إحياء للذكرى الاربعين لمؤتمر فيفري 1972 الخارق للعادة للاتحاد العام لطلبة تونس، وسعيا لجمع شهادات تاريخية حول هذه الحركة، نظمت جمعية مؤسسة أحمد العثماني أمس بمقر الأرشيف الوطني بالعاصمة لقاء علميا حضره عدد من الفاعلين في الاتحاد خلال تلك الفترة. وتمت الاشارة بالمناسبة إلى أن الاتحاد وإثر مؤتمر قربة (أوت 1971)، قرر عقد مؤتمر خارق للعادة تحت شعار «من أجل اتحاد ديمقراطي وممثل».. وانتظم المؤتمر يوم 5 فيفري 1972 ليطرح بذلك لأول مرة مسألة الاستقلالية النقابية تجاه الحزب الحاكم وينتخب قيادة جديدة أكثر تمثيلية.. لكن الحكومة لم تسمح بتحقيق هذه المبادرة وتدخلت لإيقاف أشغال المؤتمر رغم أن أغلب الطلبة المشاركين فيه مساندون للمبادرة، وأغلقت الجامعة وشنت حملة قمع واسعة ضد الطلبة وسجنت العديد منهم. كما تم التأكيد على أن هذا الحدث بقي ماثلا في ذاكرة مناضلي هذه المنظمة الطلابية العريقة الذين ذاقوا المرّ ودفعوا من أعمارهم سنوات قضوها في غياهب السجون من أجل إرساء استقلاليته عن السلطة ودعم التزامه بالدفاع عن مصالح الطلبة المادية والمعنوية بعيدا عن كل توظيف سياسي. وفي حديث مع الأستاذ مرشد الشابي الذي كان يشغل خطة الكاتب العام للمكتب الفيدرالي للاتحاد بكلية الآداب والعلوم الانسانية في تلك الفترة أفاد أن الاتحاد العام لطلبة تونس مدعو الآن وأكثر من أي وقت مضى إلى إعداد تصور واضح لأعماله واستراتيجياته المستقبلية وإلى تطوير تنظيمه وتكثيف تواصله مع الطلبة حيثما كانوا ومع عامة الناس.. وقال إن الحركة الطلابية عرفت خلال السنوات الأخيرة تراجعا كبيرا نتيجة للقمع الكبير والضغوطات المقيتة التي مارسها النظام السابق على الجامعة الأمر الذي جعل النتائج التي حققها الاتحاد العام لطلبة تونس ضئيلة مقارنة بالتضحيات التي قدمها مناضلوه.. وبين أن الاتحاد مدعو أيضا إلى جمع شمل الطلبة اليساريين التقدميين وربط الصلة بينهم، وفي نفس السياق فإن القوى التقدمية الموجودة في الساحة مطالبة بأن تدعم الاتحاد وتسانده نظرا لصعوبة المرحلة ودقتها ونظرا للعدد الكبير للطلبة في تونس اليوم، إذ يصعب على الاتحاد بإمكانياته المحدودة تأطير 400 ألف طالب وطالبة.. وفي نفس السياق أشار الأستاذ عيسى البكوش إلى انه تم تأسيس جمعية لقدماء الاتحاد العام لطلبة تونس يتمثل هدفها أساسا في إفادة الفاعلين في هذه المنظمة بالمقترحات والآراء التي يمكن أن تساعد على تطوير أداء المنظمة وتذكيرهم بالفترات المضيئة في تاريخ الحركة الطلابية وبنضالاتها وبمرجعياتها القائمة على التسيير الديمقراطي. وقال: «نحن نعتبر الاتحاد مكونا من مكونات الحركة الوطنية فقد كوّن أجيالا من القياديين والمسيرين وكان أكبر مدرسة للإطارات وكانت الصراعات داخله صراعات أفكار وآراء ساهمت في تكوين الطلبة ويجب ان يواصل هذا الدور».. وأضاف البكوش أن الاتحاد مطالب الآن بالانفتاح على جميع الطلبة بصفته منظمة نقابية مفتوحة لكل الطلبة أي أنه ليس بالضرورة أن يبقى حكرا على اليسار.