافظ الأسد. وتاريخ العائلة لا يتردد في إعادة نفسه، ففي عام 1982 وبتعليمات من حافظ الأسد ارتكب «رفعت» حملة في حماة ضد الإخوان المسلمين مما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف حسب مصادر غير رسمية. بشار وماهر وجهان لعملة واحدة، يظهر الأول في الخطب السياسية ويتوعد تارة أو يعد بالإصلاح تارة أخرى، أما ماهر فلا يفوّت وراء الكواليس قطرة دم سورية إلا ويمتصها، فهو جلاد الشعب الذي لن يتردد في إضافة مزيد من الفصول الدموية اللاإنسانية لمسرحية الموت في سوريا فداء عيون الأسد والعائلة الحاكمة. أروى الكعلي