تضمنت المشاركة التونسية في معرض البحرين الدولي للكتاب باعتبارها ضيف شرف دورتها الخامسة عشرة التي تتواصل الى يوم 1 افريل القادم الى جانب الموسيقى والسينما مسامرة شعرية تونسية كان نجومها الشاعر محمد الخالدي مدير بيت الشعر والشاعرة فاطمة بن محمود والشاعر بحري العرفاوي والأستاذ مجدي بن عيسى. استهلت الشاعرة فاطمة بن محمود هذه السهرة التي حضرها سفير تونس بالبحرين السيد زين العابدين التراس الذي تابع كل العروض التونسية وعدد من التونسيين المقيمين في البحرين من الذين زاروا المعرض بحثا عن الكتب التونسية التي صدرت بعد الثورة والبعض من الاشقاء العرب من الذين يحملون فكرة جيدة عن الحركة الفكرية والأدبية والشعرية و جاؤوا بحثا عن صدى ثورة 14 جانفي في الشعر التونسي. فاطمة بن محمود استاذة فلسفة وكاتبة صحفية صدرت لها «رغبة اخرى لا تعنيني» و«ما لم يقله القصيد» و«الوردة التي لا اسميها» ومؤخرا كتاب «امرأة في زمن الثورة» ومن قصائد مجموعاتها الشعرية قرأت «ذكرى» و«الغرفة الخلفية» و«فرح « و«اللوحة» و«انهيار» و«حب مؤجل».
نشط الاستاذ صابر الحباشة السهرة الشعرية فقال ان بحري العرفاوي كاتب وإعلامي انغرس فيه حب الشعر منذ الصبا لكنه اختلط بالدم فانشأ من دواوينه «النزيف» ولم يغادر شعاب الجسد فنشر الجرح النازف فلسطين وبث «شرايين الصدأ والرفض» التي قد توحي لقارئها بالتشاؤم لكنها كتابة عن الالتزام الذي ظهر في «سنابل الشتاء» وتحول الى غضب في «الأبابيل « اختلف» و«نمل ودود» و «لا تنسوا». وتناول الشاعر الكلمة فعبر عن سعادته بمشاركة الاخوة البحرينيين احتفالهم بالمنامة عاصمة للثقافة العربية 2012 و بمعرضهم هذا وقال: « شعرنا بعد 14 جانفي كما لو انه لنا اجنحة ونطير بعد ان حوصرنا كتابة وسماعا... و قصيدتي الاولى «خوف» هي احدى بذور الثورة التي لم تكن يتيمة كما يحلو للبعض ان يروجه بل كان لها آباؤها الشرعيون حيث كنا متشوفين لمستقبل ارقى وهذا القصيد نشر على الانترنت في سنوات الدخان. ثم قرأ قصائد « تونس « و «انتمي «و» القادم مستقبلي « وقصيد أخير قال البحري العرفاوي متحدثا عنه : « فيه الكثير من الرمزية وهو استشراف لما ستدخل فيه البلدان العربية من فوضى سميت بالفوضى الخلاقة هذا القصيد عنوانه « نمل ودود « وقد كتبته يوم 4 فيفري 2007 ويقول مطلعه : «فوضَى المنابع و الرؤى فوضى الإشاراتِ ...وفوضى المنتهى !... فوضى التساؤلِ.. والتنازلِ.. والإيماءْ! فوضى المَدَى !...أوَ أيِ عقلُ... عقل وفوضى.. والشقاءْ !... ركْضٌ على غير هدَى !.. الشمس تسطَعُ.. والظلامُ.. فلا تُرَى... سُبلٌ... يهيم الناس في سُبلٍ ومن نفسٍ.. إلى أنفاسهم بِدَدَا... نَمْل يَعض الرمل.. يلدغ بعضه... لا حِكْمةً!... مات «سليمان» إذ غلظت عَصَامُلْك يساقُ لمن يشاءْ ! ويشاء هذا «الهدهد» حيث مشَى... حيث المشيئة في الوشايَةِ إذ وشَى لاشيءَ متضِحٌ... ولا.. شيء ملتمسٌ... غير رمادِ الروح يبرد في الحشاءْ!... برْدُ المفاصل والمَواهِبِ والدماءْ!...