- طرحت الكثير من المواضيع وكانت اغلبها وأدقها محل سجال و جدال بين مختلف الفرقاء السياسيين. أما منطلقها فكان حول علاقة الدين بالسياسة والفرق بين الدين والتدين، فيما كانت تمظهراتها من خلال تهييج الشارع وتحريكه ودفعه للمطالبة بما يعجز عن قوله السياسي درءا لأي ضغط أو اتهام من معارضيه الذين قد يشككون في ازدواجية خطابه، فكانت الاستجابة لذلك تجمهرا كبيرا أمام المجلس الوطني التأسيسي يوم الجمعة الماضي من اجل المطالبة باعتماد الشريعة في صياغة الدستور. وفي نفس السياق دعت الحكومة إلى المطالبة بإصلاح الإعلام فنصبت الخيام أمام مقر التلفزة الوطنية وتتالت الأسابيع وظلت الأوتاد قائمة لحين تطهير المؤسسة، في حين غابت الإرادة السياسية عند تطبيق المراسيم التي وافق عليها أهل القطاع.وآخر الأحداث وليس آخرها ما تداول حول تدنيس القرآن في بن قردان ورسم نجمة داوود على حائط جامع الفتح بالعاصمة . وبين الدين والتدين فرق شاسع لأن الدين اشمل وأصله الوسطية والاعتدال في حين اختلفت طرق التدين وتجلياتها فكثرت الفرق وتعددت مواقف العلماء وفتاواهم، لكن «شيفرة» الشعب التونسي وميولاته تتنافى وما يدعو إليه البعض من تكفير للأشخاص وتهديد للمثقفين والمخالفين في الرأي . أما في الحديث عن السياسة والدين فان ما نشهده حاليا هو استغلال من السياسي لغيرة التونسي وحرصه على دينه وتوجيهه في إطار يتماشى وأجندته حيث يصبح ورقة ضغط لتطبيق أو «شرعنة» ما يرنو إلى تحقيقه . فهل من سبيل لترك الدين وحاله وجعل كل ما هو سياسي في إطاره مع مراعاة ما يطمح إليه الشعب دون توظيف؛ والحال أن الاشتغال بأمور العقيدة والفقه في بلد عاش سنوات عجاف فقد فيه طلب العلم الشرعي وغيب علماؤه أفضل في هذه المرحلة. تتطلب تونس في الوقت الراهن وقفة جدية وحازمة من الجميع دون تخوين أو تكفير أو ما شابههما؛ فليس لأحد الحق في تنصيب نفسه وصيا على الدين أو متكلما باسمه، كما ان على السياسي ان يحترم حب التونسي لدينه وبحثه عن الاعتدال دون غلو، فالدين والسياسة وان تلازما في نظر البعض فإنهما يبقيان مجالين مختلفين بين « دين مقدس» و»حقل سياسي» قد تغيب فيه الأخلاق. أما التدين فهو وان اختلفت طرقه يبقى مجالا على العالم فيه ان يتقي الله في الشعب. أقولها وأمضي لا أحد (سياسي أو «فقيه») يمكن له المزايدة على التونسي.