تعزز المشهد السياسي مؤخرا بتحالفات جديدة أخرها التحالف الذي وقع أول أمس بين حزب الكرامة والتحالف الوطني للسلم والنماء والأمانة. ولئن يعتبر البعض بان مثل هذه التحالفات هي خطوة لمواجهة الفراغ السياسي لا سيما محاولة تكوين أقطاب حزبية للقضاء على تشتيت أصوات الناخبين فان البعض الآخر يعتبر أنها لا تتعدى أن تكون مجرد خطوة تستهدف الانتخابات التشريعية القادمة. ويعزو البعض أن ما يؤكد هذا الطرح هو عزوف الأحزاب على تبني بعض المواقف فيما يتعلق بالتجاذبات السياسية التي تشهدها البلاد على غرار التطاول على المقدسات حيث لم تتنصل بعد هذه الأحزاب بعد من لغة التنديد والاستنكار دون ان نرى نتائج ملموسة على ارض الواقع. في تقييمه لهذا التوجه يرى اسكندر الفقيه (محلل سياسي) بان التحالفات السياسية هي في اعتقاده أعمق من أن تكون مجرد محطة غايتها فقط جمع أصوات في الاستحقاق الانتخابي للعودة الى مرحلة التشتيت لاحقا. لان التفكير في هذا المنحى يفضي الى القول بان التحالف سيولد حتما ميتا لا سيما أن غايته الأساسية هي جمع وسائل العمل والاتصال بالمواطنين مباشرة.
من لا موقف له لا انصار له
وأضاف أنه من الضروري آن تتواجد مقومات للتحالف لا سيما أن الأحزاب المندمجة اليوم لم تتجاوز بعد مرحلة التأسيس الى البناء إذ أن المسالة لازالت قائمة على الأفراد ومشخصة على بعض الرموز لإعادة الجماهيرية لها خاصة أن التحالف سيكون سيء وضعيف إذ لم تتوفر فيه القاعدة الشعبية المطلوبة. واعتبر المحلل السياسي أن الحل يكمن في أن تلتصق هذه التحالفات بالعمل القاعدي لا سيما أن صوت الناخب يمنح أساسا من خلال المواقف والبرامج مشيرا في السياق ذاته الى أن المجتمع المدني اليوم بات يلعب دور الأحزاب من خلال المواقف التي يجسدها على ارض الواقع في حين أن الأحزاب لم تتجاوز بعد مرحلة التنديد والاستنكار وكأنهم يخافون الكشف عن مواقفهم قبيل الانتخابات القادمة متغافلين عن أن «من لا موقف له لا أنصار له».
اعادة هيكلة
من جهة أخرى يعتبر الدكتور فوزي الشرفي (عن المجتمع المدني وعضو سابق في هيئة تحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي) أن التحالفات تشكلت أولا كي تقطع مع الهزيمة أو الانتكاسة الانتخابية وأساسا لتقطع مع تشتت الأصوات على صعيد الأحزاب والقوائم المستقلة وحتى قع تدارك الأخطاء التي وقعوا فيها بعد ال 14 من جانفي. وتطرق في السياق ذاته الى الأحزاب الوسطية الذين قرروا الاندماج في إطار حزبي موحد قصد تجميع القوى غير أن هذه الخطوة وحدها لا تكفي إذ لا بد أن تخلق الأحزاب المندمجة فضاء سياسي جديد للم الشمل ولاستقطاب الناخبين الذين لا توجه حزبي لهم. وشدد في المقابل الدكتور الشرفي على أن الأحزاب المندمجة لابد أن تهيكل وتنظم وتوحد صفوفها على أساس تكوين أقطاب حزبية لديها القدرة على أن تتفاعل ميدانيا. كما انه لا بد أن تكون مفتوحة على المجتمع المدني ومنظمات المجموعات الوطنية في النشاط الميداني. وذلك في إطار توحيد الصفوف والاحتفاظ على مكاسب الجمهورية ومدنية الدولة والحريات العامة. وخلص الشرفي الى القول انه لا يجب أن تكون هذه التحالفات موجهة ضد حركة النهضة لان العمل السياسي يقوم على البناء لا غير.