انعقدت خلال الأسبوع قبل الماضي جلسات حوار بين وزارة التجارة والمهنيين لعقلنة أسعار المواد الغذائية الأساسية بمختلف أنواعها، وتم خلالها الاتفاق على تمش يراعي القدرة الشرائية للمواطن التي تدهورت بشكل بارز خلال الأشهر الأخيرة، انطلقت اثرها حملة وطنية شملت كافة الأسواق البلدية للتخفيض في أسعار المواد الاستهلاكية. غير أن هذا الاتفاق لم يتجسم على أرض الواقع، حيث تواصل ارتفاع أسعار كافة المواد الغذائية الأساسية على اختلاف أنواعها.
الاتفاق في غياب آليات المراقبة
الاتفاق الذي أبرمته وزارة التجارة مع مهنيي القطاع كان أخلاقيا ولم يرتق إلى مستوى القرار أو الاتفاقية المكتوبة الملزمة، لذلك فإن التجار لم يلتزموا به. كما أن قرار الوزارة لم يكن متبوعا بحملة واسعة للمراقبة الاقتصادية حيث أن خطتها في مراقبة الأسعار وتنفيذ ما اتفق عليه كانت غير متبوعة بتغطية شاملة تراقب الأسعار داخل الأسواق، بل كانت حسب علمنا من خلال مرشدين حاولوا من خلال جولات في الأسواق الحديث «باحتشام» مع التجار لإقناعهم بالتخفيض في الأسعار، وهو أسلوب لم يجد نفعا في ظل مظاهر التسيب التي عمت الأسواق. كما غابت المراقبة البلدية على المشهد، وغاب معها الحزم في تطبيق القانون وما يتبعه من قرارات فورية عند تسجيل المخالفات.
مفاوضات صعبة مع الجزارين
وضمن محاولة الصغط على الأسعار علمنا أن الوزارة كانت قد انطلقت في مفاوضات مع الجزارين قصد الضغط على الأسعار لم تنته إلى اتفاق، خاصة أن الوزارة كانت قد أعلنت عن نيتها توريد كميات من لحم الضأن والبقر والديك الرومي للضغط على الأسعار، الأمر الذي أثار حفيظة أهل المهنة واعتبروا ذلك ضربا لمصالحهم وضررا بها، وهو ما جعلهم غير متفاعلين مع قرارات الوزارة بشأن التخفيض في أسعار اللحوم. كما أن النقابة التونسية للفلاحين كانت قد أعلنت عن تحفظها بخصوص تعديل أسعار المنتجات الفلاحية بعد قرار الوزارة توريد بعض المواد، واعتبرت مسألة غلاء الأسعار مرتبطة بمشاكل هيكلية تتصل بتنظيم الأسواق ومسالك التوزيع وارتفاع كلفة الإنتاج. وحذرت النقابة من العودة إلى استيراد اللحوم لأنه يهدد قطاع الإنتاج الحيواني الوطني. كما عبرت النقابة عن رفضها للطريقة الأحادية التي تم بها التسعير في غياب تام للتمثيل المهني للفلاحين، ودعت إلى حوار جاد مع أهل القطاع.