عدول الإشهاد «مصدومون».. وأعضاء في «التأسيسي» يرفضون خلفت مبادرة مشروع تنقيح قانون الحالة المدنية، والقانون الأساسي للمأذونين، ومجلة الحقوق العينية، والتي انفردت "الصباح" بنشرها بعد أن تقدمت كتلة المؤتمر من اجل الجمهورية إلى المجلس التأسيسي بخصوص خطة "المأذون الشرعي" في ابرام عقود الزواج، عوضا عن عدول الاشهاد وسحبها من البلديات خلفت ردود افعال رافضة للمشروع ومنتقدة للمبادرة برمتها وخاصة منها عدول الاشهاد المتضررين الأول من مشروع القانون. وعلمت "الصباح" في هذا الشأن أن بعض اعضاء كتلة المؤتمر في المجلس التأسيسي غير مقتنعين بمضمون المشروع ولا بجدواه.. وقد اسرّ لنا عضو بالمكتب السياسي للمؤتمر وهو في نفس الوقت عضو بالمجلس التأسيسي أن مشروع القانون لم يعرض على المكتب السياسي للمؤتمر ولم تتم مناقشته او ابداء الراي فيه، بل كان مبادرة فردية تقدم بها النائب عمر الشتيوي وهذا لا يعني ان مشروع القانون تم تبنيه من قبل الحزب..
رفض واستنكار
وقد عبر لنا عدد من اعضاء المجلس التأسيسي من خارج كتلة المؤتمر عن رفضهم الشديد لمضمون المشروع واهدافه ومقاصده، على غرار النائب رابح الخرايفي عن الكتلة الديمقراطية الذي حذر ليس فقط من سلبية المشروع وخطورته بل ايضا في كونه قد يفتح بابا يسمح بسحب البساط من القضاء في ما يتعلق بصلاحية الطلاق، بعد أن يمنح صلاحية ابرام عقود الزواج لمؤسسة غريبة عن مجتمعنا التونسي وهو "المأذون الشرعي" وعبر الخرايفي عن تضامنه مع عدول الاشهاد أبرز المتضررين من مشروع القانون طبعا في صورة تمريره إلى اللجان المختصة ثم الى الجلسة العامة للمصادقة عليه.. كما عبر النائب ايمن الزواغي عن كتلة العريضة الشعبية عن رفضه للفكرة التي طرحها مشروع القانون الذي يسمح بقيام خطة "المأذون الشرعي"، وقال إن الفكرة قد تفتح بابا خطيرا ومدخلا لتشريع الزواج العرفي. كما انتقد تضييق مشروع القانون على صلاحيات مهنة عدول الاشهاد ويستنقص من معارفهم وامكانياتهم فضلا عن أنه قد يمهد لحودث بلبلة داخل العائلة القضائية.. يذكر ان ثلاثة مشاريع قوانين تتعلق بتنقيح بمجلة الحقوق العينية، وقانون الحالة المدنية، والقانون الأساسي للمأذونين، تم تقديمها إلى المجلس التأسيسي، ببادرة من عمر التشتوي عضو المجلس عن كتلة المؤتمر. وجاء في شرح الأسباب أن مشروع القانون من شأنه توفير مواطن شغل اضافية، خاصة لحاملي الشهادات العليا من خريجي شعبة الشريعة وأصول الدين.. ودعا مشروع القانون في ما يهم الحالة المدنية إلى إلغاء احكام الفقرة 1 من الفصل 31 وكامل الفصل 33، لتصبح كالتالي:" يبرم عقد الزواج بالبلاد التونسية امام مأذون بمحضر شاهدين من أهل الثقة، مع مراعاة الأحكام الانتقالية بالقانون الأساسي للمأذونين." وفي ما يخص تنقيح مجلة الحقوق العينية يقترح التنقيح إلغاء احكام الفصل 377 مكرر، وتعويضه بنص جديد :"يختص عدول الإشهاد بتحرير الصكوك والاتفاقات الخاضعة للترسيم بالسجل العقاري، ويمكن أيضا للمحامين المباشرين غير المتمرنين ان يتولوا تحرير الصكوك والاتفاقات المذكورة.."
صدمة عدول الاشهاد
مباشرة بعد صدور خبر تقديم مشروع القانون(انظر "الصباح" في عددها ليوم الأربعاء 22 فيفري الجاري) عبرت الجمعية الوطنية لعدول الاشهاد عن "صدمتها من تقديم كتلة المؤتمر من أجل الجمهورية لمشروع قانون يستورد ويقر مؤسسة غريبة عن تونس وخطيرة على مستقبل مجتمعنا المتحضر وهي مؤسسة "المأذون الشرعي.. ".. حسب ما جاء في بيان لها اصدرته امس.. وأطلقت الجمعية "صيحة فزع" منبهة المواطنين والأحزاب السياسية والمجتمع المدني والمجلس التأسيسي ما اسمته "الخراب القادم إلى ديارنا بخطى سريعة." وقالت الجمعية في بيانها "إن تغليف المشروع بدعوى منع البلديات من تحرير عقود الزواج وجعل عدول الاشهاد مختصين حصريا في تحريره مع الغاء سلك محرري العقود بإدارة الملكية العقارية، لن يجعل عدول الاشهاد يقبلون بالصمت على مخاطر المشروع بدعوى تحقيق مطلبهم في نيل اختصاصات حصرية مطلقة من بينها عقود الزواج".
