استأنفت ظهر أمس أشغال اللجان القارة بالمجلس الوطني التأسيسي وهي لجنة التوطئة والمبادئ الأساسية وتعديل الدستور، لجنة الحقوق والحريات، لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما، لجنة الهيئات الدستورية ولجنة الجماعات العمومية الجهوية والمحلية. تنديد
وقد استهلّ أعضاء لجنة التوطئة والمبادئ الأساسية وتعديل الدستور جلستهم بالتنديد بالاعتداء بالعنف على زميلهم النائب أحمد المشري أثناء زيارته لمدينة بوسالم، كما توجهوا بالعتاب على وسائل الإعلام ومطالبتها بالتحري والدقة في نقل المعلومة والالتزام بالمهنية دون السقوط في الإثارة على خلفية ما نشرته صحيفة يومية حول اتفاق أعضاء اللجنة بأن تكون تونس "دولة لائكية" وهو ما وقع نفيه لاحقا في تصريح الصحبي عتيق رئيس اللجنة. وقد ارتكز النقاش صلب هذه اللجنة حول المقترح التي تضمن العناصر الأساسية لمبادئ الدستور، فشمل نقاطا محورية أولها طبيعة الدولة وطبيعة النظام ومؤسساته إلى جانب علاقة الدين بالدولة، و ضرورة التنصيص على الحقوق الأساسية للمواطن من صحة وتعليم وبيئة وغيرها من الحقوق، بالإضافة إلى التنصيص على واجبات المواطن ودسترتها. كما تطرق أعضاء اللجنة إلى المبادئ المتعلقة بالمواطنة والعلاقات الاجتماعية المتضمنة للجنسية والحماية والشغل إلى جانب "الكفالة الاجتماعية" و"حرمة المال العام والخاص" والحق في تنمية شاملة وبالتالي ضرورة التنصيص في الدستور على اللامركزية واللامحورية.
مبادئ عامة
وقد شملت العناصر الأساسية لمبادئ الدستور المقترحة من قبل أعضاء لجنة التوطئة والمبادئ الأساسية وتعديل الدستور خمس محاور كبرى وهي الدولة، الدين، المواطنة والعلاقات الاجتماعية، التنظيم السياسي والإداري، العلاقات الدولية، وهي محاور رئيسية تضمنت نقاطا فرعية قابلة للتعديل حسب ما ستفضي إليه جملة النقاشات مداخلات الأعضاء ويذكر أنّ النقاش داخل جلّ اللجان كان حول العناوين الكبرى التي سيتضمنها الدستور، حيث نظرت لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما في شروط الترشح لعضوية مجلس النواب التي يجب أن تحق لكل تونسي دون التطرق للتفاصيل الدقيقة حول مسألة الجنسية التي ارتأى أعضاء اللجنة أن يقع تناولها ضمن مجلة الجنسية كذلك الشأن بالنسبة لشروط الترشح المفصلة كسن الترشح والانتخاب حيث أكد الأعضاء على وجوب التنصيص عليها ضمن القانون الانتخابي، ويقتصر الدستور على الخطوط الكبرى وهي المدة النيابية والتي تمّ تحديدها مبدئيا بخمس سنوات إلى جانب تحديد شرط الجنسية التونسية، كما تناول أعضاء اللجنة بالنقاش "من له الحق في اقتراح المشاريع".
استقلالية المجالس
أما بالنسبة للجنة الجماعات العمومية الجهوية والمحلية فقد استمع أعضاؤها إلى دراسة حول تصور للجماعات الجهوية والمحلية مع تحديد لمفاهيمها، أبرز ما جاء فيها أن تكون على نحو مجالس جهوية تتواجد داخل الولايات تكون منتخبة بصفة مباشرة من المواطنين ويترأسها عضو منتخب لضمان استقلاليتها عن السلطة المركزية المتمثلة في وزارة الداخلية مع إعطائه صلاحيات واسعة و تحديد هذه الاستقلالية على مستوى القرارات والموارد المادية ورقابة لاحقة تتعلق بشرعية القرارات ونفقات المجلس تختص فيها المحكمة الإدارية وتعطى لكل من له الصفة و المصلحة للطعن فيها إلى جانب كيفية ضمان الموارد الخاصة بالمجالس التي قد تتأتى حسب أعضاء اللجنة من الجباية المحلية ومساهمة الدولة وبعض المنشآت الصناعية بما أنها تستغل البنية التحتية للجهة وثرواتها الطبيعية مع التفكير في موارد أخرى.
