ناقشت مؤخرا لجنة الهيئات الدستورية مقترح إحداث هيئة عليا مستقلة لحماية حقوق الأجيال القادمة .وينص المقترح على ضرورة إدراج الحقوق الاقتصادية والطبيعية ضمن مشروع الدستور لضمان رفاهية عيش المواطن مستقبلا.كما اتفق الأعضاء على حتمية التحكم في الموارد الطبيعية وترشيد استعمالها والمحافظة عليها مع عدم إغراق البلاد في المديونية... اقتراح دفع المتتبعين والملاحظين للشأن العام الى التساؤل: هل نحتاج فعلا لمثل هذه الهيئة صلب الدستور المرتقب ؟ وهل أنها من أوكد الحاجيات حتى يقع التنصيص عليها في الدستور الجديد؟ يعتبر النواب الذين ناقشوا هذا المقترح أن اللجنة ضرورية ولاجدال في جدوى وجودها بما أن هذه الهيئة ستحمي الثروات الطبيعية من الاستنزاف الأمر الذي سيؤشر لضمان حقوق الأجيال القادمة. هل من تداخل؟ في تقييمه لهذا المقترح يؤكد رابح الخرايفي (الحزب الديمقراطي التقدمي) انه يعتقد أن مثل هذه الآلية هي تنصل من مسؤولية الدولة ثم الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة يندرج ضمن واجبات الدولة ومسؤولياتها وتبعا لذلك فلا موجب ولا مبرر لإحداث اللجنة المذكورة خاصة أن ذلك من شانه أن يحدث تضاربا و تداخلا مع مهام الدولة فمشمولاتها هي أيضا تدخل ضمن مسؤولية القضاء الدستوري إذ أن القاضي الدستوري هو المطالب بحماية حقوق الأشخاص فضلا عن حماية مكتسبات الأجيال القادمة.وذكر الخرايفي في نفس السياق أن "التحكم في الموارد الطبيعية وترشيد استعمالها والمحافظة عليها مع عدم إغراق البلاد في المديونية" هي نوع من الشعارات فالمديونية هي سياسة متبعة في جميع البلدان ولا وجود لدولة تعيش دون ديون. لا للإكثار من الهيئات في المقابل يرى أيمن الزواغي ( تيار العريضة الشعبية) أن الهيئة العليا لحماية حقوق الأجيال القادمة هي هيئة تصنف في خانة الهيئات الدستورية التي تحفظ الحقوق من ذلك الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هي التي تحفظ حقوق الناخب.وأضاف أن هذه الهيئة التي سيعرض مقترح إحداثها على النقاش في جلسة عامة تعتبر هيئة مهمة لا سيما أن المشاكل في العشرية القادمة هي مشاكل بيئية بالأساس لذا فمن المنطقي أن يقع التفكير في المحافظة على الموارد البيئية والطاقية. وأوضح الزواغي انه بالإمكان أن تكون هذه الهيئة دستورية استنادا الى أنها تفكر في الأجيال القادمة ولكنه أشار في نفس الوقت إلى انه لا يجب الإكثار من الهيئات الدستورية. ويساند من جهته طارق العبيدي (المؤتمر من اجل الجمهورية) هذا المقترح مشيرا الى انه " لا يمكن اعتباره غير ذي جدوى" لاسيما انه من "الجميل أن تخلق هيئة مستمدة من الدستور لها رؤية استشرافية لحماية مكتسبات الشعب والحفاظ عليها".ولكن يبقى الجانب الذي سيطرح على طاولة النقاش من وجهة نظر العبيدي هو هل أن هذه الهيئة ستتداخل مع باقي السلط آم لا ؟ وأورد في السياق ذاته أن المقترح جدير بالاهتمام وهو موضوع قابل للطرح والنقاش.