مؤسسة غريبة
وقالت الجمعية إن المبادرة "تخلق مؤسسة غريبة صلب المنظومة القضائية التونسية التي تعاني من غياب الاستقلالية ومن انعدام الآفاق".. وأكدت أن مشروع القانون "يسمح بمنح صفة الضابط العمومي المفوض له اختصاص الدولة في تحرير العقود لأشخاص لا رقابة عليهم ولا علاقة لهم بتحرير العقود ولا يعترفون اصلا بعقد الزواج المكتوب ولا بالقواعد القانونية المتفق عليها صلب المجتمع.." ووصفت المشروع ب"الخطير ومؤشرا لمخطط لتدمير عدالة الاشهاد التونسية التي لم تنجح المشاريع السابقة في تدميرها." وقال البيان ان تزامن نشر مشروع القانون مع عمليات الايقاف التي تعرض لها عدد من عدول الاشهاد في عدد من مناطق الجمهورية دون اسباب مقنعة وقانونية مؤشر على "وجود مخطط خطير يهدف إلى افقاد هذه المهنة مصداقيتها وضرب اسسها." وطالبت الجمعية اعضاء المجلس التأسيسي بأن " لا ينجروا خلف المخططات الغريبة والدخيلة على المجتمع التونسي، وقالت إن عدول الاشهاد لن يسمحوا باستغلاله وبالتجارة فيه." كما دعت السلط المسؤولة إلى اقرار مشروع قانون المهنة الذي تم تقديمه منذ اشهر عديدة إلى وزارة العدل.
مقترحات مفزعة
واستغرب سامي بن سلامة عدل الاشهاد وعضو بالهيئة المستقلة للانتخابات في اتصال مع "الصباح" تقديم مشروع قانون يتحدث عن توفير مواطن شغل جديدة لا تتعدى ال300 في حين ان أن عدالة الاشهاد قدمت مشروع قانون للمهنة يرتقي بها إلى مستوى المعايير الدولية ويكفل تشغيل آلاف من حاملي الشهادات ولم تلتفت اليه وزارة الاشراف. ووصف المقترحات التي تقدم بها مشروع القانون ب"المفزعة" وتنم عن رغبة في القضاء على طابع الدولة المدني من القاعدة دون الحاجة إلى تغيير الفصل الأول من الدستور، وفق تعبيره. واعتبر بن سلامة إن افراد عدول الاشهاد بمنع البلديات من تحرير عقود الزواج والغاء سلك محرري العقود نوع من "الرشوة"، وقال "لن نسمح لمن لا يعترف لا بشروط جوهرية ولا شكلية لعقد الزواج ومن يعتقد ان الزواج العرفي صالح لهذا العصر وان مختلف اشكال العلاقات شبه الزوجية الأخرى صالحة، ان يمرروا مثل هذه الأفكار وتلقين العائلات التونسية وخاصة البسطاء من العامة قناعات غريبة عن مجتمعنا بدعوى "تطبيق الشريعة". واضاف " إن خلق هذا السلك يدعو إلى الخجل وقد يجر إلى تكفير البعض لعدول الاشهاد لمجرد الحصول على اكبر عدد ممكن من العقود.." وأوضح أن "عقد الزواج في تونس مدني وشرعي تتوفر فيه جميع الشروط عقد الزواج وتحويل هذا العقد المؤسسة الى وسيلة للعمل لفئة من المجتمع نحترم حقها في الحصول على شغل امر يدعو إلى التساؤل". وتساءل:" انتخبنا مجلسا تأسيسيا لسن دستور جديد ولم ننتخبه لاقتراح قوانين مثيرة للجدل من شأنها ان تدخل البلبلة وتمس من الاستقرار السياسي والاجتماعي للبلاد؟..
استغراب
كما اتصلت "الصباح" برد لنوفل الطريقي عدل الاشهاد على مشروع القانون استغرب فيه ما قال إنه "سلب لعدول الاشهاد اختصاص تحرير عقود الزواج لا تكلف الدولة مصاريف لكنها تكلف عدالة الاشهاد قطع ارزاق منتسبيها". وبين الطريقي أن مشروع القانون يسعى لينزع عن تونس اصالتها وخصوصيتها بخلق هياكل مقتبسة من دول المشرق كمصر لعقد الزواج الذي هو عقد مدني بالأساس. وقال :" لعل من تقدم بالمشروع اراده ان يكون خطوة اولى تليها خطوات قد تصل بنا إلى الزواج العرفي ثم زواج المتعة وبعده تعدد الزوجات.." وذكّر بأن عدول الاشهاد سلبوا سابقا من حقهم في عدة اختصاصات التي تم تضييقها من ذلك انه تم سلبهم تحرير عقود الأصول التجارية، وتضييق مجال تدخلها في المادة التعاقدية...