يعمد كثير من المعلقين الإذاعيين والتلفزيين وكذلك الصحفيين في الجرائد إلى تشبيه بعض اللاعبين المحليين بنجوم عالمية. وهذا التشبيه في اعتقادنا بعيد كل البعد عن الموضوعية، فضلا عن كونه سلاحا ذا حدين. وما دفعنا إلى هذا القول هو أن اللاعب المتميز يوسف المساكني الذي تألق مع المنتخب خلال ال«كان» الأخيرة أو مع فريقه الترجي، وقبله لاعبون آخرون، قد أطلق عليهم اسم «ليونال ميسي» ذلك اللاعب الأرجنتيني الذي لقب بالمعجزة بعد أن طبع اسمه بأحرف من ذهب في سجل تاريخ الكرة العالمية. وحسب رأينا، فإن اطلاق مثل هذه التسميات والألقاب والنعوت التي يحبّذها الشارع الرياضي ويفتخر بها بالخصوص أنصار الفريق الذي ينتمي إليه اللاعب المتميز، قد تكون له انعكاسات سلبية على مردود اللاعب وأدائه، حيث أنه يصبح عرضة أكثر فأكثر للضغوطات ومحاصرة الأعين ليجد نفسه في كل مقابلة مضطرا إلى تقديم نوعية جيدة من اللعب رغما عنه دون ارتكاب أية أخطاء أو هفوات أو حتى تسجيل فراغ، خوفا من أن ينتزع منه ذلك اللقب الفخري والحال أن اللاعب كأي إنسان يخطئ ويصيب والراحة النفسية وحدها التي تجعله يتجنّب الأخطاء ويحقق الأهداف. فالأنسب إذن، أن نترك اللاعب يخوض جولاته الكروية في أريحية تامة وهدوء نفسي عميق ويمتع النظارة بمهاراته وفنياته ويستمتع بلذّة اللعب مثل بقية زملائه، دون الاكتراث بالأعين والألسن المحيطة به، ولا إلى الألقاب والنعوت والتسميات التي يفرضونها عليه من هنا وهناك. فاللاعب، مثل الفنان، وإن كان له مثل أعلى، فلا يمكن أن يقلّده في كل شيء، وعلى امتداد مسيرته الكروية، بل يجب أن يفرض شخصيته وأسلوبه الذي ينسجم مع خصائصه الفيزيولوجية والذي يبرز فنياته الشخصية وموهبته التي منّها عليه الله سبحانه وتعالى والتي هو مطالب برعايتها وتطويرها باستمرار بفضل تضحياته وسلوكه الحسن داخل الميادين وخارجها. وخلاصة القول، فإنه لا يوجد لاعب شبيه بآخر ولا أي إنسان شبيه بغيره في هذه المعمورة وما يجب أن يطمح إليه اللاعب بالدرجة الأولى، هو أن ينحت اسمه الحقيقي ولا المستعار، بخصالاته الفنية والأخلاقية الشخصية وتاريخه الخاص، فتونس أنجبت في أحقاب زمنية مختلفة لاعبين مهرة في مختلف المراكز، ظلوا المثل الأعلي للاعبين الشبان ورموز الكرة التونسية وكان لكل واحد منهم خصائصه ومهاراته وأسلوبه ولم يكونوا أبدا نسخا كروية لغيرهم.