سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"أمن الدولة" أرادت ضرب مصداقية المؤسسة العسكرية.. والقلال خشي أن يقطع الإسلاميون رأسه خاص مدير الامن العسكري ورئيس أركان جيش البحر سابقا في شهادتيهما حول "براكة الساحل"
"براكة الساحل".. من القضايا التي شغلت الرأي العام ومن أبرز المتهمين فيها الرئيس المخلوع وعبد الله القلال ومحمد علي القنزوعي وعز الدين جنيح وبعض القيادات الامنية الاخرى.. والجدل القانوني الذي أثير حول هذه القضية المنشورة الآن أمام محكمة الاستئناف العسكرية بتونس هو مطالبة محاميي الضباط المتضررين إعادة التكييف القانوني للافعال المنسوبة إلى المتهمين واعتبارها من قبيل التعذيب وليس العنف وإحالة القضية على الدائرة الجنائية، ومن بين الطلبات التي تقدم بها المحامون سماع شهادات بعض القيادات السابقة بالجيش الوطني.
ضرب مصداقية المؤسسة العسكرية
تم في إطار الاعمال التحضيرية في هذه القضية سماع الفريق المتقاعد من سلك الجيش الوطني محمد الحفيظ فرزة البالغ من العمر 74 عاما فأفاد بأنه في فترة حصول وقائع قضية "براكة الساحل" كان يشغل خطة مدير الامن العسكري برتبة عميد بعد تعيينه يوم 21 فيفري 1991 من طرف وزير الدفاع في تلك الفترة الحبيب بولعراس، مضيفا أنه خلال شهر مارس من نفس السنة أعلمه الوزير المذكور أنه تم إكتشاف مؤامرة اسلامية لقلب نظام الحكم كما أعلمه أن المتهمين المدنيين الذين تم التحري معهم من طرف الاجهزة الامنية ذكروا أن مجموعة من العسكريين شركاء لهم في المؤامرة المذكورة وطلب منه اعطاء التعليمات لمنظوريه بادارة الامن الداخلي بالادارة العامة للامن العسكري لاستدعاء كل عسكري يثبت تورطه في المؤامرة والتنسيق في ذلك مع ادارة أمن الدولة التي تتولى البحث في الموضوع وذلك ما تم فعلا. وأضاف الجنرال المذكور أن إجراءات توجيه العسكريين من طرف ادارة الامن العسكري للاجهزة الامنية أو القضائية المختلفة هو أمر عادي وقانوني ومعمول به دائما خاصة أن موضوع المؤامرة قد صدرت فيه إنابة عدلية من طرف القضاء العسكري لادارة أمن الدولة وأضاف أن ادارة الامن العسكري التي كان يشرف عليها لم تقم بإجراء الابحاث في هذا الموضوع لان المؤامرة حصلت خارج المنشآت العسكرية بالاضافة إلى ذلك فهي تشمل مدنيين وعسكريين مما يجعلها خارجة عن نطاق مشمولات الادارة العسكرية. وأضاف الجنرال فرزة أنه لم يكن على علم بما تعرض له العسكريون المتهمون من إعتداء بالعنف بمقر ادارة أمن الدولة مضيفا أنه يتذكر أن أعوان الادارة المذكورة طلبوا من أعوان ادارة الامن العسكري عدم إعلام العسكريين المطلوبين لديها بسبب دعوتهم وتوجيههم إليها وذلك حفاظا على سرية الابحاث كما لاحظ أن ادارة أمن الدولة لم تعلمه أو لم تعلم منظوريه بسير الابحاث ومضمونها وما أفضت إليه. وقال فرزة أنه لما ازداد عدد المورطين في المؤامرة من العسكريين وارتفاع رتب المشبوه فيهم اقترح على وزير الدفاع الحبيب بولعراس أن تتولى ادارة الامن العسكري اجراء التحريات في الموضوع ومعاينة المنزل الكائن بمنطقة "براكة الساحل" الذي يزعم أنه مقر إجتماع العسكريين، فوافق على ذلك، لذلك تم الاستعداد لاجراء المعاينة اللازمة واعداد ملف في ذلك مرفوقا بتقرير