- مرّ أسبوع ساخن بكامل البلاد بعد أول ردة فعل لقمع الحريات وخاصّة منها حرية الاضراب.. إنه اضراب أعوان وعمال البلدية الذي كشف عديد النوايا ووضع الاصبع على مكمن الداء بعد ظهور تلك «الميليشيات» التي حاولت أيضا تدنيس مقرات أعرق منظمة مدنية هي الاتحاد العام التونسي للشغل الذي ارتبط انبعاثه بالكفاح التحريري وبالخط الثوري التقدمي. وإذ يخطىء من يقرب هذا المارد الذي ظل دوما يقف على مسافة الاحترام والتكافؤ مع الزعامات والحكومات المتعاقبة والأحزاب ملتزما بهدفه الرئيسي وهو عدم الإنصهار في أي نظام مقابل العمل معه والقيام بدور الرقيب والمعدل ضمانا لحقوق الطبقة الشغيلة ودفاعا عن المسحقوقين الذين أصبحنا (حتى بعد الثورة) نستكثر عليهم حق الاضراب.. «.. أحبك يا شعب» هكذا قال حشاد مخاطبا الجميع، ونحن نقول نحبك يا عامل البلدية الذي يرفع أوساخنا وينظف طرقاتنا وأنهجنا ونحبك أيضا لأنك باضرابك العفوي والتلقائي رفضا لوضعيتك المزرية قد جعلت أصدقاء سوريا الذين تجمعوا بيننا «يغرقون في القمامة» ولسان حال البعض منهم يقول كيف لبلد لم يقو بعد على حل مشاكله الاجتماعية والاقتصادية وتهضم فيه حقوق الأعوان والعملة أن ينظم مؤتمرا ضخما حضرته الدول العظمى وربيباتها وحكومات متفرخة عنها ليحدد مصير الشعب السوري، ولو أن الاتحاد العام التونسي للشّغلالذي تعرض لهجمة شرسة الأسبوع المنقضي كان اعتبره في أحد بياناته مؤتمرا «تآمريا» وقد لاح ذلك الأمر في تصريحات ومواقف بعض رموز المعارضة السورية الذين دعيوا للمؤتمر من أجل الاستماع إلى قرارات «هيلاري كلينتون» وجماعتها دون أن يشاركوا فيها.. ورغم أننا نقر بجهلها إن كانت معالجة الوضع في سوريا مدرجة ضمن التنظيم المؤقت للسلط أم لا فإننا نقر بعجزنا عن ادراك ما هية ما يحدث إذ من المفترض (حسب فهمنا البسيط) أن نهتم خلال سنة ونصف بمشاكلنا الداخلية وانقاذ الجهات المحرومة التي زادت وضعها سوءا موجة الثلوج والبرد والفيضانات ونخفض في نسب البطالة وتسوية الوضعيات العالقة والملفات الحارقة وتركيز الحريات الأساسية ونرفع القمامة من أمام منازلنا ومن طرقاتنا وشوارعنا وانهجنا التي كادت تتحول إلى مصب فضلات بدل تنظيم مؤتمر لكنس ما سمّيت «بالدكتاتورية» في سوريا.. إنها مفارقة عجيبة ونصر الله كل من تفطن إليها.