تنمية مستدامة
وقد اقترح أعضاء لجنة الهيئات الدستورية إنشاء هيئة تعنى بالتنمية المستدامة وتقليص الهوة بين الجهات، واختلف بعض الأعضاء ما إذا ستكون الهيئة دستورية لها سلطة القرار في تحديد السياسة التنموية ولها استقلاليتها المالية والإدارية عن الدولة أم أنها ستكون مجرد لجنة مدرجة في الدستور في شكل آلية لرقابة عمل الحكومة في تطبيق السياسة التنموية وتكريس التوازن الجهوي، بالإضافة إلى تقديم بعض المقترحات والتوصيات و ذلك لضمان عدم تدخل الهيئة في عمل الحكومة. واختلف أعضاء اللجنة في تسمية الهيئة حيث جاءت المقترحات كالتالي الهيئة العليا للتنمية الجهوية، الهيئة العليا للتوازن الجهوي، الهيئة العليا للتخطيط والتنمية المتوازنة، الهيئة العليا للمحيط والتنمية المستدامة. وفي مداخلة لبعض أعضاء اللجنة تم اقتراح اعتماد التقسيم الإقليمي ومنح استقلالية مالية وإدارية لكل ولاية حتى تكون مسؤولة عن مخططها التنموي.
حرية التعبير
وقد كان تعريف الحقوق والحريات حسب المرجعيات الفكرية والدلالات السياسية ابرز ما جاء في الورقة التي اعدتها لجنة الحقوق والحريات، مراجعة للمرسوم عدد 106 سنة2011. واتفق أعضاء اللجنة على أن الحقوق والحريات مجموعة من القيم ومعيار للحكم على الأشياء مؤكدين على أن تحديد الحقوق والحريات ليست مجرد مهمة إجرائية تركيبية، كما دعوا إلى وضع الحقوق والواجبات في نفس الباب في الدستور نظرا لارتباطهما ضمنيا، بالإضافة إلى التأكيد على توفير آليات التي تضمن تمتيع المواطن بكل حقوقه. ومن المطالب التي تطرق لها اجتماع اللجنة منح جميع الأحزاب حرية الرأي والتعبير وإعطاؤها حيزا زمنيا في كل الوسائل الإعلامية ومنحها الحق في التمويل العمومي. واختلف الأعضاء حول بعض المسائل كالقانون المتعلق بالإعدام حيث اعتبر البعض هذا القانون انتهاكا لحق الحياة فيما أصر البعض الآخر على الإبقاء على هذا القانون عملا بمبدأ أن كل إنسان يجب أن يعاقب من جنس فعله. إيمان عبد اللطيف
ماذا في اجتماع مكتب المجلس التأسيسي؟
اجتمع صباح أمس مكتب المجلس الوطني التأسيسي برئاسة السيد مصطفى بن جعفر للنظر في مزيد تفعيل الأدوار الموكولة للمكتب والبحث عن آليات لتدعيمها، وتتلعق هذه الأدوار بالعلاقات الخارجية ، العلاقة بالمواطن والمجتمع والتونسيين بالخارج، والعلاقة بالسلطة التنفيذية إلى جانب العلاقة بالإعلام والمسألة المالية والإدارية للمجلس. كما تم التطرق إلى موضوع الجلسة العامة التي ستعقد اليوم حول الدستور إلى جانب الجلسة العامة مع الحكومة والتي ستعقد يوم الخميس المقبل محورها الشؤون الخارجية والداخلية والمسائل الاجتماعية للبلاد.