دعا الصغير الصالحي (مهندس وعضو سابق في عمادة المهندسين) المجلس الوطني التأسيسي والحكومة الحالية بتبني مقترح إنشاء لجنة للتحقيق في مسؤولية حرمان جهات من التنمية، كما طالب بالكف عن التعابير والتوصيف (مهمشة.. داخلية) المتبعة من قبل النظام السابق في اطار السياسة التنموية لمناطق الشمال والجنوب. وأضاف أنه وجّه مراسلة الى مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي وإلى أعضائه بمختلف انتمائهم الحزبي اضافة الى رؤساء الكتل النيابية حول تبني ودعم مقترح انشاء لجنة لتحديد المسؤوليات في حرمان الجهات من التنمية.
إنشاء لجنة تحقيق
وأوضح الصالحي أن هذا المطلب جاء نتيجة ما تعرضت له مناطق من البلاد من تهميش وحرمان من حقها في التنمية على مدى طويل نتيجة خيارات ظالمة واستراتيجية خاطئة أفرازت اندلاع ثورة 14 جانفي مؤكدا أن الضرورة تستدعي الوقوف على الاسباب وتحديد المسؤوليات كخطوة أساسية لاسترجاع الثقة في مؤسسات الدولة ودعم المصالحة الوطنية. كما اعتبر أن انشاء لجنة تحقيق تنبثق عن المجلس الوطني التأسيسي يندرج في سياق تحقيق أهداف الثورة في بعدها الاجتماعي خاصة ان المعالجة القضائية قد لا تحقق الهدف المنشود لأسباب منها التقادم أو الوفاة او عدم ملاءمة بعض النصوص القانونية لطبيعة الافعال والممارسات المرتكبة. وفيما يتعلق بالخطاب السائد للمسؤولين لاحظ ان الخطاب الماضي تواصل حتى بعد الثورة حيث اتسم بالتكتم والتستر على المسؤولين عن تلك التجاوزات.
سياسات تنموية متعسفة ومجحفة
وفي سياق متصل أكد ان الثورة أظهرت اعتمادا على الوثيقة الرسمية التى أصدرتها وزارة التنمية الجهوية في نهاية أكتوبر2011 تحت اسم "الكتاب الابيض" اختلالا حادا في التنمية بين الجهات وأن الوثيقة وهي بمثابة اعتراف رسمي للسلطة بهذا الاختلال وفقا لما ورد من أرقام ومعطيات تمثّل أدلة وقرائن رسمية تؤكد سياسات تنموية متعسفة ومجحفة من خلال اعتماد منوال للتنمية يرتكز على التهميش المتعمد والمقصود للجهات واخضاعها للهيمنة الاقتصادية لفائدة جهات أخرى اضافة الى رصد "الكتاب الابيض" للتقصير والاهمال في التنسيق بين القطاعات على المستوى الجهوي. فقد جاء في الصفحة 46 من الكتاب الابيض أن هناك استراتيجية بنيت على هيمنة اقتصادية على الجهات الداخلية من خلال بناء منوال التنمية على المركزية المفرطة للقرارات الاقتصادية والسياسية واعتماد سياسة الهيمنة على المناطق الداخلية.
اختلال التوازن الجهوي
ولاحظ الصغير كذلك غياب أية معطيات أو جرد حول توزيع البرامج التنموية على الجهات اضافة الى اقتصار ادارة المتابعة والتقييم بوزارة التخطيط على ثلاثة افراد وهو ما يمكن تصنيفه بالاهمال المتعمد على حد تعبيره مضيفا ان الجهات الداخلية حرمت من التنمية نتيجة لسياسات ممنهجة ومقصودة هدفها ابقاؤها قصدا وعلى مدى بعيد في حالة هشاشة تنموية وذلك في اطار توظيف يد عاملة رخيصة للمهن الموسمية والوظائف الهشة. وعن آليات ووسائل تكريس اختلال التوازن الجهوي في منوال التنمية أكد الصغير الصالحي ان المشكلة تتمثل في اعتماد منوال تنمية لا يراعي الخصوصيات الاقتصادية والجغرافية والاجتماعية لكل جهة والتمييز بين الجهات في تركيز البنية التحتية والمرافق العمومية اضافة الى اهمال متعمد في المتابعة والتقييم والتقصير في التخطيط لمنوال التنمية. كما اعتبر ان اعتماد المركزية المفرطة والتستر على التخصص الفعلي للاعتمادات وانجاز البرامج ساهم في اتساع الفوارق التنموية بين الجهات الى جانب غياب أي تصور بتقليصها حيث ارجع مسؤوليات هذا التقصير وأيضا التمييز بدرجة أولى للساهرين على الاقتصاد والتنمية وهما من مشمولات الوزارة الاولى ووزارة التخطيط والتنمية وكذلك الوزارت القطاعية والمسؤولين على المستوى الجهوي.