تم التأكيد فيه على أن المقر المذكور لا يمكنه الاتساع للعدد الضخم من المتهمين المشمولين بالبحث. وأضاف فرزة أنه سلم الملف المذكور لوزير الدفاع الذي رفعه بدوره للرئيس المخلوع، فأعلمه الحبيب بولعراس لاحقا أن المخلوع لما اطلع على الملف المذكور قال له بالحرف الواحد "مالا قولولي ما فماش مؤامرة بالكل". وأضاف الجنرال المذكور أنه في أواخر شهر ماي وأوائل شهر جوان 1991 طلب منه وزير الدفاع الحبيب بولعراس أن يتوجه لمقر وزارة الداخلية لحضور اجتماع مع محمد علي القنزوعي المدير العام لادارة المصالح المختصة وهناك التقى به وكان برفقته عز الدين جنيح مدير ادارة أمن الدولة واصطحباه إلى أحد المكاتب حيث وجد ضابطا عسكريا برتبة مقدم تابع لسلاح المدفعية، وفي الاثناء طلب أحد أعوان الامن من المقدم المذكور أن يتكلم فصرح باعترافات تفيد عقد اجتماع مع عدد من الضباط العسكريين السامين ذكر أسماءهم وهم العميد الحبيب العياشي والعقيد منصور الحداد والعقيد رشيد عمار والعقيد محمود المزوغي والمقدم عبد الوهاب القروي، فقاطعه فرزة عن مواصلة الكلام قائلا "هاك سميت المدفعيين الكل ومازلت كان أنا ما سميتنيش" فأجهش الضابط المذكور بالبكاء وقال له "بالتعذيب اللي شفتو بابا وأمي نذكرهم"، وعندها أنهى محمد علي القنزوعي اللقاء وغادر ساعتها فرزة دون أن يتحادث مع القنزوعي وجنيح في الموضوع. وأضاف فرزة أنه أعلم وزير الدفاع بعدم اقتناعه بذلك وأفشل المخطط الذي كانت ادارة أمن الدولة تسعى إلى تحقيقه، مضيفا أنه لاحظ ارتياح وزير الدفاع لتلك النتيجة ومن ثمة توقفت عملية استدعاء العسكريين والتحقيق معهم، وذكر أن ملف المعاينات السالف الذكر الذي أعدته ادارة الامن العسكري أدخل شكا لدى الرئيس المخلوع حول صحة موضوع المؤامرة، مضيفا أن وزير الدفاع الحبيب بولعراس طلب منه مرة أخرى أن يتوجه إلى مقر وزارة الداخلية لحضور اجتماع مع الوزير عبد الله القلال مضيفا أنه اجتمع مع القلال ومجموعة من أعضاده من بينهم القنزوعي وعز الدين جنيح وتحول جميعهم إلى قاعة كانت بها مجموعة من العسكريين الذين شملهم البحث وتولى القلال تقديم إعتذارات الرئيس المخلوع للعسكريين موضحا لهم أنه أذن بإطلاق سراحهم وطلب منهم أخذ مدة من الراحة في بيوتهم. وأضاف الجنرال فرزة أنه عندما توسعت حملة ايقاف العسكريين كان يتابعها باهتمام وبصفة يومية بمعية الحبيب بولعراس وكانا متعاطفين مع كل من تم ايقافه، ولاحظ أن ادارة أمن الدولة استغلت موضوع المؤامرة لتوريط أكبر عدد ممكن من العسكريين فيها ومن وراء ذلك ضرب مصداقية المؤسسة العسكرية.
القلال خشي أن يقطع رأسه
وفي نفس الاطار صرح اللواء بالبحرية المتقاعد من الجيش الوطني محمد الشريف أنه في فترة حصول وقائع هذه القضية كان يشغل خطة رئيس أركان جيش البحر وقبل حصول واقعة "براكة الساحل" ببضعة أشهر وعندما كان عبد الله القلال يشغل خطة وزير دفاع إجتمع بالقادة العسكريين في إطار المجلس الاعلى للجيوش وأعلمهم بوجود شبهات تحوم حول العقيد أحمد بن علي الغيلوفي أحد المتضررين في هذه القضية وأفادهم أنه "خوانجي" قائلا للحاضرين "لو أن حركة الاتجاه الاسلامي (النهضة) تصل إلى الحكم فإن الغيلوفي المذكور سيصبح وزيرا للدفاع وسوف يقطع رأسي".