مُسْكرٌ هذا الدمُ... خمْرٌ البداوةِ والحضارةِ المنتقى... خمْرٌ/ دمٌ / نفطٌ / لظَى... ثالث الشعراء في السهرة كان الاستاذ مجدي بن عيسى المتحصل على الاستاذية في اللغة والآداب العربية وعضو وحدة بحث اللسانيات والنظم المعرفية المتصلة بها ومن أعماله الشعرية «احتراق الشذى» و«تقريظ الشهوة» و«نبالات مهجورة «و«مراثي القرن» و«ديوان اليومي والدوار» رواية- و«خيالات نورة المهمشة « مجدي بن عيسى كما قدمه صابر الحباشة صائد جوائز حيث سبق له ان نال جائزة ادب الشباب في تونس وجائزة مفدي زكريا في الجزائر جائزة سعاد الصباح بالكويت شارك مشاركة مشرفة في برنامج شاعر المليون قد قرأ بن عيسى « الارواح المهملة « و « باب الضنى» و«وعد الاخرس «و « مقاطع من نص الحلم «. آخر المحطات وأهمها كما قال صابر الحباشة كانت مع احد اعلام الشعر التونسي المعاصر الروائي والمترجم وهو محمد الخالدي الذي افترع له من الفنون ثلاثة. وكتب قراءة الأسفار المحترقة بغداد 1974 .وكل الذين يجيئون يحملون اسمي، بغداد 1997.والمرائي والمراقي، تونس 1997.وسيدة البيت العالي، تونس 1999. و مباهج، تونس 2001.وطن الشاعر، تونس 2003.وترجم قصائد الشبق المعطر « و«عظام الجبار». محمد الخالدي الذي يزور البحرين للمرة الاولى استهل قراءاته بافتتاحيتين مختزلتين مكثفتين ثم قرأ من مجموعة من «يدل الغريب» قصيدة «التباس» ثم خيبة مملكة الالوان ومن مجموعته الاخيرة «ديوان المدينة» ومن «المرائي المراقي» قصائد «حورية الزائر»و « الدرويش» و»ممالك» و قرأ من مجموعة «وطن الشاعر» وردة الاسرار» واختار ان ينهي السهرة بقصيد « سيدة من قرطاج» وهي أخر ما كتب.
لم تغص القاعة ولا المعرض بالحضور الذي كان نوعيا فاستمع في هدوء وانتظر على ما يبدو قصائد ثورية تمجد 14 جانفي و أخرى طافحة بالأمل والتفاؤل ولكنه وجد صورا شعرية خالية من الامل والحب والتغزل بالمرأة الجميلة هكذا قيم الدكتور عبد الله بن سالم الزهراني الاستاذ الجامعي السعودي السهرة الذي صرح «للصباح» عقب الجلسة بالتالي : « كنا كثيرا ما نسمع انه على اللغة العربية في تونس وبلدان المغرب العربي بصفة عامة خطورة ولكنني غيرت رأي، ليس هذه الليلة ولكن منذ فترة طويلة ، نحو 30 سنة تقريبا في بريطانيا عندما التقيت بزملاء تونسيين لتقويم اعوجاج السنتنا للغة الانقليزية اكتشفت هناك ان زملائي التونسيين يجيدون العربية بشكل أفضل منى فنفيت تلك التهمة عن المغرب العربي. وها نحن اليوم في هذه الأمسية التونسية باقتدار نؤكد من جديد على نفي تلك التهمة وعلى نقاء اللغة من خلال الشعراء الاربعة ويمكن ان نقول ان الغالبية منهم يجيدون اللغة العربية وانهم امتعونا الليلة بصور شعرية و تعابير مجازية واستعارات رائعة حتى وان أغرقنا في الرمزية لدرجة صعوبة المتابعة احيانا وأظن ان القصائد كانت تعبر عن فترة من الفترات التي فرضت ذاك النوع من التعابير والأحاسيس والتقية.» ولكن الدكتور عبد الله بن سالم الزهراني و رغم حرصه الشديد على التأكيد على حصول الاستفادة والمتعة لاحظ « للصباح « ان القصائد التي استمع اليها كانت في عمومها تنبض بالصور الحزينة وتحيل على الأفق المسدود وربما الاقرار بالأمر الواقع وقال : «... وربما هذا لتأثير الربيع العربي في تونس الذي لم نره يزهر بقصائد جميلة... لقد كنا نحتاج الى نوع من القصائد الغزلية والمتفائلة وان قليلا والى شيء عن توقعات المستقبل الذي نتمنى ان يكون مشرفا وجميلا لتونس.»